رغم تأكيد وزارة الفلاحة والمصالح البيطرية بعدم خطورة أكل لحم الماشية المصابة بالحمى القلاعية على صحة المستهلك، إلا أن ذلك أثار مخاوف أصحاب القصابات بالعاصمة من عزوف المواطنين عن اقتناء اللحوم الحمراء، وبالمقابل فضل العديد من المواطنين تعويض هذه المادة باللحوم البيضاء تفاديا لأية إصابة بهذا الداء الذي تتضارب على حد قولهم الأنباء حول خطورتها من عدمها. أصيب بعض أصحاب القصابات بالعاصمة بالخوف والهلع جراء انتشار داء الحمى القلاعية وإمكانية تسببه في عزوف المواطنين عن شراء اللحوم الحمراء، حيث أكد بعض من اقتربنا إليهم أن إقبال المواطنين حاليا على إقتنائها عرف انخفاضا نسبيا كما أن تزويد السوق بهذه المادة وأسعارها لم يتغير طيلة الأيام الماضية. ورغم تطمينات وزارة الصحة بعدم خطورة لحوم الماشية المصابة بالحمى القلاعية على صحة المستهلكين واتخاذها جملة من الإجراءات لمحاصرة المرض منها غلق أسواق الماشية عبر عدة ولايات ومنع نقل المواشي لاسيما الأبقار دون وجود رخصة صادرة عن المصالح البيطرية المختصة، إلا أن المخاوف من المرض الذي يهدد أزيد من مليون و900 ألف رأس من البقر، وقد ينتقل إلى الأغنام في حال ما لم يتم السيطرة على الوضع وتطور الفيروس، تزداد يوما بعد يوم بين المواطنين. مواطنون شعارهم »الوقاية خير من العلاج« وفي هذا الإطار أكدت مريم أم لثلاثة أطفال من حسين داي أنها ومنذ الإعلان عن انتشار داء الحمى القلاعية بين البقر توقفت عن اقتناء لحومها، تفاديا للإصابة من الداء كونها استمعت مؤخرا لتصريح أحد المسؤولين الذي أكد إمكانية تنقل المرض من البقر إلى الإنسان، مشيرة إلى أن هذا الإجراء الذي قامت به عملا بالقول»الوقاية خير من العلاج«. من جانبه أكد أحد الموطنين الذي كان يهم باقتناء اللحوم البيضاء من أحد القصابات بالعاصمة فبرر عدم عزوفه عن شراء اللحوم الحمراء بسبب التضارب الحاصل بين عدم خطورتها على صحة المستهلك، مشيرا إلى أن ذلك أثر على المواطنين الذين تطالعهم الجرائد في كل مرة بتصريحات مختلفة منها من تقول بعدم خطورتها على صحة الإنسان ومنها من تؤكد انتقالها إلى الإنسان. وفي ذات السياق أكدت نوال من القبة أنها لم تكن تكترث لما يتم تداوله من أنباء خاصة مع تأكيد الوزارة الوصية والبياطرة أنه لا خطورة على الإنسان من استهلاك لحوم الماشية المصابة بداء الحمى القلاعية، غير أن الانخفاض المسجل في أسعار هذه المادة لدى القصابات أثار شكوكها ودفعها إلى الاحتياط من خلال الابتعاد في هذه الفترة على الأقل عن شراء اللحوم الحمراء، مضيفة أن سعرها بلغ 400 دج في بعض المحلات وهو ما يؤكد تلك الشائعات. هذا التخوف لم يتوقف عند اللحوم الحمراء فقط بل إلى الحليب وهو الأمر الذي بدأ يثير مخاوف المواطنين وينذر بعزوف المواطنين عن اقتناء هذه المادة الضرورية، الأمر الذي سيزيد حتما من تأزم الوضع في الفترة المقبلة خاصة وأن السيطرة على المرض ومنع تنقله يتطلب وقتا وإمكانيات كبيرة. من جهتهم أرجع أصحاب القصابات خلال الجولة التي قامت بها » صوت الأحرار« بالعاصمة ذلك العزوف إلى تفشي داء الحمى القلاعية وتخوف المواطنين من وجود لحوم ماشية مصابة به، وفي هذا الصدد قال مراد بسوق علي ملاح بساحة أول ماي أنه لم يكلف نفسه منذ يومين عناء تزويد محله انطلاقا من مذبح العناصر بمختلف أنواع اللحوم الحمراء بعد أن تراجعت مبيعاته خلال الأسبوع الماضي مرجعا ذلك إلى كثرة الحديث عن داء الحمى القلاعية في وسائل الإعلام وتأثير ذلك على الزبائن. مضيفا أنه يعمل في هذا المجال منذ عدة سنوات ولم يسبق وأن شهد مثل هذا الوضع، مشيرا على وجود تخوف حقيقي لدى زبائنه من انتقال المرض إليهم عن طريق اللحوم وجلهم بات يشتري اللحوم البيضاء بدلا عن لحوم الأبقار والأغنام. وفي ذات السياق أكد تاجر آخر بنفس السوق أن الإقبال على شراء اللحوم الحمراء خلال فصل الصيف يعرف تراجعا محسوسا كل سنة لطبيعة الفصل أين يبتعد المواطن عن الأكلات الدسمة عادة، إلا أن تخوف المواطنين من لحوم الماشية المصابة بداء الحمى القلاعية زاد هذه السنة نوعا ما من هذا التراجع، مضيفا أن أسعار اللحوم الحمراء لم تتغير خلال 15 يوما الأخيرة أي تلك المسجلة مباشرة بعد نهاية شهر رمضان حيث يبلغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الأغنام 1500 دج مقابل 1000 دج بالنسبة للحم الأبقار. وأوضح هذا البائع أن تراجع أسعار اللحوم بأشكال مفاجئة وقياسية في عدد من المحلات يشير إلى أن نوعية تلك اللحوم مشكوك فيها، إذ أن أسعار اللحوم التي تسوق بطريقة قانونية وتحمل تأشيرة البيطري معروفة لدى الكل ولا يزيد الفرق أو يقل بينها حسب المحلات والأسواق عن 300 إلى 400 دج. نفس التخوف يشعر به أصحاب القصابات بسوق باب الوادي بالرغم من أن حركة البيع حسب العديد منهم عادية جدا ولم تعرف أي تراجع بالنسبة للحوم الحمراء أو البيضاء إلا أنهم قلقون من انتشار المرض في أوساط الماشية وبالتالي انعكاس ذلك على مصدر تجارتهم. تضارب التصريحات يزيد من تأزم الوضع اختلفت تصريحات المسؤولين والبياطرة وكذا الجمعيات المختصة في حماية المستهلك حول خطورة مرض الحمى القلاعية على صحة الإنسان، حيث أكدت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، أن الحمى القلاعية مرض معد تتعرض له الماشية فقط، ولا يُشكل أية خطورة على الإنسان، باعتبار أنه مرض فيروسي معروف بالانتشار السريع لعدواه، ويمكن أن ينتقل هذا المرض عن طريق الرياح ويمسّ الأبقار والأغنام والماعز ويتسبب في هلاكها مما يؤدي إلى خسائر معتبرة في الإنتاج. من جانبهم قال بعض البياطرة أن اللحوم الحمراء الناجمة عن الأبقار المصابة بالحمى القلاعية لديها انعكاسات سلبية على صحة المستهلك كالتسممات الغذائية ولهذا فإنه لا يستحسن استهلاك مثل هذه اللحوم كإجراء وقائي فيما تبقى عملية الذبح على مستوى المذابح أمرا ضروريا باعتبار أن الطبيب البيطري بالمذبح هو القاضي بأن تكون اللحوم ذات جودة وصالحة للإستهلاك أم لا لأن الحرارة يمكن أن تؤثر في الماشية المذبوحة. أما جمعية حماية المستهلك فقد أكدت أنه لا يوجد أي خطر من قريب أو من بعيد لاستهلاك اللحوم الحمراء أو الحليب حتى وإن كانت من مصدر مواشي مصابة بالحمّى القلاعية، موضحة على لسان نائب أمينها العام سمير القصوري، أن هذا المرض لا ينتقل من الحيوان إلى الإنسان مطمئنة بذلك المستهلكين بأن استهلاك لحوم أو حليب المواشي المصابة بالحمى القلاعية لن ينجر عنه أي ضرر و لن يتسبب بأي مرض للمستهلكين. ولا تزال عملية تلقيح الأبقار المصابة بالحمى القلاعية متواصلة من أجل احتواء هذا المرض ومنع انتقاله إلى مناطق أخرى من الوطن، حيث تم غلق العديد من الأسواق ومنع نقل الحيوانات عبر الوطن إلا بعد رخصة من المصالح البيطرية كإجراء وقائي.