الشرطة في فرنسا تستجوب طفلا عمره ثماني سنوات بتهمة تمجيد الإرهاب، والقضية أمام العدالة، وفي مدينة فرنسية أخرى يتعرض طفل آخر عمره تسع سنوات للملاحقة بنفس التهمة، ولا يكاد يمر دون الإعلان عن متابعة أشخاص بهذه التهمة الغريبة. وسائل الإعلام الفرنسية نقلت رواية إدارة المدرسة والتي تشير إلى أن الطفل أحمد رفض الوقوف دقيقة صمت لضحايا الهجوم على جريدة شارلي إيبدو، ولما سأله معلمه قال له بأنه مع الإرهابيين، في حين أن محامي عائلة الطفل يؤكد أن أحمد لا يعرف شيئا اسمه الإرهاب، لكن هذه الحجة قد لا تعني شيئا للشرطة والقضاء الفرنسي في مدينة نيس التي حدثت فيها الوقائع. في الصيف الماضي قرر رئيس بلدية نيس منع استعمال الرايات الأجنبية للاحتفال بفريق وطني لكرة القدم، وكان الجزائريون هم المقصودون بهذا القرار التمييزي، وكانت الرسالة واضحة من رئيس البلدية، وهو منتمي إلى حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية الذي يقوده الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، إلى أقصى اليمين، في إطار منافسة على التطرف والكراهية، والتي تحولت منذ سنوات إلى أوراق انتخابية رابحة. فرنسا تنزلق نحو الحضيض، وهي من خلال هذه الممارسات الشاذة تؤكد أنها تعتبر كل مسلم مشتبها به، وأن كل من يطلب وجبة حلالا يمكن أم يكون مصدر خطر على الجمهورية، وكل من يرتاد مسجدا أو قاعة صلاة، هو مشروع إرهابي، أو عضو في خلية نائمة. ردود الفعل التي تصدر منذ الهجوم على شارلي إيبدو تؤكد أن فرنسا لم تستوعب الدرس، بل إنها ماضية في تكرار نفس الأخطاء التي تكرس الشعور بالإقصاء لدى ملايين الفرنسيين، فالإعلام الفرنسي يتجاهل مئات الاعتداء التي تعرض لها المسلمون في فرنسا منذ السابع جانفي الماضي، وفي مقابل ذلك لا يزال النقاش مفتوحا حول ضرورة إدخال إصلاحات على الدين الإسلامي لجعله مطابقا لقيم الجمهورية، وكأن فرنسا تكتشف الإسلام لأول مرة.