يحاول الكاتب عمار بغدادي في مؤلفه الحديدي الموسوم ب»المكون العربي الإسلامي في الهوية الجزائرية« تقديم نظرة واضحة حول مفاهيم الدولة و الأمة و الهوية في العالم المعاصر متجاوزا بذلك النزاعات العرقية و الدينية و الجهوية و القبلية في تأسيس الدول وتشكيل الهويات ، كما يتناول المكون العربي الإسلامي في الهوية الجزائرية عبر مختلف أبعاده اللغوية ، الثقافية ،الحضارية والحضور البشري الفاعل للعنصر العربي على مسرح الأحداث مالا يقل عن ألف سنة من عمر البلاد. يشكل كتاب الأستاذ عمار بغدادي الجديد مساهمة قيمة تترجم حرص الباحث الجزائري ضمن مسار البحث عن الحقيقة عبر التاريخ و مواجهة مختلف صنوف الجحود و التزييف و النكران. كما يندرج في إطار البحث الرصين الهادف لرصد علمي لتاريخ هذه البلاد وبعث حوار هادئ بين الجزائريين بمختلف مشاربهم لخدمة بلدهم وتجنيبها الصراعات اللامتناهية التي كانت النزعة الاستعمارية الفرنسية سببا في إذكائها. ويستند الكاتب في بحثه الذي قسمه إلى ثلاثة أقسام إلى معطيات التاريخ و حقائق الجغرافيا بعيدا عن أي صبغة إيديولوجية ، ويتناول المكون العربي الإسلامي في الهوية الجزائرية وليس فقط للبعد العربي فيها ،حيث يستعرض عامر بغدادي في مؤلفه البعد كمفهوم رياضي يعبر عن الامتداد الذي يمكن قياسه من طول وعرض وعمق ، بينما يعتبر المكون جزءا أساسيا من المادة التي يكونها وليس مجرد عمق لها. كما يتناول الكاتب في بحثه عن المكونين الإسلامي و الأمازيغي في الهوية الجزائرية في التاريخ و التي وضع أسسها مؤرخون جزائريون كمبارك الميلي ، احمد توفيق المدني، عبد الرحمن الجيلالي، أبو القاسم سعد الله، محمد العربي الزبيري ،ناصر الدين سعيدوني، يحي بوعزيز، عثمان سعدي، محفوظ قداش، عيد الحميد خالدي ومحمد شريف ساحليو غيرهم. تناول الكاتب في القسم الأول من كتابه » الجزائر، الدولة و الهوية« ، حيث تطرق إلى مفهوم الدولة ، المواطنة و الهوية ، كما تحدث عن مكونات الهوية الوطنية بما فيها المكون العربي، البعد اللغوي، البعد التاريخي للمكون العربي ،فضلا عن المكون الأمازيغي و الإسلامي. كما يأخذ القارئ في جولة إلى الجزائر ملتقى الحضارات ،و يسلط الضوء على الكيان السياسي الجزائري في العصور الوسطى ، للعصر الحديث،مستعرضا دور الكتلة التاريخية، في بعث الجزائر المعاصرة. وفي القسم الثاني من الكتاب، تطرق عامر بغدادي إلى تواجد العرب العدنانيون في الجزائر مبرزا الهجرات الكبرى التي عرفتها بلاد المغرب، بعدها تحدث عن عرب الفتح و الأدارسة مشيرا إلى التحولات الحاصلة في التركيبة القبلية مبينا ظروف و دوافع انتقال القبائل العدنانية إلى بلاد المغرب مفصلا في تركيبتها و عددها و استقرارها في بلاد المغرب ، بعدها انتقالها إلى المغرب في ميزان التاريخ. وخصص الكاتب القسم الثالث لمواطن القبائل العدنانية في الجزائر منها » قبائل بني عوف ، سكان المناطق الحدود الشرقية« ، الأثبج و أولاد عدي، والعمور سكان الوسط و الجنوب« وقبائل رياح سكان شرق الجزائر و جنوبها « بالإضافة إلى قبائل زغبة سكان وسط الجزائر و غربها ، وقبائل متحالفة مع بين هلال بني عامر . و في الأخير قبائل المعقل سكان مناطق الحدود الغربية للإشارة ، الكاتب عامر بغدادي من مواليد 27 ماي 1952 بمسيف جنوب مدينة المسيلة ، تلقى تعليمه الابتدائي و المتوسط بمدينة بوسعادة، انتسب إلى مدرسة الهدى ن سابقا، بساحة أول ماي بالجزائر لإكمال تعليمه الثانوي بعد حصوله على شهادة البكالوريا، التحق بكلية العلوم السياسية بجامعة الجزائر، اشتغل خلال السبعينيات كمحرر مترجم بجريدة »الشعب«ثم التحف بوزارة الشؤون الخارجية ، حيث اشتغل في عدة سفارات جزائرية بالدول العربية ، كالخرطوم، الرياض ،طرابلس ، المنامة، و القاهرة. تحصل خلال وجوده بالخرطوم على شهادة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة أم درمان . الكاتب بغدادي وطني النزعة، موسوعي الثقافة من جيل حمل هموم الجزائر والعالم العربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين بكل ما حملته تلك الفترة من انتصارات و انتكاسات خاصة وقد أكسبته خبراته في المحال الصحفي و العمل الدبلوماسي الماما واسعا لقضايا العالم العربي، وانطلاقا من هذه الخلفية كان شديد الاهتمام بالمسائل الفكرية و الثقافية المطروحة على الساحتين الوطنية و العربية.ويندرج كتاب » المكون العربي الإسلامي في الهوية الجزائرية« الصادر حديثا عن منشوران دار » كنوز الحكمة« في ا19 صفحة من الحجم المتوسط ضمن هذا التوجه