بصراحته المعهودة، وعفويته، فتح لنا اللاعب الدولي السابق، المدرب والمحلل الرياضي جمال مناد قلبه، تحدث عن العديد من الجوانب الشخصية في مسيرته الكروية، والتي يجهلها الكثيرون، تفضيله لكرة القدم على العمل بشهادته الدراسية، ورفضه ممارسة السياسة او حتى المشاركة فيها لخوفه على سمعته، وأمور أخرى تكتشفونها في هذا الحوار. بداية، كيف تعرفون جمال مناد للجمهور الذي لا يعرف عنكم سوى الجانب الرياضي؟ ولدت يوم 22 جويلية سنة 1960 في مدينة البيض وهذا ما يجهله الكثيرون، أصولي من منطقة القبائل الكبرى وبالتحديد من جرجرة، أب عائلة لدي ثلاثة بنات، إضافة إلى أنني من عائلة كبيرة وعريقة فيها 10 إخوة و 3 أخوات والدي متوفيان. كيف بدات علاقتكم بكرة القدم، وكيف تمكنتم من التألق وترك بصمتكم في الرياضة الجزائرية؟ بدأت أتذوق حلاوة كرة القدم منذ نعومة أظافري، في البداية كانت لدي موهبة كحارس مرمى، في الحي الذي كنت أسكن فيه، في فوجرو بشوفالي، تربيت في حي شعبي، في ذلك الوقت، كانت هناك دورات ما بين الاحياء وحتى بين العمارات والبنايات، كنت حارس مرمى في المستوى. وكيف تحولت للاعب ميدان؟ بعد ذلك، التحقت بنادي بشيبة الأبيار بعد إجراء اختبار كلاعب، كنت ألعب آنذاك في وسط الميدان الهجومي. ومتى تحولت للعب في منصب قلب الهجوم؟ تحولت لقلب الهجوم مع المنتخب الوطني في 1984، كان ذلك سهلا بالنسبة لي لأنني كنت العب بقدمي الاثنتين، وكنت مرتاحا للغاية بذلك. وهل أثر ذلك على مسيرتك الدراسية؟ في الدراسة، لعبت في جميع الفئات حتى بلغت السنة الثالثة ثانوي، درست في معهد الهندسة المعمارية في تيزي وزو 1981. وهل تركت مقاعد الدراسة مبكرا؟ لا، لقد تمكنت من الحصول على الشهادة، لكنني اخترت اللعب كمحترف في كرة القدم التي منحت لها وقتي الكامل وفضلتها على الاختصاص الذي درسته وكان خذا خياري الشخصي دون تأثير أي أحد. وهل انت نادم على ذلك؟ أبدا، لم اندم على خياري هذا. هل لنا أن نعرف الأحداث التي مازالت عالقة في ذهنك ؟ الفوز بكأس إفريقيا للأمم مثلا؟ هناك الكثير من الأحداث التي ميزت مسيرتي، صحيح أن التتويج بالكان يعتبر من أقوى اللحظات، لكن مشاركتي الاولى مع المنتخب الوطني بقت وستبقى عالقة في ذهني كأحسن ذكرى، حيث سجلت الهدف الثاني أمام سييراليون في ملعبها والذي سمح لنا بالعودة بالتعادل من هناك سنة 1980، في إطار تصفيات كأس العالم 1982 بعدها ربحناهم هنا ولم أسجل في مباراة العودة. مع ظهور القنوات التلفزيونية الخاصة في بلادنا، بدات مغامرة جديدة في التحليل الرياضي، ما رأيكم بهذه التجربة؟ أكتشف مهنة جديدة بالنسبة لي وأمارسها بشغف كبير، ومع مرور الوقت والحصص، الخبرة تأتي وحدها، حيث نكتسبها مع الوقت، ومازال أمامنا الكثير لنتعلمه في التسيير وفي تقديم الأمور والأراء. لنعرج للحديث عن المشاكل التي يعاني منها أبناء اللاعبون المحترفون في الثمانيات، نعلم أنكم أنشأتم لجنة للدفاع عن حقوقكم، ما الجديد في هذه القضية؟ في البداية كانت النية جيدة للغاية من طرف مجموعة اللاعبين التي قررت التحرك والدفاع عن اللاعبين السابقين، الذين لديهم أبناء معاقين، هم أولياء لأبناء معاقين بسبب ما حدث في تلك الفترة، من طرف تجاوزات الاطباء حينها، والذين أعطونا بعض الأدوية التي تسببت في مشاكل فيما بعد. ما نوعية هذه الأدوية ؟ وكيف تم وصفها لكم؟ بكل صراحة، لا أقول بأن هذا الأمر متعلق بالمنشطات، لكن الأكيد، هو أن في سنوات الثمانينات، ومع سياسة الإصلاح الرياضي، وقدوم المدربين الروس ونظرائهم من بلدان أوروبا الشرقية، في رؤوسهم، أعتقد أن الجزائر كانت تمثل حقل تجارب كبير، حيث جربوا العديد من الأدوية، وهناك تفصيل أريد أن أضيفه هنا. ماهو؟ مشكل الأبناء المعاقين لا يمس لاعبي كرة القدم القدماء فقط، ما يجهله الكثيرون أن معظم الرياضات الأخرى تأثرت به، ولو يتم فتح تحقيق، ستجد أنه وفي جميع الرياضات هناك رياضيون سابقون لديهم أبناء معاقين، فقط الناس لا تريد الكلام. وما هي نوعية هذه الأمراض؟ هناك من لديه أبن معاق، أو متخلف عقليا، وهناك من تأثر بتلك الأدوية حيث لديه مشاكل صحية بسببها، وأؤكد هذا لتكذيب الناس الذين يقولون أنه لا وجود للمشكل، فيه هناك لاعبون سابقون قادرون على الإدلاء بشهاداتهم. نتذكر أنكم شاركتم في إنشاء لجنة للدفاع عن حقوقكم، ما هو جديدها؟ كانت لدينا لجنة من أجل الدفاع عن حقوقنا، في البداية كانت النية حسنة، حاليا اللجنة لم تعد تتحرك، بقيت الأمور في بداياتها، تحركنا قليلا، وحركنا الامور من خلال وسائل الإعلام خاصة الأجنبية منها، والتي جاءت هنا أصرت على التحقيق في هذا الأمر، تكلموا معنا، والتقوا بأبنائنا، وتكلموا عن الموضوع لكن هنا لم تكن ردود أفعال. هل تعني انه ولا واحد من المسؤولين اتصل بكم لمعرفة حيثيات القضية؟ المسؤولون في بلادنا في البداية بينوا لنا أنهم يتحركون، وزراء ومسئولون في كرة القدم اتصلوا بنا، لكن ما تحدثوا عنه لم يكن سوى وعود. لنعد للحديث عن كرة القدم في بلادنا، بعد ولوجنا لعالم الاحتراف، ما رأيكم فيه لحد الآن؟ أرى أننا لم ندخله بالطريقة الحسنة، بل كانت البداية سيئة للغاية، وضعنا "الشريطة قبل العود"، الاحتراف في الجزائر هو بمثابة اننا هواة لكن متقدمين بعض الشيء، مع وجود مجالس الإدارات، وأصحاب الأسهم وغير ذلك. وما هي الطريقة المثلى للوصول للاحترافية حسب رأيك؟ الاحتراف هو في البداية تطوير العقليات، لا نستطيع أن نحول هاو في عقله إلى محترف آليا، الهاوي هو متطوع، والمتطوع لا يطلب مقابلا لما يبذله في مصلحة الفريق وهذا غير موجود في الجزائر، التطوع في الاحتراف غير موجود، فالعامل في النادي المحترف هو عامل وليس متطوعا. علينا أن نغير العقلية لكي نطور الاحتراف، لازم ناس محترفون وعاملون. يعني أنك لا تعترف بوجود الاحتراف في الجزائر أصلا؟ بل أفضل القول أنه لا توجد ثقافة احترافية في الجزائر، فالأندية مازالت في أماكنها تنتظر حضور السبونسور، ومازالت تعتمد على الإعانات المالية التي تقدمها السلطات الولائية والبلدية، لا توجد أندية تقوم بالاستثمار، فلو كنا في حالة مالية مرتاحة، حيث يتقدم المستثمرون ويقدمون أموالا للاندية، لكن الحالة غير جيدة. ولماذا يعزف أصحاب الأموال والمستثمرين على تمويل النوادي؟ المستثمرون يعزفون عن الأندية لأنهم لن يحصلوا على أي مقابل، حتى في حال التتويج بأحد الألقاب، حيث يقدمون الأموال دون مقابل، لا يوجد أي ناد يتحصل على فوائد، جميع الأندية مدانة، فعلى سبيل المثال، حداد رئيس اتحاد العاصمة، يصرف أموالا كثيرة على النادي، لكن، لا أعتقد أنه يتحصل على أرباح من ورائها، ولولا المشاريع التي يتميز بها، حيث أن أمواله الكثيرة، في حال التتويج بالبطولة، حتى الاموال التي يتحصل عليها جراء ذلك لن تمكنه من صرف رواتب اللاعبين لشهر واحد فقط، فإنه يصرف في الموسم الواحد أكثر من ذلك بحوالي خمس مرات إن لم نقل أكثر. لنتحدث عن المنتخب الوطني قليلا، كيف تقيمون سنة 2015، أي المشاركة في كان 2015 وما تبعها من أحداث؟ كأس إفريقيا كانت خيبة أمل كبيرة وأفضل نسيانها، كنا جميعا ننتظر الوجه الذي سيظهر به المنتخب الوطني خاصة بعد مشاركته المشرفة في كأس العالم 2010 بالبرازيل، حيث كنا نتوقع التتويج بالكأس الإفريقية، لكن ذلك لم يحدث. وما رأيك في الناخب الوطني، الفرنسي كريستيان غوركيف؟ النتائج هي التي تتحدث عن المدرب ، ليس عمل شهر أو اثنين، سنرى إن كان بإمكانه تأهيلنا إلى كأس العالم 2018 ، أو التتويج بكأس إفريقيا للأمم القادمة، هذه هي النتائج، لأن عقده مرتبط بالنتائج التي يحققها، وهو سيحاسب عنها. لم تحدثونا عن مستوى الخضر، نريد رأيكم كتقني إذا كان ممكنا؟ بين مواجهة تنزانيا ذهابا وإيابا، ظهر الخضر بوجهين مختلفين، وهذا ما شاهده الجميع، حيث في الذهاب، كان مشكل اختيار اللاعبين وبعض الخيارات التكتيكية، خاصة في خارج قواعدنا، نظرا للظروف الخاصة التي أحاطت بالمباراة، على غرار أرضية الميدان، وتحضير الفريق من جميع النواحي خاصة الجانب البسيكولوجي، في الإياب، كانت المواجهة في ملعبنا، ومع عودة براهيمي، وأفضلية أرضية الميدان والجمهور كانت الظروف مغايرة تماما، هنا علينا أن نحضر فريقا ليلعب في إفريقيا وفريقا آخر يلعب في الجزائر... وهل يوجد لاعبون محليون قادرون على تقديم الإضافة للنخبة الوطنية الحالية؟ لا يوجد أي لاعب يلفت الأنظار في البطولة المحترفة، في البداية كنت أتوقع أن ينفجر بلايلي كونه يملك إمكانيات كبيرة وتوقعت أن يفرض نفسه حتى مع المنتخب الوطني، في بطولتنا لا نستطيع أن ننتج لاعبين كبار في الوقت الحالي. كثيرون تحدثوا عن فرحات لاعب اتحاد العاصمة خصوصا بعد تالقه مع المنتخب الاولمبي وتاهله رفقته إلى الألعاب الأولمبية بالبرازيل، ما رأيك فيه؟ فرحات لا أعتبره لاعبا شابا، يبلغ 23 سنة، اعتقد أنه لا يمكن القول لاعب شاب متألق إذا لم يضمن مكانته في المنتخب الوطني وهو صاحب ال19 أو ال20 ربيعا، كما أن مستواه متذبذب، لا أجد أي لاعب قادر على فرض نفسه في التشكيلة الحالية للمنتخب الوطني، مع وجود أسماء كبيرة تلعب في نواد أوروبية عريقة. بدون شك، تتابعون البطولات الأجنبية وتألق اللاعبين على غرار ميسي وكريستيانو رونالدو، ما هو رأيك؟ اعتبر أن الثنائي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي هو الأحسن عالميا، مع الأفضلية لميسي، كما نسجل صعود البرازيلي نيمار داسيلفا المتواصل، وأعتقد أنه سيكون له شان كبير في كرة القدم العالمية مستقبلا. وبالنسبة للاندية؟ أحترم ريال مدريد كثيرا، لكنني احب البارصا كثيرا، حيث أتنقل بين الحين والآخر لمتابعة مبارياتهم هناك، وتعجبني الاجواء المحيطة بالمباريات، الأجواء التنظيمية تثير الإعجاب كذلك، فالملعب يمتليء في ظرف ربع ساعة ونفس الشيء بعد نهاية المواجهات، ويتم ذلك في ظروف رائع حيث تفتح جميع البوابات امام الأنصار. وهل صادفتم وجوم مناصرين جزائريين هناك؟ أجل، ألتقي بالجزائريين في برشلونة في العديد من المرات، يتعرفون علي، ويقتربون مني لأخذ الصور ونتبادل معهم اطراف الحديث. نريد الخروج عن المألوف هنا، لنسألك عن السياسة؟ صراحة، أحب ان أتكلم في السياسة، لكن أفضل الابتعاد عنها حتى أتفادى حديث الناس السيئ على شخصي، الواحد لما يكون صريحا ونزيها لا يمارس السياسة، أعتبر معظم السياسيين كذابين. العديد من الرياضيين السابقين عرضت عليهم مناصب سياسية، بل وتم الاستثمار في صورتهم، هل حدث معك هذا؟ بالفعل، اتصلت بي بعض الأطراف لإدخالي للسياسية، ورفضت بكل لباقة، أعتبر أنه ومنذ 1957 أو 1958 والجزائر في مكانها، أخاف على سمعتي وأحب أن أترك صورتي نظيفة، لو كان يؤمن الجميع بالتعددية والرأي الآخر لكان هناك كلام آخر. بدون شك، تابعتم الحديث عن وفاة المرحوم آيت أحمد... بطبيعة الحال، إنه شخصية وطنية خالدة، أحترم كثيرا الذين ماتوا وناضلوا من أجل الجزائر، ناضلوا بنيتهم وأحبوا البلاد ومصلحة الشعب أحترمهم كثيرا، أحترم المرحوم حسين أيت أحمد كثيرا، الناس سابقا تحدثوا عنه بالسلب، انتقدوه، وهناك من طالب بنزع الجنسية الجزائرية منه، والآن يذكرونه بالإيجابيات ويمجدونه "كي كان حي كان مشتاق تمرة وكي مات علقوا له عرجون" هذا نفاق، الرجل كان يحب الجزائر والديمقراطية، لست من الأفافاس وحتى أي حزب آخر، لكن لما نقرأ التاريخ، نجد أن أيت أحمد، بوضياف، كريم بلقاسم والبقية رجال عملوا بنيتهم الصادقة. لنعد لعالم كرة القدم، ندرك أنه كانت لديكم العديد من العروض، هل لنا أن نعرف مصدرها، وسبب رفضكم لها جميعا؟ كانت لدي العروض العديدة هذا الموسم، المولودية، شباب قسنطينة، وفاق سطيف، اتحاد البليدة، شباب بلوزداد العديد من الأندية التي عرضت رفضت هذه العروض لأنني كانت لدي انشغالات وأمور منعتني من أن ألتزم مع أي ناد، حيث لم أكن حرا في البداية للعمل مع أي ناد، واحتراما لهذه الأندية، رفضت العروض، عندما ألتزم مع أي ناد، يكون التزامي كبيرا حيث أخصص نفسي ووقتي للعمل، لتفادي المشاكل، والتردد. وهل قررتم العودة للميادين في فترة الإياب؟ لم أقرر بعد في مرحلة الإياب، لكنني سأدرب الموسم القادم كما سويت وضعيتي مع الفاف بعد حصولي على دبلوم التدريب فئة أ، وأشكر المديرية الفنية الوطنية التي سمحت لي بالمرور عن هذه العملية وتسوية وضعيتي.