سالم زواوي زيادة عن القناطير المقنطرة من مختلف أنواع المخدرات التي يتم حجزها يوميا عبر مختلف أنحاء الجزائر، تتواتر الأنباء هذه الأيام عن الإكتشافات المتتالية لعشرات مزارع الكيف والقنب الهندي في أنحاء مختلفة وخاصة في ولاية أدرار التي يبدو أنها تخصصت في زراعة هذه الافة.. واهتم الكثيرون بالاستثمار فيها أكثر من اهتمامهم بالإستثمار في زراعة الطماطم والخضر المبكرة التي تواجههم فيها مئات العراقيل البيروقراطية والصعوبات المالية والتقنية. إن الحديث عن اكتشاف مزارع كاملة أو مزارع داخل مزارع تضم مئات الآلاف من نبتات الأفيون والقنب الهندي والكيف في ظرف زمني قصير وفي منطقة واحدة تكثفت فيها تحقيقات مصالح الدرك الوطني، يدل على أننا تحولنا من معبر ومجرد مستهلك لهذه المخدرات إلى منتج ذي وزن كبير يوحي بوجود تواطؤات واسعة النطاق من مواقع المسؤوليات مع المهربين والمنتجين. كما يدل على ذلك فشل كل الإجراءات والأساليب المتبعة حتى الآن في مكافحة تهريب هذه السموم التي طالت تجارتها واستهلاكها كل مدن الجزائر وقراها ومداشرها بدون استثناء، ما يعني أنها عملية مبرمجة ضمن مخطط الفساد الشامل الذي سكن أوصال الجزائر ووجد أصحابه والمستفيدون منه في سنوات الأزمة وسيلة لتكريسه وتقنينه وفرضه كواقع جديد لا يمكن التخلص منه في المجالات المالية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. وإلا بماذا يمكن أن نفسر سياسة الإنهزام لدى المؤسسات المعنية والمسؤولين عن مكافحة آفة المخدرات الذين يعيدون أسباب انتشارها واستفحالها في كل مرة إلى "اليد الأجنبية" والتآمر الخارجي واتهام بعض دول الجوار بتعمد ممارسة سياسة إغراق الجزائر بالمخدرات حتى وإن كانت لهذه الدول سياسة قديمة وواضحة في استعمال هذا السلاح الفتاك ضد الجزائر. وما يزيد الأمر تعقيدا والرأي العام تضليلا في هذا الموضوع هو أن تعمد الصحافة الوطنية في سياق معالجتها للظاهرة إلى تغذية سياسة النعامة التي يمارسها المسؤولون المعنيون في تغطية فشلهم في مكافحة هذه الظاهرة الفتاكة، ومواصلة اعتبار المغرب الجار كمصر أساسي وربما وحيد لإغراق البلد في المخدرات، على الرغم من أنها أصبحت منتوجا محليا تمارس زراعته على أوسع نطاق، في حين أن الأولى من الجميع هو مباشرة الكنس أمام باب الدار أولا ثم الحديث عن المؤامرة الأجنبية.