مقرر أن يشهد النصف الأول من شهر نوفمبر الداخل عددا كبيرا من الإضرابات، كلها في مجملها وأغلبية مطالبها تستهدف رفع الأجر الشهري، الذي هو في كل القطاعات لم يعد كافيا لأن يعيّش صاحبه في عزة وكرامة، وتقف بالرفض المطلق لتعليمة الوزير الأول الأخيرة، التي تقضي باقتطاع جزء هام من هذا الأجر الزهيد، عن طريق عدم تطبيق نظام المنح والتعويضات بأثر رجعي. نقابات مستقلة عديدة قررت وأصدرت إشعاراتها باعتصامات وإضرابات في النصف الأول من نوفمبر المقبل، نذكر منها ، اعتصام الأساتذة المتعاقدين يوم 02 نوفمبر، وإضرابات »كناباست«، و»سناباست«، والاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين، التي تقرر تنظيمها بداية من بوم 8 نوفمبر لمدة أسبوع قابل للتجديد بصورة آلية، ثم إضراب المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم العالي (كناس)، ويحتمل أن تنضم إلى هذه الإضرابات نقابات أخرى، أو تقرر إضرابات بمفردها، ولاسيما منها هنا النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، والنقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية، والنقابة الوطنية للأخصائيين النفسانيين، والنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الوظيف العمومي (سناباست). هذه النقابات كلها، المضربة والمتوقع لها الانضمام لهذه الإضرابات، كانت تتوقع عقب إصدار شبكة الأجور الجديدة بعيدا عنها وعن العمال، أن تتدارك السلطات العمومية الإجحاف والظلم الذي أصابهم من هذه الأخيرة، وظلت تُمني نفسها بما ستتضمنه القوانين الأساسية القطاعية، التي لم تصدر كلها حتى يومنا هذا، وبنظام المنح والتعويضات، الذي يبدو أنه هو أقوى سبب لاحتمال تحريك الشارع الجزائري عبر القطاعات المختلفة، لأنه يمس الأغلبية الساحقة من العمال الجزائريين. فهذا النظام الذي عولت عليه النقابات كثيرا جاء عكس كل التوقعات، لم تعط إشارة انطلاق النقاش حوله إلا في المدة الأخيرة في قطاعات محدودة جدا، هي الآن تلهث وراء جمع المقترحات، والأمر الثاني الذي قضى وأجهز على كل الآمال النقابية والعمالية هو التعليمة الأخيرة التي أصدرها الوزير الأول أحمد أويحيى، التي تقضي بعدم تطبيق نظام المنح والتعويضات بأثر رجعي بداية من جانفي 2008. هذه التعليمة هي السبب الرئيسي في تحريك كافة النقابات والعمال، الجميع متضرر منها، ويسعون للضغط بكل قوة من أجل إجبار أويحيى على التراجع عن هذا القرار، الذي يثبت بأكثر تأكيد أن الوزير الأول ومن معه في هذا القرار لا يؤمنون بالمطلق بحق الأغلبية الساحقة من المواطنين في العيش الإنساني الكريم. وهناك في هذا المقام من حذر من أن تكون هذه التعليمة أحد أوجه التمويه المبطنة التي تعتمدها الوزارة الأولى من أجل تفويت الفرصة على النقابات والعمال، وإلهائهم عن التوقف عند الأمر الحقيقي، الذي هو تحديدا المنح والعلاوات، والقيم المالية التي ستخصص لكل منحة وكل علاوة. وإن قلنا أن هذا هو الأساس في الإضرابات والاعتصامات، فإن هناك مطالب مهنية اجتماعية أخرى تتمسك بها نقابات المستقلة بدرجات متفاوتة، نذكر منها نقابات »كناباست« و»سناباست« والاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين (إينباف)، وهذه المطالب الإضافية هي على الخصوص، إعادة النظر في المرسوم الوزاري الذي يسير أموال الخدمات الاجتماعية،تحريك وتجسيد تطبيقات القوانين الصادرة لصالح عمال التربية، المتعلقة بطب العمل، ومعضلة الأساتذة المتعاقدين التي يعاني منها حوالي 30 ألف أستاذ وأستاذة في مختلف التخصصات منذ عدة سنوات. ويبدو حتى الآن من البيانات والإشعارات بالإضرابات الصادرة عن مجموعة من النقابات المشار إليها سابقا، أن نقابات الوظيف العمومي التي حاولت في السنة المنصرمة التوحد في حركة احتجاجية واحدة، هي اليوم عاجزة عن التوحد من جديد ضمن إطاري التنسيقية الوطنية لنقابات الوظيف العمومي، وهيئة نقابات الوظيف العمومي، ولهذا الوضع تفسيرات، تعرفها أشباه القيادات النقابية، ذات الوجود الوهمي على مستوى القواعد العمالية قبل غيرها من القيادات والنقابات التي تمثل تمثيلا حقيقيا، ولا داعي لتسمية نقابات الأختام الرسمية والمحافظ ، خوفا من رمينا من جديد أمام الاستدعاءات المتكررة للعدالة.