تطرقت الدكتورة فتيحة بن عبو، مختصة في القانون الدستوري إلى عديد النقاط المرتبطة بمشروع تعديل الدستور الذي بات وشيكا لا سيما بعد اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الجمهورية بعدد من كبار المسؤولين في البلاد، قضايا أخرى مرتبطة بالتأسيس لجمهورية ثانية وتكريس الدولة المدنية وبطبيعة هذا التعديل إن كان جزئيا أم عميقا بما يفرض على الرئيس اللجوء إلى استفتاء شعبي وغيرها من المعطيات القانونية التي تكلمت عنها الدكتورة بإسهاب. أكدت الدكتورة فتيحة بن عبو، في حديث ل "صوت الأحرار"، أن الاجتماع المصغر الذي ترأسه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا رفقة عدد من كبار المسؤولين بالدولة وفي مقدمتهم الوزير الأول عبد المالك سلال، ووزير الدولة مدير الديوان لدى رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى، ووزير الدولة المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية الطيب بلعيز، ونائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق أحمد قايد صالح، ووزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، وبوعلام بسايح المستشار لدى رئيس الجمهورية، والذي خصص لدراسة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، غير رسمي ولا يعتبر مرحلة من مراحل مراجعة الدستور. وفي ردها عن سؤال حول المرحلة المرتقبة في مشروع تعديل الدستور، قالت بن عبو، إن الأمر يتوقف على طبيعة التعديل نفسه، فإما أن يكون عن طريق تمريره عبر البرلمان بغرفتيه وفق ما تنص عليه المادة 176 من الدستور، وإما وفق منا تنص عليه المادتين 174 و175، بمعنى مسار طويل ورسمي يتطلب في النهاية اللجوء إلى استفتاء شعبي، وفي الحالة الأولى، يجب إخطار المجلس الدستوري من طرف رئيس الجمهورية ليعطي رأيه حول دستورية النص، في مهلة 20 يوم، ليتم نشره في الجريدة الرسمية، أما في الحالة الثانية فعلى رئيس الجمهورية أن يودع مشروع التعديل على مستوى مكتب المجلس الشعبي الوطني ليأخذ مسار أي مشروع قانون، وفي نهاية المطاف يتم استدعاء الهيئة الناخبة من الاستفتاء. وفي سياق متصل، أوضح الدكتورة بن عبو، أن اللجوء إلى البرلمان من أجل التعديل يكون في المراجعة الجزئية أو التقنية للنص، وفق ما تنص عليه المادة 176 التي تؤكد أن التعديل الجزئي لا يجب أن يمس بجوهر النص ولا يخل بالتوازن الموجود بين السلطات والمؤسسات، وهذا ما يعني أنه في حال أن التعديل الدستوري كان الهدف من ورائه إحلال التوازن بين السلطات على سبيل المثال، فيجب في هذه الحالة الذهاب نحو استفتاء شعبي. ويبقى أنه إذا كان التعديل جزئي يتم تفادي الاستفتاء الذي عادة ما يكلف خزينة الدولة كثيرا. وعن فحوى التعديلات، ترى الأستاذة بن عبو، أن التقليص من عدد العهدات الرئاسية يتطابق مع الديمقراطية الدستورية التي تهدف إلى ضمان الحق في التداول على السلطة، وفيما يتعلق بالعلاقات بين السلطات، يجب أن نعترف أن الدستور الجزائري يتميز باختلاف في التوازن بين السلطات السياسية لصالح رئيس الجمهورية وعليه إذا أردنا أن نعطي مصداقية لمؤسسات الدولة فيجب إحلال التوازن بين هذه السلطات. وفيما يخص سؤال حول التأسيس لجمهورية ثانية، قالت بن عبو، يجب أن ننتظر الصيغة النهائية للنص القادم، أما عن مشروع بناء الدولة المدنية، فيجب أن نعلم أن الدستور الحالي لا يكرس نظام عسكري، فالمادة 25 عادية وصلاحيات الجيش الوطني الشعبي كذلك عادية، وهي موجودة في جميع الدساتير الديمقراطية، وهذا لا يعني أن الكواليس خالية من ممارسات الشرطة السياسية، لكن النصوص الخاصة بدائرة الاستعلامات والأمن لا تنشر في الجريدة الرسمية وهذا ما يعني أن وحدها الممارسة والأيام التي ستؤكد لنا إن كان دور الشرطة السياسية قد انتهى أو لا، لأنه لم يتم نشر أي نص في الجريدة الرسمية.