قرّر الجنود الاحتياطيون ضحايا حوادث العمل خلال تأدية الخدمة الوطنية، العودة من جديد إلى العاصمة ولكن هذه المرة للاعتصام أمام رئاسة الجمهورية والاستنجاد مباشرة بالرئيس بوتفليقة قصد التدخل بما يشفع لهم الحصول على حقوقهم، يأتي ذلك بعد عشرة أيام فقط عن اعتصام مماثل قام به هؤلاء أمام قصر الحكومة لم يثمر بأية نتائج رغم وعود رئيس ديوان الوزير الأول بالنظر في انشغالاتهم. كان للاعتصام الذي نظمه معطوبو الخدمة الوطنية نهاية شهر سبتمبر المنقضي أمام قصر الحكومة تداعيات إيجابية على صعيد التجنيد الحاصل داخل هذه الفئة، فرغم أن عدد المحتجين لم يكن حينها في المستوى الذين يمكن أن يسمع انشغالاتهم إلى السلطات المعنية فإنه في النهاية لم يحرم المجموعة التي قرّرت اللجوء إلى الاحتجاج من جمع التأييد وحشد العشرات من الشباب الذين أصيبوا بإعاقات متفاوتة بعد أن بترت سيقانهم وأيديهم وحتى إصاباتهم بعاهات جسدية خلال فترة تأدية الخدمة الوطنية. وبحسب ما أكده نبيل بخوش الذي تم تفويضه ليكون الناطق الرسمي باسم الجنود الاحتياطيين ضحايا حوادث العمل، فإن السبب المباشر الذي دفعهم إلى اللجوء إلى رئاسة الجمهورية هو قناعتهم بأنها الجهة الوحيدة التي يمكن أن تجد حلال لوضعيتهم التي وصفها ب »المأساوية« بالإضافة إلى كون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يشغل منصب وزير الدفاع القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأشار بخوش في اتصال مع »صوت الأحرار« إلى أن الاعتصام الأول توّج بالحديث مع رئيس ديوان الوزير الأول الذي التزم حينها بنقل مطالبهم إلى أحمد أويحيى، لكن محدثنا أوضح في المقابل بأنه لا يمكن الانتظار أكثر لسماع رد الحكومة بشأنه مطالبهم على أساس أن الأمر لا يقبل التعطيل ماداموا يشعرون بأنهم لم يحصلوا على حقوقهم التي يستحقونها نظير ما قدّموه من تضحيات لخدمة هذا الوطن. وتساءل الناطق الرسمي باسم الجنود الاحتياطيين ضحايا حوادث العمل بقوله: »كيف يمكن لي وأنا شاب في مقتبل العمر أن أفكر في الزواج وأنا لا أتقاضى سوى أقل من 3 آلاف دينار؟« سؤال اعتبره أكثر من محيّر، مؤكدا أنه يشعر بخيبة أمل كبيرة عندما يفكّر في هذا الأمر خصوصا بعد الإجراءات التي استفاد منها الجنود الاحتياطيون ضحايا الإرهاب ضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2009، قبل أن يضيف بكثير من الحسرة والألم: »على كل نحن سنواصل احتجاجنا بطريقة نظامية حتى تلتفت السلطات العليا في البلاد إلينا وتعاملنا بمثل ما نستحق لأن ما نطالب به يعتبر في الأخير حقّا مشروعا..«. وكشف نبيل بخوش في السياق ذاته أن التحضير لاعتصام الثلاثاء المقبل يسير بشكل جيد خاصة من خلال الاتصالات التي تلقّاها من ضحايا حوادث العمل من عدة ولايات من الوطن، وهو الأمر الذي يفسّر على حد تقديره النجاح الذي لقيه الاعتصام الأول بقصر الحكومة، كما دعا بالمناسبة كل المعطوبين أثناء تأدية الخدمة الوطنية إلى الالتحاق بهم الأسبوع القادم حتى يكون الاحتجاج أكثر فاعلية. ولا يطالب الجنود الاحتياطيون ضحايا حوادث العمل سوى بمنحة تقاعد تضمن لهم العيش الكريم وتحفظهم من التسوّل وتمكّنهم من تجاوز المحنة النفسية التي لا يزالون يعيشون تداعياتها حتى الآن خاصة بعد الإعاقة التي لحقت بأغلبهم، كما أنهم يرفعون نداء إلى رئيس الجمهورية من أجل إنصافهم على الأقل بمنحهم مناصب عمل تساير قدراتهم الجسدية.