جاءت العملية الإرهابية التي استهدفت مجلة »شارلي إيبدو« الساخرة بقلب العاصمة الفرنسية باريس، متزامنة مع سلسلة من العمليات الإرهابية التي نفذها متطرفون في عديد الدول العربية وكان آخرها إعدام صحفيين تونسيين بليبيا، وتتقاطع هذه الأعمال الإرهابية في كونها تمت »باسم الإسلام«، ما يعد تدنيسا لهذا الدين الحنيف وقيمه ومبادئه، التي ترفض جميع أنواع العنف وتحرم قتل الأبرياء، كما أن الكل يجمعون على أن المعتدين على مقر »شارلي إيبدو« انتقموا بفعلتهم تلك من المسلمين وليس لهم كما يزعمون. تعيش فرنسا منذ الأربعاء المنصرم على وقع فاجعة »شارلي إيبدو« التي راح ضحيتها 12 شخصا وأصيب 20 آخرون، وبدورهم، يجد مسلمو فرنسا أنفسهم في مواجهة تهديدات بالانتقام للضحايا، بعد الصورة الهمجية التي حاول منفذا الاعتداء تقديمها حول الدين الإسلامي وزعمهما قتل رسامي الكاريكاتير انتقاما للرسول الكريم عليه السلام، ولقد سارعت السلطات الفرنسية منذ وقوع الحادثة إلى تعزيز الإجراءات الأمنية في مراكز النقل والأماكن الدينية والمساجد والمصليات، تحسبا لأي عمل انتقامي محتمل، كل هذه الإجراءات المستعجلة، تؤكد أن وضع المسلمين في فرنسا ليس على ما يرام، فالأكيد أن وقع الاعتداء الإرهابي على الأسبوعية الساخرة لم يكن على الفرنسيين فحسب، بل كان أشد حدة على المسلمين وعلى قيم الدين الإسلامي بشكل أخص. عندما يربط أفراد متطرفون ومتعصبون عملهم الإرهابي وقتلهم للأبرياء »مهما كانت قناعاتهم وتوجهاتهم« بالانتقام للرسول الكريم والدفاع عن الإسلام، يكون هؤلاء قد أساؤوا لهذا الدين الحنيف الذي ينبذ جميع أنواع العنف ويحرم سفك الدماء ويدعو للسلام والتسامح واحترام الأديان، ويكون منفذو العملية قد انتقموا بفعلتهم تلك من المسلمين وليس لهم كما يزعمون، وما الوضع الذي يعيشه مسلمو فرنسا حاليا إلا تأكيد على ذلك، خاصة بعد سلسلة الاعتداءات التي طالت عددا من المساجد والمصليات بفرنسا، مما قد يجر باريس إلى الإسلاموفوبيا واشتعال الصراع بين الديانات بفرنسا. السؤال الواجب طرحه هنا، لماذا يتم ربط أي عمل إرهابي حتى قبل انتهاء التحقيقات بمتطرفين إسلاميين، وهو الوضع نفسه بالنسبة لحادث »شارلي إيبدو«، الإسلام بريء مما يروج له الأخوان كواشي وأمثالهما من المجرمين الذين يتفننون في قتل الأبرياء بدم بارد، كما أن مجرد ترديد عبارة »الله أكبر« لا يشفع لهؤلاء بأن يقتلوا ويفسدوا باسم الإسلام، القضية واضحة وهي حرب ضد الإسلام وحملات يائسة لتشويه قيمه وتعاليمه، فالتطرف لا دين له بل هو بالأحرى في كل الأديان، غير أن أعداء الإسلام يسعون في كل المناسبات إلى إلصاق الإرهاب بالمسلمين. من جهتها، جاءت تصريحات رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، وتأكيده بأن »فرنسا في حرب ضد الإرهاب وليس ضد دين ما«، واضحة، مما سيضع حدا للنزعة الانتقامية التي وجدت ما يغذيها لدى تيار واسع من الفرنسيين خصوصا والأوربيين بشكل عام ممن يحملون تصورات سوداوية عن الإسلام يحاولون إقناع الرأي العام بها من خلال السعي إلى ربط الإرهاب بالإسلام.