وضع رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بقراراته الجادة لصالح الجنوب والهضاب العليا الجهاز التنفيذي أمام رهان بعث التنمية في تلك المناطق التي ستستفيد من جهد الدولة المطلوب لتجسيد طموحات المواطنين في توسيع القاعدة الاقتصادية وتكثيف فرص العمل والسكن لتحسين المستوى المعيشي للسكان المحليين وسط حراك شعبي رافض لاستغلال الغاز الصخري الذي كان في صلب نقاش المجلس الوزاري المصغر بإجراءات أزالت مخاوف المحتجين. جسدت القرارات التي أعلن عنها رئيس الجمهورية أول أمس في ختام ترأسه للمجلس مصغر المخصص للتنمية المحلية في ولايات الجنوب والهضاب إرادة الدولة في التجند والعمل من أجل النهوض بالتنمية في تلك المناطق ذات الأهمية الإستراتيجية في أكثر من مجال. وتأتي هذه الإجراءات الجديدة لتعزز بشكل رسمي مبادرات سابقة حققت نجاحا نسبيا في تلك المناطق لكنها تسعى لتجسيد أعمال جديدة مع الحرص الواضح على تحديد القطاعات الواجب تعزيزها في مصلحة السكان المحليين، اللذين يعبرون منذ أكثر من شهر وبشكل عفوي عن مطالب ذات طابع اقتصادي واجتماعي ومطالب ذات أبعاد بيئية مرتبطة برهان الدولة على استغلال الغاز الصخري. ولخص تدخل الرئيس بوتفليقة خلال هذا الاجتماع الرهان الحالي عندما تطرق إلى »التجند« من أجل هذه المناطق قائلا »إذ نعكف اليوم خصيصا على التنمية في ولايات الجنوب فإننا نؤكد تجند الدولة على الصعيد السياسي والأمني والاقتصادي لصالح هذه المنطقة من وطننا التي يشهد جوارها مع الأسف وضعية لا استقرار خطير بما في ذلك على أمن بلدنا«. ويبرز طموح برنامج التنمية الذي تم الإعلان عنه أو تجديده خلال هذا المجلس إرادة بعث المشاريع الكبرى المدرة للنمو و مناصب الشغل مثل استغلال حقل الحديد الضخم بغار جبيلات بمنطقة تندوف. وتضاف إجراءات خاصة للأهداف التي سبق و أن تم تسطيرها بالنسبة للجنوب في المخطط الوطني للتنمية 2015-2019 قصد توسيع القاعدة الاقتصادية لهذه المناطق وتكثيف فرص التشغيل والسكن بالنسبة للسكان النشطين المحليين لا سيما الشباب قصد تحسين المستوى المعيشي العام. وتتمثل المشاريع الكبرى المقررة خلال السنوات الخمسة المقبلة في استحداث عدد كبير من المناطق الصناعية و النشاط و انشاء مصانع لتكرير المحروقات واستصلاح ما لا يقل عن مليون هكتار من الأراضي واستغلال حقل الحديد الضخم بغاز جبيلات وتضاف هذه المشاريع للإجراءات الجبائية والإدارية المعلن عنها من أجل تشجيع الاستثمار الوطني والأجنبي في هذه المناطق غير المستغلة والتي تزخر من دون شك بالموارد البشرية والإمكانيات التي تتطلب إطارا أفضل للتسيير وبالتنظيم. وعليه فإن الأمر الذي وجهه رئيس الجمهورية للحكومة بمرافقة تنفيذ البرنامج الخماسي الجديد للتنمية »بتحسين الحكامة المحلية مع منح الأولوية لولايات الجنوب والهضاب العليا« ينصب على تأكيد هذا الاتجاه. ويبدو أن الطابع الإستعجالي وراء القرار الذي أعلنه رئيس الجمهورية بإنشاء ولايات منتدبة بولايات الجنوب قبل الصيف المقبل »بوسائل معززة وصلاحيات موسعة« بغية تقريب الإدارة من الشعب. كما سيتوسع هذا الإجراء في أفق 2016 لولايات الهضاب العليا وهي منطقة تتوسط الشمال والجنوب الكبير لاحاجة للتأكيد على أهميتها في تحقيق تهيئة منسجمة للتراب الوطني وتوزيع إقليمي أمثل للسكان. ولضمان إصغاء أمثل لانشغالات سكان هذه المناطق أمر رئيس الجمهورية الحكومة بترقية مشاركة أوسع للمجتمع المدني في صياغة تصور التنمية المحلية قصد إعطاء معنى ومضمون لمفهوم »الديمقراطية التشاركية«. واغتنم رئيس الدولة الفرصة ليأمر الحكومة لتتناول بالمزيد من الشرح التحفيزات الممنوحة في مجال الاستثمار بهذه المناطق الحيوية بالنسبة للوطن سيما شرح أمثل للسكان فائدة وانعكاسات مختلف المبادرات العمومية المتخذة لصالحهم. وكخير مثال على مواصلة الشروحات لفائدة السكان ذكر الرئيس بوتفليقة مسألة الغاز الصخري المثيرة للجدل ومحل احتجاج سكان الجنوب الذي لا يعتبر استغلاله في الجزائر »واردا في الوقت الراهن« إذ أن العمليات الجارية حاليا هي مجرد تجارب أولية حسب بيان المجلس الوزاري المصغر. كما دعا الرئيس بوتفليقة الحكومة إلى تنظيم »نقاشات شفافة« من أجل تجاوز سوء الفهم والمخاوف وتمكين كل جزائري من فهم أمثل للرهانات الطاقوية لما بعد النفط.