إعلان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قيام الخلافة في المناطق التي يسيطر عليها في سورياوالعراق هو أكبر إساءة يمكن أن تلحق بالإسلام. هذا التنظيم الإرهابي ليس من الإسلام في شيء، إنه ببساطة تجمع لقتلة ومجرمين احترفوا سفك الدماء وانتهاك الحرمات، غير أنه يستفيد من الدعم المالي الذي يصل من حكومات تدعي أنها تسعى إلى نشر الديمقراطية، وهو يستفيد من غض الطرف الذي تمارسه حكومات أخرى على المساعدات المالية التي يقدمها أثرياء لهذا التنظيم الإجرامي، ومن فتح الحدود أمام المقاتلين الزاحفين من أنحاء مختلفة من العالم للالتحاق بميادين الجهاد المزعوم في سوريا، ومنها إلى العراق. شركاء في الجريمة أولئك الذين يسكتون على هذا التشويه المنهجي للإسلام، وأولئك الذين برروا جرائم داعش وغطوا عليها لأنها تخدم أهدافهم في حربهم الطائفية المعلنة على الشيعة، وعندما تصبح الجريمة وسيلة مقبولة لممارسة السياسة، ويتحول الإسلام إلى ذريعة لتبرير الإرهاب تسقط كل المعايير الأخلاقية وتصبح الهمجية هي الصفة اللصيقة بالمسلمين في هذا العصر. يجب الاعتراف بأن داعش هي ثمرة نموذج فكري غارق في التخلف والجهل، والحديث عن الخلافة التي أعلنها أبو بكر البغدادي وتنظيمه الدموي، نجد أصوله في كثير من كتب الإسلام السياسي التي لم يدرك أصحابها مقاصد هذا الدين الحنيف فأساءوا إليه وشوهوا صورته، وقراءات السلفية للإسلام لا تفضي إلا إلى هذه السطحية والسذاجة التي تنتج لنا هذا الاستخفاف بالنفس البشرية، وتعيدنا سنوات بعيدة إلى الوراء. داعش هي ثمرة الفشل في إدراك الواقع وضروراته، والحديث عن الخلافة هو انتكاسة إلى الوراء تعكس العجز عن الالتحاق بركب الحضارة البشرية، وكل أولئك الذين يطرحون فكرة الخلافة على أنها من تعاليم الدين يتقاطعون مع داعش من حيث لا يشعرون في هذا الخلط بين اجتهادات البشر في تسيير شؤون دنياهم وبين تعاليم الدين التي تتجاوز ضيق الأفق هذا.