يُنتظر أن تلتقي وزيرة التربية الجديدة نورية بن غبريط بنقابات القطاع يوم السبت القادم في لقاء جاد، ولاشك أنها ستُحاول تصحيح سوء الفهم الذي بالغت وهوّلت فيه بعض الصحف، وستجنح نحو تلطيف الجو معها، والانطلاق من ثقة متبادلة، ، من أجل تجاوز حالة الانزعاج ، التي تسببت فيها تصريحاتها الأولى، التي قدمت فيها النصح للنقابات من قاعة أول نشاط رسمي لها ب » أن لا يصبّوا الزيت على النار «، وأن »يدعوها وشأنها مع معركة نوعية التعليم«، وأن »لا يلهوها بالإضرابات«. وعكس ما كانت تتوقع الوزيرة الجديدة، انهالت عليها ردود الفعل النقابية بحالة كبيرة من عدم الترحيب، والتمسك أكثر بالمطالب، وبما فيها استخدام الإضراب حين تُلزمها الحاجة إلى ذلك. يبدو ممّا هو حاصل أن الحالة الاندفاعية، الاستباقية، بعض الشيء، وشبه الهجومية التي بادرت بها وزيرة التربية الوطنية الجديدة نورية بن غبريط في تصريحاتها الأولى إزاء نقابات القطاع قد تسببت في حالة من الانزعاج وعدم الارتياح والرفض لدى النقابيين وعمال القطاع، وأحيت في ذات الوقت في نفوسهم حالة من القلق والارتياب والشك الذي واكبهم مع باقي الوزراء الآخرين، السابقين. وعلى عكس ما كانت تأمل فيه الوزيرة الجديدة من هذه التصريحات، أظهرت لها النقابات نوعا من عدم الرضا، ونصحتها بالتريث والتمهل، وتجنب التسرّع في تقييم الأوضاع، والجهر بالمواقف بناء على أحكام مسبقة، ربّما مبنية على آراء آخرين من مساعديها، قد لا تكون بالضرورة تُعبر بصدق عن مواقفها الحقيقية، وهذه هي القناعة الموجودة لدى النقابات التمثيلية الفاعلة في القطاع: الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني الموسع، النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، ومجلس ثانويات الجزائر، جميعها قالت وتقول للوزيرة الجديدة: »تمهلي واطلعي جيدا على ملفاتنا المشتركة الموقعة مع الوزارة فهي تتضمن كل ما نطالب به مهنيا واجتماعيا، وقد تضمنتها آخر المحاضر المشتركة الموقعة مع آخر وزير للتربية عبد اللطيف بابا أحمد، ومع الوظيفة العمومية التي قرّبنا إليها بصفة جادة محمد الغازي الوزير لدى الوزير الأول عبد المالك سلال، وبأمر من هذا الأخير«. هذا هو موقف كل النقابات تقريبا، الذي يبدو أن الوزيرة الجديدة تعتزم تبديده في اللقاء المرتقب ليوم السبت القادم، وقد عبر عن هذا الموقف بدقة العضو القيادي في نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين مسعود عمراوي، في رده على تصريحات الوزيرة التي نصحت فيها النقابات ب »عدم صبّ الزيت على النار وقد قال لها: » لسنا من هواة الإضرابات، نحن نقابة ولدينا محاضر مشتركة مع وزارة التربية الوطنية، والمديرية العامة للوظيفة العمومية وبرعاية الوزير الأول الذي جُدد ت فيه الثقة ، وهذه المحاضر المختومة بختم الدولة الجزائرية بحاجة إلى التجسيد الحرفي والعملي لما تم الاتفاق عليه من خلال مراسلتها لمديريات التربية لتوحيد الفهم والتطبيق ، وهذا هو المحك بيننا وبين السيدة الوزيرة ، وإن عملت من أجل تحقيق ذلك سنطمئنها بأننا نضمن استقرار القطاع، وتمدرس أبنائنا في ظروف جيد ة، وسنرفع التحدي من أجل تعليم جيد وذي نوعية«. ومن غير ذلك يضيف عمراوي: » سنبقى اليوم وغدا نعمل جاهدين من أجل تحسين الظروف الاجتماعية والمهنية لموظفي القطاع، وبكل الوسائل القانونية المتاحة بما فيها الإضرابات حينما لا نجد آذانا صاغية للحوار الجاد والمسؤول، المفضي للحلول ، وليس الحوار من أجل الحوار لالتزامنا الأخلاقي مع قواعدنا التربوية لتجسيد مطالبنا«. وبعيدا عن تصريحات الوزيرة بن غبريط، وردود الفعل النقابية المُنجرة عنها، فإنه يُتوقع من الآن أن تطلب النقابات أجوبة دقيقة عن مصير مطالبها، وأن تعيد تأكيد التمسك بها للوافدة الجديدة على رأس القطاع ، وأن تطالبها برزنامة تعهدات من الآن، وإلى غاية الدخول المدرسي القادم، ومن جهتها الوزيرة بن غبريط ستقدم لها ولعمال القطاع كافة التطمينات.