قدم وزير الداخلية دحو ولد قابلية في تصريح للصحافة من تيندوف وصفا دقيقا لظاهرة تهريب المخدرات نحو التراب الجزائري، لما أكد بأن هذا النوع من التهريب يعتبر إرهابا لا يختلف عن الإرهاب الذي تمارسه المجموعات المسلحة التي تستهدف الجزائريين منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، ومن دون شك سيستفز هذا التصريح الخطير جارنا الغربي، وسترتفع الأصوات في مملكة أمير المؤمنين للتنديد بما جاء على لسان ولد قابلية لأن »الكيف« المغربي الذي يدخل الجزائر هو أيضا مصدر من مصادر عيش آلاف وربما ملايين المغاربة، وأي محاولة لوقف تدفقه على الجزائر ومختلف بقاع العالم يعتبر»مساسا خطيرا« في تقدير نظام المخزن طبعا، بالنظام المغربي الذي يشتري السلم الاجتماعي بإطلاق العنان لزراعة والاتجار بهذه السموم. ونفتح هنا قوسا صغيرا لنشير إلى مسألة خطيرة ربما لم يلتفت إليها الكثير من الناس، فتعاطي القنب الهندي المغربي تضاعف في الفترة الأخيرة، ويعتبر شهر رمضان فرصة للكثير من الخلق لتعاطي الحشيش المغربي اعتقادا منهم أن الله يكون أقل غضبا على الذين يستهلكون الكيف بعد الفطور ممن يستهلكون الخمور، وهذا الاعتقاد الفاسد الذي يحاول أصحابه نزع التحريم عن المخدرات هو الذي يجعل جل الجزائريين يقلعون عن شرب الخمر ويؤجلون ذلك إلى ما بعد عيد الفطر، ومنهم من يتوقف عن شرب الخمر 40 يوما قبل حلول شهر رمضان اعتقادا منه انه لا يجوز أن يصوم الإنسان قبل أن يطهر دمه من الكحول ويصبح »الكيف« هو البديل في انتظار العودة إلى الخمر. الجزائر مهددة بأن تتحول إلى بلد مستهلك للمخدرات، والسبب هو السموم التي تدخل من جارنا الغربي دون رقيب أو حسيب من الجانب الأخر من الحدود مع المملكة، فتجد الجهات المعنية بمكافحة المخدرات من جمارك ودرك وشرطة مجبرة على مضاعفة جهودها لمواجهة مافيا منظمة تمتلك كل الوسائل وتستعمل كل الأساليب وتعتمد مختلف الطرق لبلوغ أهدافها، وإقحام الجيش في مكافحة تجار المخدرات مرده إلى كون هذه المافيا كبرت أكثر مما كان الجميع يتصوره، وأصبحت علاقاتها بالإرهاب واضحة للعيان بل أصبحت تمارس نفس الأساليب التي تستعملها المجموعات الإرهابية من استعمال السلاح والقيام باغتيالات..الخ. والحقيقة أن وصف ولد قابلية تهريب المخدرات بالإرهاب الجديد الذي تواجهه الجزائر لا يرتبط فقط بتطابق الأساليب المستعملة من قبل عصابات تهريب المخدرات مع المجموعات الإرهابية، فهناك أيضا تشابه على مستوى الأهداف وعلى مستوى الآثار التي تخلفها عصابات التهريب على المجتمع وعلى امن الدول أيضا، فالمخدرات آفة خطيرة تنجم عنها عواقب وخيمة على المجتمع وعلى الصحة العمومية ولها أيضا انعكاسات مباشرة على امن المجتمع لما تخلفه من جرائم يقترفها الذين يتعاطون هذه السموم. ولما يعلن الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان عليها أنه تم حجز حوالي 78 طنا من القنب الهندي في الجزائر خلال السداسي الأول من سنة 2013 وهو رقم في ارتفاع مقارنة ب 71 طنا سجلوا خلال نفس الفترة من السنة الماضي، فهذا معناه وبكل بساطة أننا فعلا أمام حرب تدار بخبث شديد من وراء الحدود لإغراق الجزائر بالمخدرات، والمشكل أن الجهة المتهمة بإطلاق العنان لتجار المخدرات ترفض مجرد التنسيق لمواجهة المخدرات بل تحاول نفي حقيقة يعلمها الجميع الذي يعرف بان المغرب يحتل صدارة دول العالم المنتجة للقنب الهندي، ويخصص المغرب آلاف الهكتارات من أراضيه الخصبة لزراعة هذه السموم التي تصل أيضا إلى أوربا، وتؤكد الإحصائيات الرسمية أن 80 بالمائة من المخدرات التي تدخل اسبانيا وايطاليا مثلا تأتي من مملكة أمير المؤمنين.