تعيش وهران هذه الأيام على وقع احتجاجات عارمة، شعل فتيلها حادثة وفاة أربعة أشخاص من عائلة واحدة، يوم الأحد الماضي، تحت أنقاض مسكن منهار، حيث خرج المئات من سكان البنايات الهشة بعد ذلك إلى الشارع مطالبين بترحيلهم عاجلا، وهو الأمر الذي استدعى تدخل مصالح الأمن. خرج أمس، العشرات من سكان حي لصنامي بسيدي معروف، في حركة احتجاجية تواصلت إلى غاية مقر الولاية، أين اعتصموا هناك لعدة ساعات، مرددين عدة شعارات تطالب الوالي بالتعجيل بترحيلهم نحو سكنات لائقة، بعد مرارة العيش داخل الحوش العتيق الذي يعود للعهد الاستعماري، والذي تقيم فيه نحو 90 عائلة في ظروف كارثية، أين يتقاسمون المراحيض ودورات المياه وتفصل بينهم أسترة وأفرشة، وتنتشر بينهم الحشرات الضارة والجرذان، معرضين لبرودة الشتاء وحر الصيف حسب تصريحاتهم. وقد حاولوا تصعيد الاحتجاج بمحاولة انتحار شابين حرقا بعدما قام كل منهما بصب البنزين على جسده، واستدعى ذلك تدخّل مصالح الحماية المدنية والإسعاف ومصالح الشرطة التي طوقت المنطقة وحاولت تهدئة المحتجين، هؤلاء طالبوا بضرورة مقابلة الوالي لتمكينهم من سكنات لائقة بعد جملة من الوعود التي تلقوها من المسؤولين المحليين سابقا ولكن من دون جدوى. وزوال أوّل أمس، تجمّع عدد كبير من المحتجين المقيمين بمختلف الأحياء الشعبية العتيقة بوهران التي تتواجد بها سكنات هشة مهددة بالانهيار، وقاموا بقطع الطريق السريع المؤدي إلى الميناء قرب حي قمبيطة، شالين حركة المرور، وقد تأسفوا على حادثة الانهيار التي خلّفت أربعة قتلى بحي كارطو فجر يوم الأحد، مثلما احتج جيران الضحايا يوم الواقعة، محمّلين المسؤولية كاملة للمسؤولين المحليين ومختلف الوزارات المعنية، وأبدوا في نفس الوقت تخوفات من أن يلقوا نفس المصير، موتا تحت الأنقاض، حيث تم في العشرية الأخيرة، تسجيل عدّة ضحايا جراء الانهيارات. وبخصوص الحادثة الأخيرة فقد تم إقرار توزيع 83 شقة لجيران العائلة الضحية بحي كارطو، بسبب وجود انجراف للتربة بجبل صخري مجاور يهدّد حياة الجميع، لكنّ عددا من المقصيين ثاروا متسائلين عن أسس ومقاييس التوزيع. جدير بالذكر، أنّ الولاية تستعّد قبل حلول شهر رمضان لتوزيع حصّة 800 سكن اجتماعي بوادي تليلات، جلبت إليها الأنظار من قبل الآلاف من العائلات التي تنتظر بشغف قرار ترحيلها وتخليصها من المعاناة، لكنّ هذه الحصّة السكنية لن تكون كافية، وسترّد العديد خائبين حتى أولئك المستفيدين من عقود مسبقة، ويرجع ذلك إلى تأخّر إنجاز عدّة مشاريع، منها 1400 مسكن ألبيا بحي بلقايد الذي لم تنطلق به الأشغال بعد بسبب مشاكل مع بعض المرقين.