شكّل الحدث الباريسي الأخير، نقطة تحول هامة في السياسة الفرنسية تجاه المسلمين، خاصة بعد أن تعدى الإعلام الفرنسي الخطوط الحمراء التي تجاوزتها الصحيفة الساخرة، إلى الحوار الذي بثته قناة فرانس 2 الفرنسية، ورصد مرصد مكافحة الإسلاموفوبيا أكثر من 70 اعتداء ضد المسلمين منذ الهجوم على الصحيفة الساخرة من بينها 21 قذيفة ما بين أعيرة نارية وقنابل يدوية، إضافة إلى 33 تهديدا في صورة رسائل وشتائم، فيما وصف في آخر تقرير له شهر ديسمبر 2014 بأنه كان "شهرًا صعبًا بالنسبة للمسلمين". لم يبق التكهن والقراءات التي توقعها المحللون كتداعيات على الجالية المسلمة عقب الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مجلة شارلي إيبدو الأربعاء الماضي مجرد نفخ النار في مواقد خامدة، بعد أن انزلقت الأمور إلى أبعد ما صورته الصحيفة الساخرة، بعد أن توحدت وسائل الإعلام الفرنسية في قالب واحد هو الإساءة للدين والتطاول على الرسول، وهو ما أكده عبد الله زكري رئيس مرصد الإسلاموفوبياء التابع للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بفرنسا في اتصال هاتفي مع "البلاد"، حيث وصف الخرجة "العدائية" للإسلام التي قامت بها القناة الفرنسية فرنس 2 وإصرار الصحيفة شارلي على نشر العدد المقبل الذي يتضمن صورا مسيئة للرسول بأنه استفزاز جديد، موضحا أن أغلب الصحافيين العاملين في شارلي إيبدو قد قتلوا في الهجوم لكن لا يزال من هم على خطاهم"، وأكد المتحدث أنه تم رصد أكثر من 70 عملا ضد المسلمين والمساجد منها 50 اعتداء في فرنسا وفي عدة مقاطعات منذ الهجوم على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" بباريس الأربعاء الماضي، دون تسجيل الاعتداءات التي تفادت الجالية المسلمة التبليغ عنها، ولم يشأ المتحدث توجيه اتهامات للسلطات الفرنسية بشأن الإساءة للرسول، لاسيما أن المساس بالمقدسات تم عبر قناة حكومية، لكنه اتهمها بعدم النجاح في تأمين المساجد والمسلمين من الاعتداءات. وقد اعتبر أحدث تقرير لمرصد الإسلاموفوبيا في منظمة التعاون الإسلامي أن شهر ديسمبر 2014 كان "شهرًا صعبًا بالنسبة للمسلمين". بالنظر لتزايد جرائم الكراهية ضد المسلمين. وأكد التقرير، الذي نشرته وكالة الأنباء الإسلامية الدولية "حيثا"، أن بعض المسلمين وقعوا ضحايا الكراهية الناتجة عن أعمال لم تكن لهم فيها ناقة ولا جمل، وذلك بعد وقوع عمليات القتل والخطف والتفجير التي استهدفت أناسا أبرياء، واقترفها متطرفون وإرهابيون لا ينتسبون للإسلام، ويدعون زيفا وافتراء، ونتيجة فهمهم المنحرف لقيم هذا الدين وتعاليمه، قيامهم بأفعالهم الشريرة باسم الإسلام. وأشار المرصد في هذا الصدد إلى الحادثة الأبرز في احتجاز الرهائن في مقهى بسيدني الأسترالية، رغم تأكيد الحكومة الأسترالية بالتزامها بحماية الأقلية المسلمة في البلاد والهجوم المروع الذي قامت به طالبان باكستان على مدرسة يديرها الجيش في بيشاور، مما أسفر عن مقتل 141 شخصا، وعملية خطف 142 امرأة وطفلا في قرية بشمال نيجيريا نفذتها جماعة بوكو حرام، بعد أسابيع من تفجير المسجد المركزي بكانو. وأوضح مرصد الإسلاموفوبيا أن هذه الحوادث تأتي في ظل مناخ سياسي في الغرب يسوده التوجس والريبة تجاه الإسلام والمسلمين، لاسيما مع صعود لافت لحزب مناهظ للمهاجرين في فرنسا، ووقوع أحداث سقط فيها عدد من الضحايا في عدد من الدول. وقال المرصد إن المشاعر المعادية للأجانب في أوروبا تتنامى بشكل خطير ومقلق جدا، في ظل ركود اقتصادي، لافتا إلى أن الاعتداءات على النساء المسلمات في بريطانيا ارتفعت بنسبة 10 في المائة، بينما تضاعفت في هذا البلد بشكل عام التهديدات والشتائم اللفظية، وبخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي.