اصطفت طوابير طويلة من آلاف المواطنين الجزائريين المقيمين في فرنسا أمام قنصليات بلادهم في شتى المدن الفرنسية أملا في استبدال جوازات سفرهم العادية بأخرى الكترونية "بيومترية" تستخدم خدمة البطاقة الذكية، بعد قرار مفاجئ للحكومة الفرنسية يقضي برفض استقبال أي مسافر جزائري بمن في ذلك من المقيمين على الأراضي الفرنسية ممن لا يحملون جواز سفر إلكترونيا بدءا من الرابع والعشرين من أوت المقبل. وعممت سلطات الطيران الفرنسية قرارا حكوميا على جميع شركات النقل الجوي والبحري والبري ومراكز الشرطة ونقط التفتيش في عموم التراب الفرنسي، وكذلك على وكالات الأسفار وشركة الطيران الجزائرية تطلب منها فيه بالإسراع بإبلاغ المعنيين بالسفر إلى فرنسا من المواطنين الجزائريين بضرورة حمل جواز سفر الكتروني بدءا من التاريخ المذكور، تماشيا مع قرار سابق صادر عن المنظمة الدولية للطيران الجوي. وأبلغت السلطات الفرنسية نظيرتها الجزائرية بأنها لن تسمح لأي مسافر يحمل جواز سفر جزائري تقليدي بدخول أراضيها، مطالبة وكالات السفر في الوقت ذاته بالإمتناع عن حجز تذاكر سفر لحاملي الجواز الجزائري التقليدي. وتستغرب الحكومة الفرنسية تباطؤ نظيرتها الجزائرية في تعميم الجوازات الالكترونية على رعاياها كما هو الحال لباقي البلدان رغم صدور قرار موحد من الوكالة الدولية للطيران المدني بذلك، مؤكدة أنها راسلت الخارجية الدبلوماسية مرارا عبر القنوات الدبلوماسية دون جدوى. وتسبب قرار فرنسا المفاجئ والقاضي بمنع حاملي الجوازات الجزائرية التقليدية من دخول البلاد وعدم استثناء الجالية الجزائرية المقيمة على أراضيها في حالة من الفوضى داخل البعثات الدبلوماسية والقنصليات الجزائرية في عموم التراب الفرنسي خاصة في العاصمة باريس التي استنجد مسؤولوها بشرطة مكافحة الشغب الفرنسي "سي إر إس" من أجل تنظيم الدخول إليها بعد أن اصطفت طوابير من آلاف الرعايا الجزائريين عند بوابتها بدءا من الساعة السادسة صباحا. وشوهدت فرق من شرطة مكافحة الشغب الفرنسية تنظم دخول المهاجرين الجزائريين إلى قنصلية بلادهم في باريس وضواحيها بعد أن عجز الأمن الخاص للبعثات الدبلوماسية الجزائرية عن السيطرة على الأمواج البشرية التي احتلت بوابة السفارة ومداخلها في ساعة مبكرة. وفي العاصمة باريس امتدت الطوابير حتى المقاهي والمحلات المجاورة وسط حالة من السخط التي عبر عنها المهاجرون الجزائريون بعد أن وجدوا انفسهم بين نارين فجأة، نار قرار فرنسي سيمنعهم من العودة إلى فرنسا إن غادروها، ونار سلطات بلادهم القنصلية التي ترفض وتتباطأ في منحهم جوازات سفر الكترونية. وكانت الحكومة الجزائرية قد أصدرت قرارا يقضي بالتحول إلى جوازات السفر الالكترونية في العام 2012 مع تحديد شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري كموعد من أجل الانتهاء من العملية. غير أن تعميم الجواز على الرعايا الجزائريين خاصة المقيمين في الخارج شهد تباطؤا كبيرا مع امتناع قنصليات جزائرية عديدة في فرنسا عن منح جوازات الكترونية لطالبيها. وتزامن القرار الفرنسي المفاجئ مع بداية الموسم الصيفي مع استعداد آلاف الرعايا الجزائريين المقيمين في فرنسا للسفر لقضاء الإجازة الصيفية في بلادهم الأصلية، وباتوا اليوم يتخوفون من بقائهم عالقين في الجزائر خلال عودتهم، ومنهم من سارع إلى إلغاء سفره خارج فرنسا تفاديا لعواقب القرار بعد أن تعذر عليه استخراج جواز سفر الكتروني من المصالح الدبلوماسية لبلاده في فرنسا. كما تسبب القرار في انزعاج المهاجرين الجزائريين الذين يوجدون في بلادهم الجزائر من أجل الإجازة الصيفية، بعد أن سافروا إليها قبل صدور القرار الفرنسي، وبات هؤلاء يخشون من بقائهم عالقين في بلادهم وعدم سماح السلطات الفرنسية لهم بالعودة لعدم حملتهم جواز سفر الكتروني. وتقول المعلومات التي حصلت عليها «القدس العربي»من مصادر دبلوماسية إن السفارة الجزائرية لدى فرنسا أبلغت الخارجية الفرنسية احتجاجا مكتوبا على القرار، بحجة أنه يتعارض مع ما تنص عليه أحكام اتفاقية الطيران المدني الدولية من أن جوازات السفر التقليدية لا تزال صالحة للاستخدام حتى تشرين الثاني/نوفمبر من العام الجاري، وأنه لا يحق للدول إيقاف العمل به إلا بعد هذا التاريخ. من ناحية أخرى سارع محامون جزائريون في فرنسا إلى تسجيل دعوى قضائية مستعجلة أمام المحكمة الإدارية في باريس ضد القرار الفرنسي للمطالبة بإسقاطه بحجة أنه قرار تعسفي ولا يستند على أي حجة قانونية. وجاء في الدعوى التي سجلت في باريس أن شمل الجزائريين المقيمين بطريقة شرعية في فرنسا ويحملون بطاقة إقامة بالقرار يعتبر شططا في استخدام السلطة، على اعتبار أن بطائق إقامتهم الفرنسية تحمل الشريحة التي تحتاجها شرطة الحدود لتحديد هوية أصحابها. وطالب المشتكون القضاء الفرنسي بإصدار قرار مدين للحكومة الفرنسية يجبرها على تعويض الخسائر التي لحقت ببعض المقيمين الجزائريين ممن سيجدون انفسهم عالقين في المطارات الجزائرية بدءا من التاريخ المحدد من قبل السلطات الفرنسية لعدم قبول السفر بالجواز الجزائري الحالي. وجواز السفر الالكتروني "بيوميتري" هو عبارة عن جواز سفر الكتروني ورقي يحتوي على معلومات حيوية يمكن استخدامها لفحص هوية المسافرين بشكل فوري، بفضل وجود تقنية البطاقة الذكية وتشمل شريحة المعالج الدقيق والهوائي التي تكون مثبتة في الغلاف الأمامي أو الخلفي أو صفحة في وسط جواز السفر الالكتروني.