تسير الأيام مسرعة وتمضي الليالي ولا تلوي على شيء.. بالأمس القريب كنّا نعدّ الوقت لرؤية الهلال وحلول شهر رمضان..والآن نعدّ ساعاته ليغادرنا.. من يعد ساعات الآخر؟ رمضان الكريم أم نحن؟ هل يكفي أن نتبادل الحديث بكلمات تشي بكل معنى الاستغراب والدهشة فنقول: ياه..راح رمضان..!? أم تصيبنا لوعة إذا مرّ وكنّا مقصّرين في حضرته؟ هل صُمنا رمضان صيام مودّع مثلما أمرنا معلم البشرية محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام؟ هل أصبنا أجر صيام البطن أم الجوارح والشهوات أم كلها معا؟ هل امتثلنا إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه». لقد سميت ليلة القدر لعظم قدرها وشرفها ويستحب طلبها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ) والحكمة في إخفاء ليلة القدر حتى نجتهد في التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة لأقتصر عليها قيامها والدعاء فيها عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر، ما أقول فيها؟ قال قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني. اختلف العلماء في تعيين ليلة القدر فمنهم من يرى أنها ليلة الحادي والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الثالث والعشرين، ومنهم من يرى أنها ليلة الخامس والعشرين، ومنهم من ذهب إلى أنها ليلة التاسع والعشرين، ومنهم من قال: إنها تنتقل في ليالي الوتر من العشر الأواخر ولكن اتفق أكثرهم على أنها ليلة السابع والعشرين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: " من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع والعشرين" وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها. إن فضائل شهر رمضان كثيرة ومتعددة و منها أن الله سبحانه وتعالى خصَّه بليلة كريمة مباركة هي "ليلة القدر"، ليلة هي خير من ألف شهر أي هي أفضل من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فالعبادة والطاعة فيها أفضل من الطاعة والعبادة في ألف شهر ليست فيها هذه الليلة. أي مكسب وأي ربح، أن يخرج المرء في ليلة واحدة مغفور الذنوب مكفَّر السيئات، هل كثير على الإنسان أن يتعب بعض الليالي لربه عشر أو تسع إذا كان رمضان تسعا وعشرين يومًا.. مضى كل شيء مسرعا ولا تبقى إلاّ الأعمال مكتوبة ومحضرة.. عفوك يا الله..فلا مفرّ منك إلاّ إليك..