كشفت أمس وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت أن »المفاوضات مع الشركاء الاجتماعيين والموظفين مستمرة دون انقطاع، ولن تنقطع أبدا لحل المشاكل«، مؤكدة »إلزامية توفّر النية الصادقة لدى الطرفين لتحقيق النتائج المرضية«، وأعادت من جديد التأكيد على أن »أبواب الوزارة مفتوحة للحوار مع الجميع، وبالحوار فقط تأتي الحلول للمشاكل المطروحة. مازالت وزيرة التربية الوطنية متمسكة بخيار الحوار والمفاوضات مع شركائها الاجتماعيين، من أجل إيجاد الحلول المرضية للمطالب المهنية والاجتماعية والانشغالات المطروحة، وهي ترى أن لا مسلك أنسب وأجدى نفعا بينها وبين نقابات القطاع من اتّباع خيار الحوار والمفاوضات، والاستمرار فيه كلما دعت الضرورة لذلك على مدار السنة، وهذا تحديدا هو ما جعل السيدة بن غبريت تجري في الأسبوع الماضي سلسلة من اللقاءات مع النقابات، وتطرح عليهم رؤيتها للحلول التي بين يديها، والتي بإمكانها وفق ما قالت الالتزام بتجسيدها على أرض الواقع، وتلك التي تحتاج إلى وقت، ولاسيما منها المطالب ذات الصبغة الوطنية التي تمس باقي القطاعات، وهذه هي من صلاحيات الحكومة والوزارة الأولى، ورئيس الجمهورية. ويبدو أن الصراحة المُتبعة من قبل الوزيرة بن غبريت مع نقابات القطاع هي التي وفرت إلى حدّ ما الجو المناسب لتلقّي بعض المرونة أمام مسعاها الصعب مع النقابات وعمال وموظفي القطاع. ورغم أن سبع نقابات مازالت مصرة على شن الإضراب المقرر ليومي 10 و 11 فيفري الجاري، وخارج هذا الإطار نقابة »كناباست« التي قررت هي الأخرى إضرابا يوم 16 من الشهر الجاري، يتجدد آليا، إلا أن الوزيرة المثابرة مازال الأمل يحدوها في وقف الإضراب، أو على الأقل التقليل من أضراره على تلاميذ الأطوار التعليمية الثلاثة، وهذا ما جعلها تُصرح من جديد أمس وتقول: »إن المفاوضات مستمرة مع جميع الشركاء الاجتماعيين، ولن تنقطع لحل المشاكل«، وقد اشترطت للنجاح في ذلك وتحقيق النتائج المرجوة »توفّر النية الصادقة لدى الطرفين «. وبرحابة صدر محمودة أعادت الوزيرة بن غبريت التأكيد على أن »أبواب وزارتها مفتوحة أمام الجميع، وبالحوار وحده فقط نتمكن من إيجاد الحلول للمشاكل« والوزيرة هنا على ما نعتقد تعني ب »المشاكل« المطالب المهنية والاجتماعية المطروحة. وما يجب الإشارة إليه أن السيدة بن غبريت تسعى بكل ما لها من جهد للحيلولة دون العودة إلى »خيار العتبة المشؤومة«، التي أقرت إلقاءها، وكانت كرّستها إضرابات الأساتذة، التي أجهزت لسنوات متتالية على كمّ هائل من الدروس المقررة التي كان من المفروض تربويا وبيداغوجيا أن يتلقاها التلاميذ وأن لا تُحذف من مقرراتهم أبدا، وأن يدرسوها في الابتدائيات والمتوسطات والثانويات. الوزيرة بن غبريت كانت مُحقة في ما قررت، وللأسف أساتذة التعليم يضعون في أذهانهم وعلى مدار كامل أيام السنة وزارة التربية، والسلطات العمومية المعنية الأخرى المسؤولة عن مطالبهم المرفوعة، ولا يضعوا أبدا ولو ليوم واحد فقط في إضراباتهم المزمنة مصلحة التلميذ الطيب البريء، الذي بموجب إضراباتهم المتواصلة على مدى سنوات هو في حالة استنزاف متواصل بعدم تلقّيه أجزاء هامة من الدروس المقررة عليه كل سنة. ولا أعتقد أن مسؤولية الأستاذ المربي هنا هيّنة أمام وطنه وأمام الله، وإن لم تستطع محاسبته الوزيرة بن غبريت »المنزوعة الصلاحيات، القادرة على وقف الإضرابات«، فإننا لا نتصور أن هذا الأستاذ المُضرب »صباح مساء«، ورجالات الحكومة والدولة العمياء الصماء سينجون من مسؤوليتهم الثقيلة إزاء هذا الهوان الكبير الذي أصاب هذا القطاع الاستراتيجي والحساس، الذي تتغذى منه كافة القطاعات بالمناعة والتطور والسؤدد إن استقام أمره، وأمر أهله ومسؤوليه، وبالهشاشة والضعف والهزال إن لازمتنا »العتبة المشؤومة« والإضرابات التي لم تعد تفرق بين الوزارة والحكومة والدولة المسؤولة، وبين التلميذ الضحية، الذي أضاعت له كامل حقوقه في خضمّ مطالبتها بحقوقها.