وزراءنا لم تكويهم " جمرة الفقر " لذلك لا يحسون بالفقراء .. بل يعتقدون أن الفقراء غير موجودين أصلا. العالم بإسره يعمل المستحيل للقضاء على الفقر، والدول الكبرى تقدم المساعدات للدول الفقيرة لنفس الغرض، لأن الفقر مصدر المشاكل وبؤر التوتر والأمراض، وهو مصدر الهجرة والحرقة ، وسبب اللاأمن وعدم الإستقرار، وموّلد الأمراض، بما فيها تلك التي صنفت في خانة النسيان. ليس هناك دولة واحدة في العالم لا يوجد بها فقراء .. بل هناك جيوب للفقراء حتى في الولاياتالمتحدةالأمريكية أعظم دولة وأعظم اقتصاد في عالم اليوم. بل حتى في السعودية ودول الخليج هناك فقراء ، يبقى فقط التمييز بين " فقراء أمريكا وفقراء السعودية وفقراء الجزائر وفقراء الصومال وجيبوتي " فهم ليسوا في نفس درجة الفقر، حيث يبدو للفقير الجزائري أن الفقير السعودي هو أغنى رجل في العالم.. ويتمنى الفقير الصومالي لو كان فقيرا جزائريا .. وقد تفاجأت عندما قرأت في صحف أمس أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله قد صرح قائلا أن الجزائر لا يوجد بها فقر، وأن الفقر الجزائري من إنتاج وسائل الإعلام. لو قالها مواطن لربما كان ذلك مفهوما أو غير مثير للجدل .. لكن ذلك جاء من وزير في الحكومة .. حكومة قررت توزيع قفة رمضان على الفقراء والمحتاجين .. حكومة قررت تقديم منحة للتلاميذ لشراء الكتب واللوازم المدرسية.. وما شابه ذلك. يوميا ترصد الصحف الجزائرية الطوابير حول قفة رمضان .. يوميا تتكلم صحف جزائرية عن الذين يأكلون من القمامة .. حتى أولائك الذين يفترض أنهم يشكلون " الطبقة الوسطى " ، أعني بهم الأساتذة والمعلمين، نقلت التقارير الصحفية وتصريحات لسياسيين جزائريين أن 40 ألف أستاذ مسجل ضمن قفة رمضان. فماذا نسمى هذا إن لم يكن فقرا ؟ إن قضاء عطلة الصيف في تونس يا معالي الوزير لا يعني عدم وجود فقراء في الجزائر .. أن 1.5 مليون سائح جزائري في تونس هم الميسورون، كما أن الأسعار في تونس هي أكثر معقولية من أسعار الجزائر. وهل يجب التذكير أن تقارير دولية تقول أن هناك نحو 8 مليون جزائري يعيشون بنحو 1 دولار في اليوم، أي 80 دينار فقط .. وأن وزير التضامن الوطني جمال ولد عباس صرح مرة أن الفقراء في الجزائر يقدرون بنحو 6 مليون فقير .. يروى عن علي بن أب طالب أنه قال : لو كان الفقر رجلا لقتلته. لكن ما يحس بالجمرة غير اللي كواتو .. فوزرائنا لا ينتظرون اجتماع " الثلاثية " لزيادة رواتبهم ..إنهم يعيبشون في المريخ الذي مكّنهم منه المنصب الوزاري.