لا يمكن لأي متتبع للشأن الإعلامي إن إقليميا أو دوليا، أن ينكر فضل تجربة الصحافة الجزائرية الرائدة التي ولدت من رحم الأزمة التي خلفت أكثر من عشرية دموية، وبقدر ما كان المصاب جللا بقدر ما قطعت الصحافة الجزائرية شوطا هائلا في طريق حرية التعبير وحرية الصحافة حتى أضحت مثالا للجرأة والتحليل ولعب دور توجيه الرأي العام الوطني والتأثير لدى الدول الشقيقة. يعتبر فتح مجال السمعي البصري أمام الخواص حلقة جديدة في مسار الإصلاحات التي أقرها رئيس الجمهورية منذ خطابه يوم 15 أفريل ,2011 حيث كان أحد أهم المطالب التي نادى بها المهتمون بالشأن الإعلامي، منذ أن مسّ الانفتاح »الصحافة المكتوبة« قبل أكثر من عشرين سنة. غير أن التحدي الكبير الذي يواجهه المعنيون والسلطات العمومية على حد سواء حول الإضافة التي ستقدمها القنوات الخاصة ونوعية البرامج التي ستقدمها للمجتمع بجميع شرائحه، وهل ستكون ذات جودة بما يسمح لها أن تنافس هذا الكم الهائل من القنوات العربية والعالمية؟. ويمكن اعتبار هذا الانفتاح الإعلامي المتواصل، رغم القراءات المختلفة والصادرة بشأنه من هنا وهناك، خطوة جديدة نحو تكريس التجربة الإعلامية بالجزائر، والتي خصّها رئيس الجمهورية بيوم وطني للصحافة، حيث ظهرت بوادر إعلام سمعي بصري منفتح قبل أن يصادق البرلمان على المشروع المتعلق به، وذلك في صورة أكثر من قناة ظهرت مؤخرا، والتي أثبتت أن الصحافي الجزائري يملك من قوة الطرح والتمكن من المواضيع التي تهم الجزائريين، فضلا عن قدرته على التحليل، ما يؤهله لفرض نفسه في الساحة الإعلامية العربية والدولية. ومن هذا المنطلق فإن المصادقة على مشروع قانون السمعي البصري سيعطي دفعا آخر لتطوير القطاع نحو بث برامج ذات جودة ونوعية تصل إلى مختلف أطياف المجتمع، حيث سيكون أصحاب القنوات السمعية البصرية الخاصة التي ستظهر مستقبلا أمام فرصة إزاحة الصورة القاتمة التي نقلتها قنوات أجنبية عن الجزائر خاصة خلال العشرية السوداء، وكذا وفق تنافسية نظيفة، الحكم فيها »المشاهد والمستمع الجزائري« وتضبطها »سلطة ضبط السمعي البصري«. في هذا الصدد تشكل سلطة الضبط أحد أهم ركائز مشروع قانون السمعي البصري الذي صادق عليه آخر مجلس للوزراء برئاسة رئيس الجمهورية قبل عرضه على البرلمان بغرفتيه قريبا، حيث تم تحديد صلاحيات سلطة »الضبط السمعي البصري« في مجال المراقبة والاستشارة والنزاعات. وقد أوكلت لهذه السلطة التي عين أعضاؤها التسعة بمرسوم رئاسي وتكون مهمتها تنفيذ الإجراء المتعلق بمنح الرخصة، وذلك وفقا للمادة 21 من المشروع بعد دراسة ملف المترشحين من قبل هذه السلطة، حيث تتضمن هذه الدراسة الاستماع العلني للمترشحين الذين استوفوا الشروط حسب المادة ال .24وفي خضم هذا الحراك الإعلامي الذي تشهده الجزائر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هل واكب قطاع السمعي البصري هذا الرقي في الصحافة المكتوبة؟ طبعا لا، لكن بفتح المجال أمام الخواص لخوض التجربة الجديدة، سيكون للإعلام السمعي البصري دور بارز في صناعة الرأي والرأي الآخر.