رغم التعليمات الصارمة التي قدّمها وزير التربية أبوبكر بن بوزيد ورغم الأموال الباهظة التي سطّرتها وزارة التربية للقضاء عليه،ورغم الآثار السلبية التي يسبّبها؛ صحية كانت أو تحصيلية، لايزال مشكل التدفئة في المؤسسات التربوية سائدا في أغلب ابتدائيات ومتوسطات وثانويات ولاية الشلف، في ظل غياب لجان مراقبة الأوضاع الداخلية عن المدارس، والتي من المفترض أن تقف على مدى جاهزية هذه المؤسسات وملاءمتها لاستقبال التلاميذ. ومن بين هذه المؤسسات ثانوية «محمد الدايكرة» وسط تنس بولاية الشلف؛ إحدى أهم وأقدم الثانويات بولاية الشلف، افتقدت لسنوات عدة التدفئة، ولاتزال تفتقدها، حيث يعاني تلاميذ هذه الثانوية معاناة شديدة بداية كل فصل شتاء؛ بقضائهم ساعات الدراسة تحت درجات حرارة منخفضة، خاصة في الأيام الباردة، التي تتحول فيها الأقسام إلى شبه ثلاجات! ورغم وجود أجهزة التدفئة في هذه الثانوية سواء في الأقسام أو المطعم أو غيرهما إلا أنها تعرف تهميشا ولامبالاة من إدارة المؤسسة؛ فهي لا تعمل منذ سنوات عدة أو بالأحرى لم تجد من يصلحها منذ سنوات. ولم تجد النداءات المتكررة لأولياء التلاميذ والشكاوي المتتالية للتلاميذ وحتى الأساتذة بضرورة اتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لحل مشكل التدفئة المسجَّل على مستوى هذه المؤسسة، آذانا صاغية؛ فبقيت هذه الأجهزة على حالها لتتواصل معاناة التلاميذ والأساتذة على حد سواء، دون أن يجد هؤلاء من يهتم بسلامتهم وتحصيلهم العلمي؛ باعتبار غياب التدفئة يؤثر لا محالة على قدرة التلاميذ في استيعاب الدروس وعلى الأساتذة في الشرح، وبالتالي يتأثر التحصيل العلمي العام للطالب، ناهيك عن الآثار الصحية المباشرة وغير المباشرة التي يسببها البقاء لساعات في الأقسام الباردة التي تفتقد للتدفئة. وإذا كانت هذه حال التلاميذ والأساتذة صباحا فإن معاناة تلاميذ النظام الداخلي بذات المؤسسة ليلا أشد سوءا؛ فهؤلاء التلاميذ يعودون إلى قاعات الدراسة على الساعة الخامسة والنصف حتى السابعة، ثم يعودون إلى الأقسام على التاسعة مساء وإلى غاية العاشرة للمراجعة، حيث يدفع هؤلاء التلاميذ والذين ينحدرون من مناطق نائية، الثمن غاليا، ويعانون من برودة الطقس أيّما معاناة في وقت يتنعم فيه زملاؤهم بالدفء في بيوتهم، وفي وقت تنسى الإدارة هموم هذه الفئة من تلاميذها. وبعد انتهائهم من المراجعة تكون قواهم قد خارت، حيث يسارعون إلى الذهاب إلى المرقد الذي لا يختلف كثيرا عن القسم؛ فلا تدفئة فيه ولا ماء ساخنا به، والأمرّ من ذلك أن لا مرشة به، ورغم كل هذه المشاكل تبقى الإدارة غائبة تماما عن همومهم، والاستجابة لمطالب تلاميذها الذين عبّروا لأكثر من مرة عن غضبهم من تنصّل المسؤولين بالمؤسسة عن مسؤولياتهم واللامبالاة تجاههم بإضرابات عن الدراسة وعن الطعام لكن دون أن تتأتي بجديد، لينعكس كل ذلك على تحصيل هؤلاء الطلبة وعلى سلامتهم الصحية، ويؤثر حتى على نفسياتهم التي انهارت بسبب ما يعيشونه نهارا وما يتجرعونه ليلا.