قنبلة هيدروجينية فجرتها كوريا الشمالية أثارت، زيادة على هزات أرضية في المناطق المجاورة، موجة من التنديد والاستنكار على المستوى الدولي، وهذه هي المرة الثالثة التي تجري فيها بيونغ يونغ تجربة نووية وهي تتعرض لعقوبات اقتصادية دولية. تعهدت كوريا بعدم استعمال السلاح النووي إلا إذا تعرض لاعتداء خارجي، وبأنها لن تساعد أي دولة على امتلاك تكنولوجيا صناعة السلاح النووي، وتبدو هذه الالتزامات كافية لطمأنة ما يسمى المجتمع الدولي، فكل دول العالم، وخاصة الكبرى، تعتبر أن كل الوسائل مباحة في حالة الدفاع عن النفس، ويخبرنا التاريخ أن الدولة الوحيدة التي استعملت السلاح النووي هي الولاياتالمتحدة، وأسوأ من هذا فهي تستعمل اليورانيوم المنضب في حروبها ضد دول لم تجرؤ أبدا على مهاجمتها كما حدث مع العراق، كما تستعمل إسرائيل هذه الأسلحة الفتاكة ضد الفلسطينيين الذي لا يملكون دولة ولا جيشا. سبق للهند وباكستان أن دخلتا النادي النووي، ولم تتعرضا لأي شكل من أشكال العقوبات الدولية، فقد اعتبر الأمريكيون وحلفاؤهم أنه من الممكن غض الطرف عن هذا التطور في إطار تسيير توازنات إقليمية ودولية، في حين تعرضت إيران لعقوبات قاسية لمجرد أنها سعت إلى امتلاك تكنولوجيا نووية، ولا تزال تتعرض للابتزاز رغم إخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية. لم تعد للمجتمع الدولي أي سلطة أخلاقية تخوله منع دولة ما من امتلاك السلاح النووي، فأهم النزاعات والحروب التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة تسببت فيها الدول الكبرى التي تحتكر تمثيل هذا المجتمع الدولي، وهذه الدول هي التي قتلت أكبر عدد من المدنيين، وهي التي تستعمل الأسلحة المحرمة دوليا، وهي التي تسكت على إسرائيل التي تمتلك، على أقل تقدير، أكثر من مائتي قنبلة نووية، وفي مقابل ذلك دمرت العراق واحتلته بدعوى امتلاك أسلحة دمار شامل لم يتم العثور عليها أبدا. في عالم تعوزه سلطة الأخلاق يصبح امتلاك السلاح النووي مجرد تفصيل لا يستحق كل هذا الضجيج.