تحرص الأسر الجزائرية على التحضير للاحتفال بالمولد المصطفى عليه الصلاة والسلام في يوم 12 ربيع الأول من كل سنة، وغالبا ما يميز هذا اليوم عادات وتقاليد مكتسبة ومتوارثة أبا عن جد، حيث تتهافت العائلات على الأسواق لشراء حاجيات الاحتفال لتتفنن ربات البيوت في تحضير أشهى الأطباق التقليدية، التي تختلف من مكان إلى آخر ك "الرشتة" و"الشخشوخة" و"التريدة"، إضافة إلى تحضير "الطمينة". تولي العديد من الأسر الجزائرية اهتماما كبيرا بالاحتفال بالمولد النبوي الشريف، حيث تعتبره بمثابة مناسبة مباركة، إذ تقوم ربات البيوت بالتفنن في تحضير أشهى المأكولات والأطباق التقليدية التي تختلف من منطقة إلى أخرى ك»الرشتة والشخشوخة والتريدة«، والإلتفاف حول مائدة عشاء خاص بهذه المناسبة الدينية، إلى جانب عادة تحضير »الطمينة« التي لازالت تتربع على عرش الإحتفال. "الطمينة" تتربع على عرش الإحتفال المتجول بمختلف الأسواق يلاحظ عرض بعض المحلات لسلع متنوعة تخص إحياء مناسبة مولد المصطفى من أطباق تقليدية وتوابل دون أن ننسى بعض الأواني التقليدية المطلوبة بكثرة كالقصعة والطاجين إلى جانب كانون الفحم المستعمل في إشعال البخور والعنبر في تلك الليلة كعادات تلتزم بها الأسر. "صوت الأحرار" اقتربت من بعض ربات البيوت لمعرفة مدى تمسك الجزائريين بهذه العادة ومعرفة مختلف الأطباق والعادات التي تميز كل منطقة، أين التقينا بالسيدة فاطمة تبلغ من العمر »50 سنة« والتي قالت لنا أنها ككل سنة تحرص على شراء كل ما تحتاجه من خضر ولحوم لتحضير "الرشة" الطبق المفضل لدى أفراد عائلاتها، كما تعمد في هذا اليوم إلى جمع شمل العائلة من أبنائها أحفاها حتى يحيوا معها هذه المناسبة الدينية في أجواء عائلية بهيجة، إضافة إلى ذلك تقوم بإشعال الشموع ووضعها في أرجاء المنزل التي تعد عادة لا يمكن الاستغناء عنها في مثل هذه المناسبة، حيث يتم اقتناء شموع المولد النبوي الشريف بعدد أفراد الأسرة، ليختار كل فرد من أفرادها شمعته ويسميها باسمه ويشعلها، والذي تنطفئ شمعته في الأخير وحسب العادات يعد صاحبها طويل العمرأو"فأل خير" عليه. وفي ذات السياق اعتبرت مرافقتها أن إعداد طبق "الطمينة" وتقديمها لأفراد العائلة عند فطور الصباح من الضروريات، وهي عبارة عن كمية من الدقيق المحمص الممزوج بالعسل وقليل من الزبدة. من جهتها أكدت زبيدة ربة بيت تنحدر من ولاية قسنطينة أن الجزائريون يولون أهمية كبيرة لهذا اليوم الذي يتيح لهم فرصة لتجميع أفراد العائلة وهذا ما يجعلها تعد أطباقا خاصة من خلال إقامة مأدبة العشاء وإعداد المأكولات التقليدية والحلويات في إطار مظاهر احتفالية بهيجة، مضيفة أنه من عادة سكان قسنطينة إعداد طبق "التريدة"، كما يحرصون على إطلاق البخور والعنبر في أرجاء البيت لتطييب رائحته، وتخضيب أيادي الأطفال بالحناء وإلباسهم أجمل الثياب. في حين تفضل السيدة دليلة ربة بيت من منطقة بسكرة أن تحضر الشخشوخة الحارة للاحتفال بمولد المصطفى عليه الصلاة والسلام، إضافة إلى تزيين البيت بالشموع وشراء الحناء التي أصبحت من العادات التي لا يمكن الاستغناء عنها في مثل هذه المناسبات، إضافة إلى إعداد الشاي وبعض المكسرات للسهرة. ربط الحناء وإشعال الشموع عادات متوارثة عن الأجداد حلول المولد النبوي الشريف مناسبة خاصة على قلوب العائلات الجزائرية التي تستعد لها بتوفير كل المتطلبات لقضاء هذا اليوم المميز، حيث تنظم المساجد جلسات لذكر السيرة النبوية الشريفة، وتلاوة القرآن، أما ربات البيوت فتتفنن في تحضير أشهى الأطباق التي تجتمع حولها العائلة حتى تقضي هذا اليوم المبارك في أجواء مميزة. كما تقربت "صوت الأحرار" بزيارة بعض البيوت فكانت البداية بمنزل فضيلة التي تنحدر من منطقة الجلفة ومن عاداتهم في هذه المناسبة العزيزة على قلوب الجزائريين تحضير الكسكسي الذي يكون مزينا بلحم الخروف والبيض والقليل من العسل، كما تقوم بتحضير المسمن الذي تقدمه للعائلة رفقة القهوة، في حين فضلت سمية طبخ طبق الشخشوخة بحكم انتمائها لمنطقة المسيلة كما قالت بأنها ستشتري ليلة المولد النبوي الشريف بعض الشموع لأفراد عائلتها كما ستقوم أم زوجها بوضع الحناء لبناتها و بنات أعمامهن وهذا على حد تعبيرها فال خير لهن. في نفس السياق قالت حسينة بأنها ستقوم بشراء الكسكسى لطهيه ليلة المولد النبوي الشريف والذي يكون مرفوق بمختلف أنواع الخضروات بحكم انتمائها إلى منطقة بجاية كما ستتفنن في هذا اليوم المبارك بإعداد »السفنج« وتقوم بتوزيعه على جيرانها كهدية، مضيفة أنها ستمتنع عن شراء المفرقعات هذا العام وأنها أوضحت لأبنائها سبب امتناعها عن ذلك وهم تقبلوا الفكرة نظرا لغلاء أسعار المفرقعات. من جهتها تفضل منال تحضير طبق الرشتة مرفوق بمرق الدجاج إضافة إلى تحضير طبق الطمينة، كما ستشارك المناسبة رفقة عائلتها الكبيرة المتكونة من أخوات وإخوان زوجها وأبناء عم زوجها مشيرة إلى أن جد أبنائها اشترط عليهم عدم استخدام المفرقعات والاحتفال على طريقة زمان من أجل تعليم الأبناء العادات والتقاليد على أصولها. وفي نفس السياق قالت الحاجة زهرة بأن معظم الجزائريين أصبحوا يطبخون ما يفضلونه من مأكولات ولا يشترط أن تكون من المنطقة التي ينتمون إليها لأن كل شخص يفضل أن يتناول في تلك الليلة الأكلة التي يحبها، مضيفة بأنها في ليلة المولد النبوي الشريف تجمع زوجات أبنائها وبناتها في سهرة مرفوقة بالشاي والمقروط المعسل والطمينة ويقومون بإلقاء بعض البوقالات كفال للفتيات.