أثار إعلان كوريا الشمالية، أمس، القيام بتجربة ناجحة لقنبلة هيدروجينية موجة إدانة دولية عارمة أعربت من خلالها معظم العواصم العالمية عن قلقها المتزايد إزاء الوضع بشبه الجزيرة الكورية. ومن سيول إلى طوكيو مرورا بموسكو ومختلف العواصم الأوروبية وصولا الى واشنطن توالت ردود الفعل المنددة وأيضا المتوعدة بالرد على ما وصف ب"استفزازات" بيونغ يانغ. وبينما اعتبرت كل من السلطات اليابانية ونظيرتها الروسية قيام كوريا الشمالية بمثل هذه التجربة الجديدة تهديد خطير لأمنهما القومي، قالت الحكومة الأمريكية إنها لا تستطيع تأكيد ما إذا كانت بيونغ يونغ قد أجرت بالفعل تجربة لقنبلة هيدروجينية أم لا غير أنها توعدت بالرد بشكل مناسب على أية استفزازات. وأدان البيت الأبيض أي انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي كما حث كوريا الشمالية مرة أخرى على الالتزام بتعهداتها والتزاماتها الدولية. غير أن رئيسة كوريا الجنوبية بارك كون هيه أكدت أن هذا الاختبار الهيدروجيني هو تحد خطير للأمن القومي لبلادها متوعدة بضمان أن تدفع كوريا الشمالية ثمن "استفزازها الخطير" و«تحديها للسلام والاستقرار الدوليين". كما شددت على ضرورة أن تتعاون سيول بشكل وثيق مع المجتمع الدولي للتأكد من أن كوريا الشمالية ستدفع ثمن إجراء هذه التجربة النووية وأكدت أهمية حث المجتمع الدولي على فرض عقوبات قوية على الجارة الشمالية. وبنفس اللهجة الحادة أدانت فرنسا تجربة بيونغ يانغ الهيدروجينية ووصفتها بأنها "انتهاك غير مقبول للوائح مجلس الأمن الدولي" ودعت المجموعة الدولية إلى رد فعل صارم ضد كوريا الشمالية. من جانبه، قرر مجلس الأمن الدولي عقد اجتماع طارئ في جلسة مغلقة لبحث تداعيات هذا الأمر الذي يرى معظم المتتبعين للشأن الكوري انه من شأنه تأجيج الوضع مجددا في المنطقة. وكانت كوريا الشمالية أعلنت في وقت سابق أمس إجرائها لتجربة ناجحة لقنبلة هيدروجينية تسببت في إحداث زلزال قرب موقع معروف للتجارب النووية قدرت قوته ب5,1 درجات على سلم ريشتر ووصفتها وسائل إعلام محلية بأنها "كانت ناجحة وأجريت بسلام وإتقان". وتابع زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون عن القرب التجربة وقال أن بلاده "لن تتخلى عن قدراتها النووية ما لم تتخل الولاياتالمتحدة عن سياستها المعادية وأنها لن تنقل قدراتها النووية إلى دول أخرى". والمفارقة أن إعلان بيونغ يانغ عن مثل هذه التجربة المثيرة للجدل جاء في وقت كان ينتظر أن تشهد فيه شبه الجزيرة الكورية تحسن للعلاقات بين الكوريتين بعد الاجتماعات التي عقدت مؤخرا على أعلى مستوى بين مسؤولي البلدين من اجل تبديد التوتر بينهما. وتعد هذه التجربة العسكرية الرابعة من نوعها من حيث الأهمية في تاريخ كوريا الشمالية التي سبق وأجرت تجربة نووية أولى ناجحة في 9 أكتوبر عام 2006 في شمال شرق البلاد قام على إثرها مجلس الأمن الدولي باستصدار القرار رقم 1718أدان من خلاله هذه التجربة. ورغم هذه الإدانة إلا أن كوريا الشمالية نفذت تجربة ثانية في 25 ماي 2009 قالت بعدها إن علماءها "أصبحوا قادرين على زيادة القوة التفجيرية ومستوى التحكم في القنبلة مقارنة بالتجربة الأولى". وأدت هذه التجربة إلى صدور قرار مجلس الأمن رقم 1874 الذي طالب هذا البلد بالتوقف عن إجراء مزيد من الأنشطة المتعلقة بالأسلحة النووية. إلا أن كوريا الشمالية أجرت تجربة ثالثة في 12 فيفري 2013 وصفتها بأنها "عالية المستوى وآمنة ومثالية" وقدرت كوريا الجنوبية بأن تعادل القنبلة في قوتها ما يتراوح بين 6 و7 آلاف طن من مادة ال«تي أن تي". وأصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار رقم 2094 يوم 7 مارس من نفس العام مطالبا كوريا الشمالية بالتخلي عن مشروعها للتسلح النووي والعودة إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.