أكد محمد بوعلاق القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية في حوار ل»صوت الأحرار« أن نتائج المؤتمر الوطني الحادي عشر للحركة أحدث ثورة في قوانين الكشافة حيث حمل إصلاحات عميقة في القانون، من خلال غلق العهدات المتعلقة بالقائد العام لأربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، مضيفا أن الكشافة ستنسحب من أي ممارسة سياسية، لأنها تملك دورا واضحا ورسالة وطنية من أجل غرس حب الوطن في نفوس الشباب. بداية، تم تزكيتم قائدا عاما للكشافة الإسلامية الجزائرية، كيف ترون ثقل هذه المسؤولية؟ حقيقة هي مسؤولية ثقيلة جدا، لأن الكشافة الاسلامية الجزائرية ميراث كبير للشهيد محمد بوراس رحمه الله، فالشخص الذي يتولى هذا المنصب يشعر بحمل ثقيل، وهو إرث تاريخي ورصيد حركة وطنية شاركت في الحركة الوطنية وثورة التحرير المباركة، كما أنه خط وطني حمل رسالة الشهداء والمجاهدين. هذا من جهة، ومن جهة ثانية هي مسؤولية كبيرة تتضمن مجموعة من المطالب للقواعد الكشفية، سقفها عال مما يستدعي إعادة المنظمة إلى دورها التربوي الطبيعي والأصيل، إذن المسؤولية ليست سهلة وأنا أقدر ثقل هذه الأمانة، وأرجو من الله أن يسهل ذلك، وهذا بالتعاون مع القيادات والإرادة الموجودة لنكون في مستوى تطلعات من وضعوا ثقتهم فينا. أحدث المؤتمر الحادي عشر للكشافة الجزائرية ثورة فيما يخص القوانين التنظيمية للحركة، ما هو الجديد الذي جاء به ؟ نتائج المؤتمر الوطني الحادي عشر للكشافة الإسلامية الجزائرية أحدثت ثورة في قوانين الحركة الكشفية، حيث حملت إصلاحات عميقة ، على غرار تحديد العهدات المتعلقة بالقائد العام، الذي كان في السابق ينتخب لمدة خمس سنوات، في عهدات مفتوحة، لكن هذه المرة وضعنا قانونا يمكن القائد العام من الترشح لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، وبالتالي إذا كان محظوظا يمكنه البقاء على رأس هذه الحركة لمدة 8 سنوات فقط. أما الأمر الثاني، فيتعلق بالمادة 20 التي دار حولها جدال كبير، والتي تخص طريقة انتخاب القائد العام، الذي كان ينتخب مباشرة من المؤتمر، وبالتالي فإن القائد العام والمجلس الوطني يخرجان من المؤتمر، الأمر الذي يجعل القائد العام أعلى من المجلس ولا يمكن لهذا الأخير من مراقبته، وعليه جعلنا انتخاب القائد العام يكون من المجلس الوطني ويزكى من طرف المؤتمر حتى نمكن ونقوي المجلس كمؤسسة من مراقبة ومتابعة القائد العام ونضمن تسييرا شفافا للحركة، كما كان هناك خلاف كبير حول المادة 30 أيضا والمتعلقة بتنافي عهدة القائد العام والقيادة العامة مع رئاسة أي تنظيم أو جمعية أخرى، أي يجب أن يتفرغ للكشافة خلال العهدة التي انتخب لها. لقد شهد المؤتمر عموما أجواء ديمقراطية، سمحت بإدراج إصلاحات عميقة حددت أيضا العهدات للمحافظين الولائيين أيضا وكانت النتائج في الأخير لصالحي ب68 صوت مقابل 35 صوت للقائد السابق. هل أنتم راضون عن ما قدمته هذه المنظمة الكشفية في الجزائر؟ الكشافة الإسلامية الجزائرية في الجزائر كغيرها من المنظمات والتنظيمات عبر العالم، عرفت فترات وصلت فيها هذه الحركة إلى الذروة وحققت إنجازات كبيرة جدا لا ينكرها إلا جاحد، كما أدت أدوار وطنية مشهود لها، وإذا تمعنا في مسيرتها بعد سنوات من الوجود، نجد أنه كان لها مساهمة قوية في تحرير البلاد وفي تفجير ثورة التحرير المباركة، وكذا في بناء وتشييد الدولة الجزائرية، ناهيك عن مواقفها التاريخية خلال العشرية السوداء التي مرت بها الجزائر ونضالها الكبير برفقة الوطنيين ومؤسسات الدولة في الحفاظ على هذا الوطن. ويضاف إلى ذلك مختلف المبادرات التي كانت تقوم بها في عديد المناسبات، كما هو الحال في زلزال بومرداس وفيضانات باب الواد، وتلك الكوارث التي ضربت غرداية أيضا، وعليه فإن الكشافة معروفة بمواقفها الواضحة والصريحة، حيث أنها أدت أدوارا وطنية مهمة جدا، لكن يبقى أنها كغيرها من التنظيمات، يعتريها بعض الضعف، لا سيما في المجال التربوي، أين تراجع دورها نوعا ما، بالإضافة إلى نقص في العضوية وكذا تراجع في الأداء على المستوى الوطني، أٌول هذا حتى أكون منصفا في التقييم بين سرد للإيجابيات والسلبيات، فنحن نثمن الإيجابيات ونحاول استدراك الضعف والنقائص الموجودة. استفادت الكشافة الإسلامية من مشروع لتطويرها إلى غاية 2014، هل ترون أن هذا المشروع حقق أهدافه؟ أنا مسؤول عن العهدة التي انتخبت من أجلها وتعهدت لأبناء الكشافة الإسلامية بأن تبقى المنظمة وفية لمبادئها الأصيلة وأن أحافظ على وحدتها وإستقرارها، كما سنعمل على أن يكون على رأس أولويات العمل في المرحلة القادمة أداء الدور التربوي للحركة الكشفية داخل المجتمع وإنفتاحها وتطوير الأداء بالنسبة للمحافظات الولائية، أما بالنسبة للأفواج الكشفية فسيكون العمل أكثر في الميدان من خلال المتابعة بهدف تطوير العمل الكشفي ونحسن صورته داخل المجتمع ونرجع له مصداقيته. بالإضافة إلى العمل مع الهيئات الرسمية المختلفة التي تجمعنا معها قواسم مشتركة منهم المديرية العامة لإدارة البحوث وإدماج الأحداث وزارة التضامن ووزارة التربية وزارة الشباب والرياضة والمجاهدي، هؤلاء الشركاء التي نتقاسم معهم مساحة العمل وإنشاء لله سنعمل معهم إتفاقيات الشراكة. كيف سيتم مواصلة تجربة إدماج المساجين من طرف الحركة الكشفية؟ فعلا خضنا تجربة لا بأس بها مع المديرية العامة لإدارة السجون والإدماج فيما يخص إدماج الأحداث المحبوسين، وخلال سنوات طويلة ونحن نشتغل معهم في هذا المجال لكن نظرتنا المستقبلية لهذا البرنامج هي أننا سنطور العمل فيه بعد خبرة وتجربة كبيرة والتي تبين أنها تحتاج إلى مراجعة من أجل أن يكون التركيز أكثر فعالية وتحقيق الأهداف من خلال إعادة إدماج هؤلاء الشباب بعد فترة الحبس وقبولهم بصفة طبيعية داخل المجتمع حتى لا يعودون إلى ارتكاب الجنح من جديد. من بين التحديات التي تم طرحها خلال المؤتمر الكشفي العربي ال 27 الذي نظم في الجزائر، مواجهة العنف في الوسط الشبابي، كيف يمكن تحقيق ذلك؟ الكشافة بحاجة إلى المجتمع والشباب الجزائري على حد سواء، ومن الضروري أن تكون شريك فعال مع كافة الجهات التي تعمل على مكافحة العنف، هذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة بين الشباب سواء في الملاعب أو خارجها، ونحن كحركة سنعمل مع باقي المؤسسات الرسمية للحد من انتشار هذه الآفة وبالتالي سنكون شريك أساسي وطبيعي من أجل الاقتراب من هذه الشريحة وتوعيتها والانتقال إلى الساحات التي يتواجدون بها حتى نساهم في توعيتهم وعليه محاربة هذه الآفة الخطيرة. ما هو البرنامج المسطر من طرفكم لحماية طفولة الجزائر من الآفات والمخاطر، لا سيّما من المخدّرات والإرهاب؟ برنامج الكشافة الجزائرية أصلا مبني على برنامج يعمل على غرس الروح الوطنية وكذا وقاية الشباب من الآفات الاجتماعية بكل أنواعها خاصة المخدرات التي ضربت أطنابها في أوساط الشباب وحتى بين الأطفال الصغار، فمن خلال شبابنا سنعمل على تجسيد برنامج أطلقنا عليه »الشباب للشباب«، لأنه بالنسبة لنا الرسالة تكون قوية عندما تكون من الشباب إلى الشباب لأنه لديهم نفس اللغة ويمكن للمعنى أن يصل بشكل أفضل، حيث سنقوم بتنفيذ هذا البرنامج لمكافحة والذي سيكون عبارة عن أيام تدريبية للشباب الكشاف يتعرفون خلالها على هذه الآفة والأضرار الصحية الناجمة عن استهلاكها، ناهيك عن المشاكل المترتبة عنها بكل أبعادها حتى يكون لديهم صورة شاملة عنها، ليليه برنامج كيفية إيصال الرسالة من خلال برنامج إعلامي وتقنيات يتدربوا عليها ثم يخرجوا إلى المجتمع في حملات توعوية ويكون لهم لقاء مع الشباب في مختلف الأماكن، بالإضافة إلى تنظيم بعض المعارض المتنقلة وتوزيع مطويات تتكلم عن الظاهرة. رغم الدعم المادي المقدم من طرف الدولة للكشافة، إلا أن الكثير من الأفواج مازالت تعاني من قلة الدعم وصعوبة التخييم، ما هو السبب في رأيكم؟ الكشافة لا تملك دعما ماديا كبيرا وإنما مساعدات محدودة ونحن ننتظر فقط بعض المساعدات التي تقدمها مؤسسات الدولة الجزائرية أو بعض الوزارات أو الحكومة، وعلى المستوى المحلي بعض المجالس البلدية الولائية، كل حسب إمكانياته. نحن وضعنا على رأس أولويات الحركة الكشفية برنامج يهدف إلى تنمية الموارد المالية، فهذه الأخيرة بحاجة إلى أموال كبيرة لتغطية احتياجاتها، وسنتعاون مع الجهات الرسمية ونعرض لهم احتياجاتنا ومطالبنا، ومن جهة أخرى سنحاول إيجاد أبواب أخرى مع الخواص والمؤسسات الاقتصادية الكبيرة التي من الممكن أن تقدم لنا رعاية لبعض الأنشطة، بصفة عامة نريد أن نضع سياسة لتنويع الموارد المالية لتغطية العجز المسجل خاصة وأن طبيعة تكويني الوطني لا يسمح لي أن أتلقى أموال من الخارج، وعليه سنعمل على تنويع مصادر التمويل الوطنية من طرف مختلف القطاعات الوزارية كمصدر أساسي ثم من طرف الاشتراكات التي يدفعها الأعضاء ثم مصادر أخرى مع مؤسسات اقتصادية خاصة لتمويل الأنشطة التي تنظمها الحركة الكشفية. ما العمل الذي ستقومون به من أجل تشجيع الشباب على الانخراط في الحركة الكشفية واستعادتها لمكانتها في المجتمع؟ نحن نحتاج إلى برنامج إعلامي إشهاري لأن الكثير من الشباب مازال لا يعرف الدور الذي تلعبه هذه الحركة، والبرنامج المسطر من طرفها، وكذا المبادئ التي تقوم عليها، ويجهل بالتالي تاريخها وأهدافها ومجالات نشاطاتها، وعليه المطلوب منا وضع سياسة إعلامية فيها جانب من الدعاية الإشهار في وسط الشباب وإن شاء الله سيكون قوي حتى يلتحق هؤلاء بالكشافة وهذا البرنامج يندرج في إطار تنمية العضوية لرفع عدد المنتسبين. هل لديكم خطة لإعادة الاعتبار للكشافة الإسلامية الجزائرية؟ الخطة هي التي طرحها المؤتمر الحادي عشر والمتمثلة في إعادة الاعتبار للعمل التربوي للحركة الكشفية بكل أبعاده، والعمل الميداني والمتابعة للأفواج في الولايات، وتنويع مصادر التمويل والسياسة الإعلامية التي ستكون هادفة، بالإضافة إلى سياسة تدريب كل القيادات، والعمل على تنمية العضوية ورفع عدد المنتسبين للكشافة الإسلامية الجزائرية وهي تقريبا أهم عنصر، حيث سنبذل كل المجهودات من أجل تحقيقها خلال الفترة المقبلة. برنامجنا الهدف منه كذلك تأسيس فرع كشفي في كل بلدية كحد أدنى، بمعنى لا يجب أن تبقى أي بلدية بين 1541 بلدية على المستوى الوطني دون فوج كشفي، وهو البرنامج الذي سنركز عليه ونرجو التوفيق من الله في تحقيقه، وهو ما سيساهم في رفع عدد المنتسبين وفي نفس الوقت يغطي كل التراب الوطني ويوصل الرسالة إلى أكبر عدد ممكن من الكشافين وبهذا سنتمكن من معالجة هذا الإشكال. يرى مختصون أن إدراج الحركة الكشفية في النشاط السياسي أفقدها مصداقيتها وحولها عن مسارها الحقيقي، هل تؤيدون هذا الرأي أم تعارضونه؟ هذا شيء طبيعي، لأنها إذا انخرطت في العمل السياسي ضيعت طبيعة وجودها، والكشافة الجزائرية ليست حزبا سياسي، السياسة للأحزاب السياسية، والكشافة جمعية لديها طابع تربوي ويجب أن تلتزم بطبيعة نشاطها ورسالتها الوطنية ويجب أن لا تحيد عن هذا الدور الذي نسعى إلى الحفاظ عليه خلال هذه العهدة، والمجتمع يريدها في هذا الإطار لأن الجزائر تحصي أعداد كبيرة من الأحزاب السياسية، وهي تدخل في إطار المجتمع المدني وتلعب دور تربوي مهم ووطني يحتاجه الوطن والمجتمع والشباب لهذا يجب أن تؤدي الدور المنوط بها والكشافة ستنسحب من أي ممارسة سياسية، وتترك العمل السياسي للأحزاب السياسية، فنحن نملك دورا واضحا ورسالتنا رسالة وطنية من أجل غرس حب الوطن في نفوس الشباب من خلال العمل التربوي. حدثت العديد من وسائل الإعلام عن انتمائكم السياسي، ما تعليقكم على ذلك؟ أنا قلت وأعيد أن الانتماء للأحزاب السياسية الجزائرية المعتمدة من طرف الدولة ومن طرف وزارة الداخلية هو سلوك راقي جدا، وسلوك حضاري ومسؤول، لأنه من ينتسب للأحزاب معناه أن يكون في نفسه سياسيا كي يصبح مسؤولا في البلاد، لأنها عبارة عن مدارس في السياسة، ومن المطلوب تشجيع المواطنين على الانتماء وعلى وسائل الإعلام أن لا تطرح القضية على أنها إشكالية وتهمة على الشخص أن يبرأ نفسه منها، هذا خطأ كبير تمارسه بعض وسائل الإعلام، فالانتماء للأحزاب شرف ووعي وسلوك حضاري، لكن تلك التساؤلات التي تطرح ترغب من خلالها تلك الصحف والقنوات معرفة إنتماء الكشافة الإسلامية الجزائرية أكبر من الأحزاب مع احترامي لهذه الأخيرة ولا يستطيع أي حزب أن يهيمن عليها أو يسيطر عليها أو يحتكرها لنفسه، فهي لا تؤدي أدوار سياسية إنما أدوار تربوية توعوية في خدمة الوطن وفي خدمة الشباب من أجل حب الوطن، وخارج الكشافة الانتماء الشخصي للأفراد مطلوبة ونشجعها وهم أحرار.