الأخبار السيئة لا تأتي فرادى، وأحدها هذا التقرير الذي صدر الجمعة عن بنك غولدمان ساكس الأمريكي والذي خفض مجددا توقعاته بشأن أسعار النفط، ووصل إلى حد توقع أن يهوي إلى عتبة عشرين دولارا للبرميل، وهو السعر الذي يعادل كلفة الانتاج في بعض المناطق. التقرير لا يقوم على قراءة الفنجان أو الكف، إنه مبني على حساب مجموعة من المؤشرات، حيث تؤكد الأرقام أن مخزونات النفط في العالم ارتفعت ب 2.6 مليون برميل في حين كانت التوقعات أن ترتفع ب 933 ألف برميل فقط، وهذه الأرقام الكبيرة بين ما كان ما متوقعا وما حدث تثير خوف كل من يعتمد على النفط كمصدر وحيد لتمويل الاقتصاد، وهو حالنا في الجزائر. الخلاصة هي أن الاتجاه العام يدفع أسعار النفط إلى البقاء في مستويات متدنية خلال 15 سنة القادمة، وهي فترة طويلة جدا، صحيح أنها كافية للخروج من التبعية للنفط، وتنويع الاقتصاد، لكن لا شيء بأن هذا سيحدث تحت ضغط الفاقة بعد أن بددنا فترة مماثلة كانت ظروفنا فيها أفضل، دون أن نحرز أي تقدم على طريق بلوغ هذا الهدف. بالنسبة للحكومة الحلول تبدو جاهزة، وقد بدأت تظهر من خلال قانون المالية الجديد، وقد اختار النواب أن يكونوا أكثر تفهما فتبرعوا على الحكومة بدنانير أخرى أضافوها إلى الزيادة التي اقترحتها الحكومة في أسعار الوقود بكل أنواعه، فالنواب في النهاية لا يدفعون شيئا من جيوبهم، ولا بأس من التضامن مع الحكومة ما دام ذلك لا يكلفهم شيئا.
الاقتصاد الذي عادة ما كان أرقاما جافة يمقتها الناس، تحول الآن إلى قضية رأي عام، وهو المسؤول الأول عن تحديد درجة السعادة لدى الشعب الجزائري الذي صنف ضمن الشعوب الأكثر سعادة في العالم، فعندما تكون لديك حكومة تعالج فشلها بالزيادة في الأسعار، ويتحول نواب الشعب إلى أعوان للحكومة يزايدون عليها في شد الحزام على بطون الفقراء، ويسوء الحظ إلى درجة أن يتزامن انهيار أسعار النفط مع تدهور غير مسبوق في قيمة الدينار، فإن الشعور باليتم والضياع سيمحو آثار كل الخطابات المتفائلة التي ترصعها آراء خبراء احترفوا تفصيل التوقعات على مقاس من يهمهم الحفاظ على الاستقرار بأي ثمن.