تشكل الأعياد الدينية لدى سكان ميزاب )غرداية( ومن بينها عيد عاشوراء ، مناسبة لإحياء عديد التقاليد المتجذرة المتوارثة التي تحث على التآزر والتضامن وتعزيز أسس التماسك الإجتماعي بين العائلات وسكان القصور السبعة. وتتحول بذلك قصور وادي ميزاب في مثل هذه المناسبات الدينية إلى فضاءات معبرة عن بعض العادات والمبادرات الخيرية ذات بعد إجتماعي محض والتي تعرف اختفاءا تدريجيا ببعض المناطق الحضرية ويتمثل بعضها الذي لا يزال متداولا وذات أهمية اجتماعية كبيرة في نشاط تنظيف المقابر و الفضاءات الجماعية الأخرى طرقات وساحات. وتشمل هذه المبادرة الإجتماعية المتمثلة في حملات التطوع التي تنظم سنويا في خضم الإحتفالات بعيد عاشوراء بهذه المنطقة العريقة تنظيف ورفع البقايا والنفايات وكل المواد المرمية التي من شأنها تشويه المحيط البيئي ومن بينها الأكياس والقارورات البلاستيكية، إلى جانب القيام بأعمال اجتثاث الأعشاب الطفيلية عبر المواقع الجنائزية الواقعة بمحيط مدينة غرداية . وكما جرت العادة لدى سكان المنطقة في مثل هذه الأعياد الدينية التي تكون فرصة لزيارة الأقارب الذين رحلوا من دار الفناء وتجديد جريد النخيل الذابلة التي توضع عادة فوق قبر الهالك وهي العادة التي يراد منها التعرف على صاحب القبرفضلا على أنها تعطي منظرا بيئيا جديدا للموقع . ويعد نشاط التطوع الذي يشكل واحدا من العادات المستوحاة من صميم القيم الأصيلة المتوارثة منذ قرون عديدة صورة حية لترسيخ قيم التآزر في مقابل ثقافات أجنبية منتشرة تدعو في جوهرها إلى تكريس الفكر المادي وتفضل الفرد عن الجماعة، والتي ستظل تهدد مجتمعنا، كما يرى أحد أعيان قصر بني يزجن الأستاذ أحمد لوح. وأضاف نوح في ذات السياق» نسعى في كل احتفال بيوم عاشوراء إلى ترقية ثقافة المواطنة الفعلية و المسؤولة من خلال مبادرات التضامن في الميدان وتحسيس الشباب بقيمها النبيلة «. وعشية الإحتفال بعيد عاشوراء أو العاشر من محرم وهو اليوم الذي نجا فيه الله سبحانه وتعالى النبي موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده، تعيش منطقة ميزاب في أجواء تلفها نفحات روحية وترحم على أرواح الذين التحقوا برحمة الله وعيد للتراحم وتعزيز أواصر الأخوة والتلاحم . وتعتبر عديد العائلات هذه الإحتفالية الروحية مناسبة للمساهمة المادية، من خلال إخراج الزكاة التي تعد واحدة من أركان الدين الإسلامي الحنيف، التي تمنح للفقراء والمساكين. ويحمل يوم عاشوراء بعدا إجتماعيا عميقا لدى سكان ميزاب ويتجلى ذلك في التقاء وتبادل الزيارات العائلية في أجواء حميمية، حيث يعاد إحياء قيم التضامن والتسامح والدفئ العائلي حين يلتف الجميع ببعض الأطباق التقليدية التي تحضر بهذه المناسبة الدينية . وعادة وكما هو معروف تقليديا يتم في عيد عاشوراء إعداد عدة أطباق محلية، من بينها الطبق الذي يعرف باللغة الأمازيغية ب» إيباون« ) فول مغلي في ماء( و »أوشو دوانيو« )طبق كسكسي يحضر بمرق ممزوج بالتمر ومرصع بلحم مجفف وهو عادة ما تبقى من لحم أضحية عيد الأضحى المبارك (. وتفرد هذه التقاليد المحلية أيضا مكانة خاصة في عيد عاشوراء للأطفال، حيث تقوم الأمهات عشية هذه المناسبة بوضع مادة » الكحل« في عيون الأطفال والصبايا لتقوية.