كرّست تنسيقية الانتقال الديمقراطي المتكتلة في أحزاب إسلامية ولائيكية وشخصيات وطنية النظرة الاقصائية في أسمى معانيها، بعد أن رفضت دعوة الكثير من الأحزاب سيما التي لها وزنها سياسيا وشعبيا، وذلك من خلال المبادرة التي أطلقتها الصيف الماضي، كما رفضت قبلها الاستجابة لدعوات السلطة حول مشاورات تعديل الدستور، غير أن الأمر لم يقتصر على ذلك فحسب بل تحاول احتكار كل مبادرة، بعد أن طعنت في مبادرة حزب جبهة القوى الاشتراكية للإجماع الوطني. في خضم الحراك الكبير الذي تشهده الساحة السياسية، طفت إلى السطح أكثر من مبادرة حول تصور يحقق الإجماع الوطني آخرها مبادرة الأفافاس، غير أن هذا الأخير لم يسلم من أنياب تنسيقية الانتقال الديمقراطي، بعد أن اتهمته بالولاء للسلطة ولعب دور الوسيط بينهما، فيما قال مقري رئيس حركة مجتمع السلم بأن »مبادرة الأفافاس لم تأت بجديد«. والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة لماذا تحاول تنسيقية الانتقال الديمقراطي احتكار كل مبادرة سياسية لتحقيق إجماع وطني؟، وما خلفيات تهجمها على مبادرة حزب جبهة القوى الديمقراطية التي أعلنتها مؤخرا ودعت إليها مختلف الأطياف والتيارات السياسية من معارضة وموالاة؟، فهل أن ما تدعو إلى ما تسميه »انتقال ديمقراطي« لا يمر إلا من خلالها، ولا يتحقق إلا بفضلها؟. رغم أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تعهد في رسالة سابقة بفتح الباب أمام المعارضة لإبداء رأيها بكل شفافية وديمقراطية، وفعّل ذلك بعد فوزه بعهدة رئاسية رابعة، بعد أن كلف رئيس ديوانه أحمد أويحيى بادراه المشاورات حول تعديل الدستور، غير أن المعارضة ركبت فلكا آخر ولم تستجب إلى دعوات السلطة للوصول إلى دستور توافقي، وتحقيق الهدف المرجو منه آلا هو تعزيز الديمقراطية بالبلاد. والمؤكد أن طعن تنسيقية الانتقال الديمقراطي في مبادرة الأفافاس مرده رفض قيادة جبهة القوى الاشتراكية دعوة التنسيقية من أجل الحريات والديمقراطية للمشاركة في لقاء تشاوري لتشكيل هيئة للمتابعة والتشاور، بحجة تفضيله اتصالات ثنائية مع القوى السياسية والاجتماعية من أجل عقد ندوة الإجماع، قبل نهاية السنة. ويتضح من هذا الموقف الإقصائي هو أن التنسيقية ترى في نفسها المخول الوحيد لصياغة مبادرات تراها من منظورها أنها تحقق الإجماع وتكرس الديمقراطية، رغم فشلها في كسب ود الجزائريين خلال مختلف الاستحقاقات. جدير بالذكر أن جبهة القوى الاشتراكية قد شرعت في سلسلة من اللقاءات الثنائية، استهلتها بجبهة التحرير الوطني، حيث كان السعيد بوحجة عضو المكتب السياسي بالأفلان مكلف بالإعلام قد أكد في تصريح سابق أن التعاطي الايجابي للأفلان مع المبادرة التي طرحها الأفافاس، تجسيد لتقاليد الحزب العتيد في اعتماد الحوار كأسلوب حضاري لمعالجة كل القضايا السياسية، وذكر بان مساعي الأفافاس حميدة تستحق التقدير، حيث جاء كتشكيلة وسيطة ولم يأت من أجل فرض رأي أو قرار.