أعداد كبيرة من المؤسسات التربوية تعاني من انعدام أجهزة التدفئة شتاء، والتبريد صيفا، رغم أننا كنا استمعنا إلى تصريحات متلاحقة في هذا الخصوص من مسؤولي وزارة التربية، تتعهد فيها في كل مرة بتوفير أجهزة التدفئة شتاء، والتبريد صيفا بين مؤسسات الجنوب ومؤسسات الشمال، إلا أن أغلب هذه الوعود لم تجد طريقها إلى التجسيد على أرض الواقع، وفي كل الأحوال تلاميذ الابتدائي، وتحديدا في المناطق الجنوبية والداخلية الفقيرة والمعزولة هم الأكثر معاناة من غيرهم صيفا وشتاء. رغم أن وزارة التربية كانت ومازالت تحرص دوما على توفير أكبر عدد من أجهزة التسخين والتدفئة بالهياكل والمؤسسات التربوية، عبر تراب الوطن، وتسعى للمتابعة بالصيانة لبعضها، إلا أن »الريثم« الذي تسير به غير كاف حتى الآن، ولم يقدر على تغطية كافة الاحتياجات في هذا المجال، وهذا ما هو حاصل على أرض الواقع، بحيث نرى أن أعدادا كبيرة من المؤسسات التربوية لا تتوفر على تدفئة كاملة، وبعضها تنعدم فيه أجهزة التدفئة، وهذه الظاهرة هي عامة ومتماثلة بين تلاميذ الجنوب وتلاميذ الشمال، فإما أن تجد بها تدفئة ناقصة، وإما منعدمة نهائيا، أو أن أجهزتها معطلة، وتظل كذلك لسنوات، نظرا لانعدام الاهتمام بمسألة الصيانة، سواء تلك المتعلقة بأجهزة التدفئة، أو تلك التي تتعلق بالهياكل التربوية ولواحقها بشكل عام. وما يجب الإشارة إليه أن هذه الوضعية غير الطبيعية تعيشها المؤسسات التربوية في كل الولايات بدرجات متفاوتة، وبما فيها مؤسسات الجزائر العاصمة، التي أُدير حولها مؤخرا نقاش في حصة إذاعية بالقناة الأولى، واعترف فيها محمد الطاهر ديلمي، رئيس اللجنة الولائية للتربية والتعليم العالي والمهني بالعاصمة أن مؤسسات العاصمة هي الأخرى تعاني في هذا الجانب، وكان كلامه مركزا حول المدارس الابتدائية، التي قال عنها أن هذه المدارس تابعة من حيث التسيير الهيكلي والمالي للبلديات، وقسّم هذه البلديات إلى ثلاثة أ صناف: غنية، فقيرة، ومتوسطة، موضحا أن والي العاصمة عبد القادر زوخ قرر معالجة هذا المشكل الحاصل،عن طريق تكفل ولايتة نفسها بالبلديات الفقيرة، ونعتقد أن الأمر هنا لا يتوقف عند التدفئة فقط، بل يتّسع ليشمل جوانب التكييف والتهيئة والصيانة والمراحيض وغيرها. وقال المسؤول الولائي في التربية أن القضية المركزية في مشكل التدفئة هي أصلا مع مؤسسة »سونلغاز«، وأن الوالي قد تعهد بالتدخل شخصيا لحل إشكالات هذا الأمر مع هذه المؤسسة، وعليه في هذه الحالة أن يتخذ قرارات جريئة أمام هذا الوضع لا يسعنا أن نقول: إذا كان هذا هو الحال بالنسبة لولاية العاصمة، التي هي الولاية الأولى، الأكثر حظا، والأكثر ميزانية، والأكثر قربا من أهل الحل والربط ، فكيف سيكون عليه حال البلديات الفقيرة والنائية والمعزولة في الولايات التي تحمل نفس هذه المواصفات ياتُرى؟. من دون انتظار أي جواب، نقابات القطاع والعاملون فيه يُؤكدون أن تلاميذ ولايات الجنوب والولايات الداخلية الفقيرة، النائية والمعزولة هم الأكثر معاناة من برد فصل الشتاء، وبصفة استثنائية تلاميذ الجنوب هم أكثر التلاميذ معاناة من حرارة الجو في فصل الصيف، ولاسيما في الشهرين الأخيرين من الموسم الدراسي، اللذين هما شهري ماي وجوان، وقد سبق لنقابات اتحاد عمال التربية والتكوين، و»كناباست« و »سناباست« أن دعت إلى ضرورة الاهتمام بمسالتي التدفئة شتاء، والتهوية صيفا بولايات الجنوب، وكان الوزير السابق أبو بكر بن بوزيد قد أعطى وعودا كبيرة في اتجاه تعميم هذين الأمرين على كافة المؤسسات التربوية بولايات الجنوب، وقطع شوطا معتبرا فيها، إلا أن ظروف المؤسسات في حد ذاتها حالت دون ذلك، ولاسيما منها المدارس الابتدائية التي هي متواجدة في ولايات فقيرة، وتابعة أصلا في هيكلتها وتسييرها المالي إما لبلديات فقيرة، وفقيرة جدا ، وإما لبلديات تعيش على مدار السنوات صراعات مصلحية وأنانيات ضيقة، ولا أخلاقية بين تشكيلات أعضائها المنتخبين.