بلا انتظار، يدخل الموسم الأدبي كما يسمى ظلما في الجزائر كدأبه كل سنة. لا إصدار يثير الفضول، ولا أسماء غير التي سئمتها أعمدة الصفحات الثقافية الشبيهة ببعضها، ولا مقالات تثري الساحة الأدبية بأي شيء ولو كان مجرد إثارة. تستمر الجرائد ذات السحب العالي في الجزائر في سياسة إدارة الظهر لكل ما هو ثقافي، فبالرغم أن إحداها يتولى رئاسة تحريرها رئيس قسم ثقافي سابق، إلا أنها لا تخصص للفعل الثقافي إلا صفحة تختفي كلما حقنت بمزيد من الإشهار. الغريب أن صفحات الألعاب وصفحات «أرجوكم زوجوني» لا تتأثر بالإشهار بقدر ما تتأثر بها الصفحة الثقافية التي لم تعد إلا صفحة «بروباغندا» للإبقاء على علاقات الودّ بين محرريها والوصاية... الصحف الأخرى أعدمت أقسامها الثقافية إما فعليا من باب أن «الثقافي لا يبيع»، وإما رمزيا من خلال الاستهتار بمحرريها واعتبارهم أسفل سلم الصحفيين مكانة وأجرا. في بلد أصبح وجود مجلة أدبية معجزة بحد ذاته، يدخل الموسم الأدبي بلا ظل ولا طعم ولا رائحة. ففي حين تعلن دور النشر في البلدان التي تحترم نفسها عن أهم إصداراتها وعدد تلك الإصدارات، تبقى دور نشرنا تنتظر أن يسألها أحد عن ذلك، مكتفية بالصمت الذي ولوحده يستر رداءة ما تنشر أو يستر قلة إصداراتها. ولولا مبادرة بعض الكتاب المتحمسين «بلا طائل» لما سمعنا أو قرأنا عن أي إصدار جيد. وفي هذا الواقع البائس بصحفييه ودور نشره وكتابه نحاول الإدعاء أننا نملك موسما أدبيا كالذي تملكه فرنسا بإصداراتها الستمائة وعشرات الروايات المثيرة للجدل العام منذ صدورها والتي تبيع مئات الآلاف بلا جهد واضح، والتي رغم نجاحها أدبيا وتجاريا، لا نجد ولا واحد من بين أصحابها يصرح بوقاحة كتابنا أنه الأول والآخر أو أنه كتب تلك الرواية رغبة في أن تستعيد الرواية الجزائرية مكانتها، رغم أنها رواية لن تبيع في أفضل الأحوال مئة نسخة يشتريها الفضوليون والأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء دفعا للحرج فحسب، ولن تحقق أي نجاح أدبي لعدم انتمائها لجنس الرواية إلا بقدر ما يدعيه الغلاف. بلا انتظار، يدخل الموسم الأدبي المتماهي مع معرض كتاب يعلن فشله قبل أن يبدأ.. فاشل لأنه لم ولن يحسن التميز عن «بزار» كتب تتهاتف إليه دور النشر العربية والغربية كل سنة، لتبيع ما تحسن بيعه من كتب تعلم مسبقا أن القارئ الجزائري جُبل عليها، والتي في النهاية لا تعنى بأكثر من نصفه الثاني، من دون أي لوم نوقعه عليه. يدخل هذا الموسم الأدبي علينا كدأبه كل سنة، وكدأبنا كل سنة ننتظر أن يأتي أحد ويقلّنا إلى... سواه.