مِن، متى يتفق المسلمون على رؤية هلال رمضان إلى: متى يتفق الجزائريون؟؟ يأتي رمضان كل موسم ويذهب... تترقب الوزارة هلال رمضان تؤكد أو تنفي ثبوت رؤيته... يطل علماء في الفلك... يشككون... يتساؤل الجزائريون في السعودية صاموا... هل أكلنا يوما من رمضان؟...الشروق، تنشر كواليس ليالي الترقب لهلال رمضان؟. * * جزائريون يصومون لثبوت رؤية هلال السعودية حتى وإن لم تثبت رؤيته في الجزائر * * ينتظر الجزائريون بيان وزارة الشؤون الدينية، لا للإعلان عن أول أيام شهر رمضان الكريم بل لمعرفة ليلة التحري بحد ذاتها، إشكالية جديدة تطرح حول زمن وتوقيت الجزائريين، ففي الوقت الذي خرج فيه بوناطيرو على غير خرجاته السابقة، مؤكدا أن ليلة التحري لهذا الموسم ستكون يوم الأحد القادم، أي بتاريخ 31 من شهر سبتمبر، قائلا في تصريح للشروق اليومي إن ليلة التاسع والعشرين فلكيا ستكون بتاريخ 31 من الشهر الحالي الموافق ليوم الأحد القادم، تقول جهات رسمية إن ليلة التحري ستكون بتاريخ يوم السبت القادم الموافق للثلاثين من شهر أوت. * هذا الاختلاف ولد جزءاً من انشقاق الجزائريين وتشكيكهم حتى في هلال وزارة الشؤون الدينية، جزائريون لم يعد يهمهم اليوم ليلة متابعة ليلة »الشك« عبر التلفزيون الجزائري بعد أن عمدوا إلى سياسة جديدة تتمثل في تتبع أثر هلال رمضان المملكة السعودية... وهي ظاهرة تولدت في السنتين الأخيرتين، لاسيما بالنسبة للتيار السلفي في الجزائر، الحجة في ذلك توحيد الأمة الإسلامية في صيام الشهر الفضيل؛ موقف يقول عنه البعض إنه يرمي إلى ضرورة توحيد الدول الإسلامية والعربية في ثبوت رؤية هلال رمضان، مادام هذا الشهر الكريم يوحّدهم في الصيام فكيف لا يتوحدون بدورهم في ليلة التحري؟ * وبين بيانات وزارة الشؤون الدينية وتنبؤات علماء الفلك، تتجدد مع كل رمضان إشاعة »إفطار« الجزائريين ليوم من رمضان لتعود إلى الأذهان أنه سبق للشعب الجزائري وأن أفطر سنوات بداية التسعينيات من القرن الماضي... إشاعة تفنّدها الجهات المسؤولة وتضعها في خانة »غير المعقول«، لكن البعض يؤكد أنه سبق لهلال الجزائريين وأن تسيّس هو الآخر. * * ولاية الوادي السبّاقة دوما لرؤيته * هكذا يترقب الجزائريون هلال رمضان؟ * * ليلة تحري هلال رمضان أم ليلة الاستطلاع أو ليلة الشك أو حتى ليلة الرؤية... هي مسميات لليلة واحدة... ليلة ليست ككل ليالي السنة... ففيها فقط تشرئبّ أعناق مليار مسلم نحو السماء لتترقب مولد هلال شهر رمضان... ليلة ترقب وترصد واختلاف... ولكنها أيضا ليلة للفرح والاستبشار خيرا بقدوم شهر الرحمة والغفران... لكن كيف يترقب الجزائريون هلال رمضان؟... هل وفق الرؤية العينية أم الحسابات الفلكية أم المتغيرات السياسية...؟ * لمعرفة آلية رصد هلال رمضان بالجزائر، اتصلنا باللجنة الوطنية لرصد الأهلّة بوزارة الشؤون الدينية التي كشفت لنا عن إشراك المرصد الوطني للفلك في عملية ترقب هلال رمضان، حيث يحضر المرصد تقريرا فلكيا مفصلا يوضح فيه إمكانية رؤية الهلال في ليلة استطلاعه وفق الحسابات والنظريات الفلكية، بالإضافة لتفصيل حالة الجو والطقس في تلك الليلة ليدرس ويمحص التقرير الفلكي من قبل اللجنة التي تأخذ محتواه بعين الاعتبار ولكن مع إبقاء شرط الرؤية العينية بالعين المجرّدة من قبل اللجان الولائية لرصد الأهلة، حيث لا تقر اللجنة رؤية هلال رمضان وبداية شهر الصيام إلا باقتران ثبوت الرؤية بالحسابات الفلكية وثبوت الرؤية بالعين المجردة من قبل أي لجنة فرعية على مستوى التراب الوطني التي تعتبر شرطا شرعيا لإثبات هلال رمضان. فالرؤية بالحسابات الفلكية تبقى شكا بمنطق اللجنة الوطنية لرصد الأهلة يُثبتُ ويصبح يقينا بالرؤية العينية... فضولنا الإعلامي دفعنا لاكتشاف اللجان الولائية لرصد الأهلة... من أعضائها، كيف يتم انتقاؤهم وكيف يترقبون الهلال...؟؟ * * * أربعة شهود وشاهد الهلال وإمام المنطقة لثبوت الرؤية * * اللجان الولائية لرصد الأهلة هي لجان فرعية للجنة الوطنية لرصد الأهلة والتي مقرها بوزارة الشؤون الدينية. وتتواجد هذه اللجان الفرعية على مستوى ال48 ولاية عبر كامل التراب الوطني وتتكون كل لجنة ولائية من ممثل المديرية الولائية للشؤون الدينية وعدد من الأئمة وأعيان المنطقة، كما تقبل اللجان الولائية شهادة الأفراد المتطوعين بعد إثبات صحتها برؤية الهلال من قبل أحد أعضاء اللجنة الولائية بالتنقل إلى المكان الذي رأى منه الشخص الشاهد الهلال، بالإضافة إلى تحقق اللجنة من هوية الشخص الشاهد وعدله. * ويشترط في شاهد هلال رمضان أن يصطحب معه أربعة شهود والتوجه لإمام المنطقة ليكتمل العدد 06 وهي الشروط التي تشترطها لجنة رصد الأهلة. وفور ثبوت الرؤية في الولاية من قبل اللجنة تبرق الخبر للجنة الوطنية مع محضر ثبوت الرؤية التي بدورها تعيد الاتصال باللجنة الولائية وتنتظر ثبوت الرؤية في الولايات الأخرى إلى أن ينتهي المجال الزمني الذي يمكن فيه رؤية الهلال والمقدر بساعة وعشرين دقيقة إلى ساعة وثلاثين دقيقة على أكثر حد، حيث يبدأ ترصد وترقب الهلال من الساعة السابعة إلا ربع أو السابعة مساء حسب المناطق وتوقيتها المحلي إلى الثامنة وعشرين دقيقة أو الثامنة وثلاثين دقيقة مساء حسب التوقيت المحلي، كما أن اختيار المواقع الملائمة لرؤية الهلال هي أحد أهم شروط اللجنة والتي تساعد في التحري لرؤيته، حيث سجلت أعلى نسب ثبوت الرؤية بولايات الجنوب الجزائري لصفاء الجو بها وفي مقدمتها مدينة الوادي. * أما في حال خلو جميع محاضر اللجان الولائية من ثبوت الرؤية وتأكيد استحالة رؤية هلال رمضان، فإن اللجنة الوطنية وبعد اتصالات مباشرة مع جميع اللجان الفرعية لتأكيد استحالة الرؤية تعلن إتمام عدّة شعبان. * * لكن... للفلكيين كلمة * * من جهته أوضح الدكتور سغواني، رئيس قسم الفلك والفيزياء الفلكية بالمرصد الوطني للفلك ببوزريعة، أن هناك شروط وعوامل فلكية يجب توافرها حتى يمكن رؤية الهلال وأهمها هو أن تغرب الشمس قبل القمر لإمكانية رؤيته، مع ضرورة مكوث القمر لمدة زمنية معينة كافية بعد غروب الشمس وببعدٍ كاف عن الأفق، فضلا عن ضرورة حدوث عملية اقتران الشمس والقمر قبل أكثر من 12 ساعة من غروب الشمس، مؤكدا أن هذه المعطيات حول وضعية القمر والشمس ليوم وليلة التحري التي يتم رصدها وحسابها فلكيا لتقدم في شكل تقرير مفصل للجنة الوطنية لرصد الأهلة بوزارة الشؤون الدينية. * وعن عدم توافق الرؤية العينية مع الحساب الفلكي في حال إقرار الحسابات الفلكية لإمكانية رؤية الهلال واذا لم تتمكن لجنة رصد الأهلة من رؤيته، أفاد الدكتور سغواني أن عدم قدرة رؤية العين المجردة للهلال مع ثبوت رؤيته فلكيا، يعود عادة لحالة الطقس والجو الغائم الذي حال دون رؤيته بالعين. وحسب اللجنة الوطنية لرصد الأهلة، لا يؤخذ بالحسابات الفلكية إن لم تثبت الرؤية العينية »وإن غمّ عليكم فأكملوا العدة«. * * * الشيخ »شيبان« للشروق: * »رؤية هلال رمضان بالعين المجردة شرط يجب توفره...« * * أوضح الشيخ شيبان، رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ضرورة اقتران الرؤية بالحسابات الفلكية التي يقدمها المرصد الوطني للفلك والرؤية بالعين المجردة، إذ يستحيل رؤية الهلال ما أقرت الحسابات الفلكية عدم إمكانية رؤية الهلال ليلة الشك لغروب القمر قبل الشمس أو لأسباب فلكية أخرى مضبوطة. * ويضيف الشيخ شيبان: »إن أفادت التقارير الفلكية بإمكانية رؤية الهلال نحتكم عندها للرؤية العينية بالعين المجردة فإن ثبت رؤية الهلال من قبل لجان رصد الأهلة ليلة الشك وتطابقت الرؤية الفلكية مع الرؤية العينية فإنه يمكن إعلان ثبوت رؤية هلال رمضان، وفي حال لم تثبت الرؤية العينية أي لم ير الهلال بالعين المجردة في أي نقطة من التراب الوطني مع إقرار المرصد الوطني للفلك بإمكانية الرؤية فإنه لا تثبت الرؤية ويعلن عدم ثبوت الرؤية واستحالتها ووجوب إتمام عدة شهر شعبان لأن الرؤية العينية شرط شرعي معمول به في لجنة رصد الأهلة بالجزائر...« * * * الصحافي فؤاد أحمد مسوس منشط حصة لجنة الأهلة منذ 94 يكشف للشروق: * »هكذا يولد الهلال ليلة الشك« * * * يتحدث الصحافي بالتلفزيون الجزائري، فؤاد أحمد مسوس، عن تجربته في تنشيط البرنامج الخاص برصد هلال رمضان والذي يبث على المباشر، عن كواليس رصد الهلال وكيف اقترن اسمه عند الجزائريين بهلال رمضان؟. * فؤاد أحمد مسوس وجه صحافي ارتبط اسمه بليلة الشك... كيف كان ذلك؟ * والله العظيم بمحض الصدفة، لا أزال أذكر اليوم الذي اختارني فيه مدير الإنتاج بالتلفزيون عام 1994 لتنشيط حصة لجنة الأهلة ووافقت على ذلك. * هل تم اختيارك لمواصفات معينة؟ * ربما.. فمن مميّزات تنشيط مثل هذا النوع من البرامج فصاحة اللسان واللغة العربية... كما أنه كان معروفا عني إلمامي بالمعلومات الدينية رغم أن تخصصي في الجامعة هو الحقوق. * كيف كانت أول حصة نشطتها عن ليلة التحري وهل ثبتت رؤية هلاله في ذلك التاريخ؟ * في عام 1994 نشطت أول حصة ليلة التحري لاتزال راسخة بذهني جيدا... لأنها تزامنت وآلام الجزائريين. فترة مرة عشناها... أذكر أن يومها تزامن وانفجار قنبلة عميروش... كان حدثا رهيبا أن يستقبل الجزائريون شهر رمضان على صوت القنابل... مع ذلك أدينا واجبنا وثبتت في ذلك اليوم رؤية هلال رمضان. * حدثنا فؤاد عن خبايا التلفزيون وكيف يتم متابعة رصد الهلال؟ * لابد أن يعرف القارئ أن مهمتي هي التنشيط ومحاورة الضيوف... لكن من ورائي تقف 48 لجنة ولائية لرصد الهلال متابعة من اللجنة الوطنية في العاصمة وهي التي تشرف عليها وزارة الشؤون الدينية. عمل اللجنة يخضع لشروط أساسية وعلى رأسها ضرورة ثبوت رؤية الهلال من طرف شخص ما واصطحابه لأربعة شهود لمشاهدتهم الهلال وهؤلاء لابد من توفر صفة العدول فيهم، وليس هذا فحسب بل لابد أن يكون إمام المنطقة التي شوهد فيها الهلال هو الآخر على علم به، ثم يتم الاتصال باللجنة الولائية، والتي ترسل بدورها تقريرها إلى اللجنة الوطنية والتي تعمل بشكل مباشر عبر التلفزيون الجزائري تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية. * * أحمد مسوس يتحدث الجزائريون كثيرا عن إشاعة إفطارهم ليوم من رمضان بمجرد الاختلاف مع رؤية هلال المملكة السعودية... هل هذه الإشاعة لها دور داخل التلفزيون؟. * * من المستحيل في كل الحصص التي نشطتها أبدا لم تتغلغل هذه الإشاعة داخل التلفزيون، فهناك لجان ولائية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن نطلع الجزائريين على أن رمضان ليس غدا وتكون قد وصلتنا تقارير ولائية تثبت رؤية الهلال. * * ارتبط اسمك وملامح وجهك بالإضافة إلى الضيوف بليلة الشك.. حدثنا قليلا عما يحدث من كواليس داخل لجنة الأهلة؟. * * والله أجد سعادة لا توصف وكل الجزائريين ينتظرون البيان الذي أتلوه أنا لإخبارهم بثبوت أو نفي رؤية هلال رمضان، وربما الشيئ الجميل حلاوة استقبال تلك الليلة مع وجوه ألفها الجزائريون كفضيلة الشيخ عبد الرحمان الجيلالي الذي نتمنّى له الشفاء العاجل ونتمنى أن يشاركنا ليلة هذا الموسم وتنشيطها. * * وماذا تذكر عن واقعة طريفة حدثت لك ورصد هلال رمضان؟. * * من أغرب ما حدث لي شخصيا أنه في ليلة التحري لعام 2006 كنت قد أعلنت من مسجد باريس أنه لم تثبت رؤية هلال رمضان طبعا وفق عمل اللجان الولائية... وذهبت إلى بيتي في باريس وعندما دخلت على أهلي وجدتهم يتأهبون للسحور لأن رمضان غدا... وما كان عليّ بصفتي رب العائلة إلى الصيام مع أهلي. * * ولماذا حدث الاختلاف؟ * * لأنه في فرنسا يجد المهاجرون صعوبة كبيرة في رصد هلال رمضان، فمثلا بعض المهاجرين يتبعون دولهم... فيما مسجد باريس يعمل وفق لجنة لرصد الهلال من هناك وهو الاختلاف الذي يؤدي إلى اختلاف أول أيام الصيام. * * لديك كلمة أخيرة؟ * * أشكر جزيل الشكر جريدة الشروق اليومي التي تعتبر تجربة رائدة في الصحافة المكتوبة وشخصيا أعتبر الشروق إلى جانب زميلتها الخبر أنموذجا إعلاميا في الصحافة المكتوبة... كما أشكر الدكتور أوصديق على المجهودات الجبارة التي يقوم بها في مجال حقوق الإنسان ولا أنسى المؤسسة التلفزيونية التي أنتمي إليها، التلفزيون الجزائري، وحرصه الدائم على خدمة الجزائري... وأتمنى بالمناسبة رمضانا كريما لكل الجزائريين والأمة الإسلامية.