بعد أسابيع كثيرة من إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن إلحاق الهزيمة بالحوثيين لا تزال الحرب مستمرة، قصف جوي ومدفعي وطائرات يتم إسقاطها، والأخطر من هذا هو أن المواجهة بدأت تأخذ بعدا إقليميا مع تدخل السعودية في العمليات العسكرية والدعم الذي لقيه هذا التدخل من قبل مجلس التعاون الخليجي، والتحذيرات التي تطلقها إيران والتي تريد أن تلعب دورا فاعلا في إدارة هذا النزاع وحله في مرحلة لاحقة. حسب وزير خارجية إيران فإن لليمن ثلاثة مشاكل كبرى، الأولى هي الإرهاب، والثانية هي الانفصال والثالثة هي العلاقة مع الشيعة، وهذا الكلام يعطي للحرب في اليمن أبعادا خطيرة، فالإجماع حاصل على مكافحة الآفة الأولى، والسياسات الخاطئة تعطي مزيدا من الحجج لدعاة الانفصال، في حين أن مشكلة الشيعة، كما يسميها وزير خارجية إيران، تحولت إلى ورقة سياسية ليس في اليمن فقط ولكن في الخليج والعالم الإسلامي أجمع، ومن هذه الزاوية يجب أن نقرأ تدخل السعودية المباشر في الحرب ودعم الخليجيين لها. الحرب لن تغير الحقائق المذهبية والاجتماعية في أي بلد، وإذا كانت هناك مشكلة مع الشيعة، وهم من الزيدية أصلا وليسوا من الإمامية الإثني عشرية التي تمثل الأغلبية في إيران، فالحل لن يكون بالحرب، وما أقدمت عليه السلطات اليمنية في لحظة حماس وبتشجيع من الخارج فتح الباب أمام تطورات ربما لم تكن في الحسبان، وحتى التدخل السعودي المباشر في الحرب يعطي مزيدا من الأوراق لإيران من أجل تحويل مشكلة داخلية إلى نزاع إقليمي يمنحها مزيدا من الفرص فرض نفسها كقوة إقليمية، وخلال أيام سيذهب منوشهر متكي إلى صنعاء ليعرض خدمات بلاده لإيجاد حل رغم أن اليمنيين يعتبرون طهران جزء من المشكلة. إيران لا تناصر الحوثيين لأنهم شيعة، بل إن أغلبية الشيعة لا يعترفون بتشيع الزيدية، غير أن الغباء الذي يميز تعامل دول المنطقة مع المشكلة ومع الحقائق المذهبية والاجتماعية القائمة على الأرض هو الذي يجعل المنطقة في مواجهة مخاطر الانفجار الذين لن يستثني أحدا.