يبدو أن الرجل الأول في "الأرندي" لم يتعلم شيئا من تجربته الطويلة في الحكم، لذلك نجده مصرا على نفس »السيرة« التي تنم عن ممارسة السياسة بطريقة"احتقارية" سافرة، حتى وإن حاول جاهدا الإدعاء بأنه »بوتفليقي« أكثر من غيره، وأنه يقول ذلك صدقا، لا كذبا! أحمد أويحيى، الذي كان يكسب قوته من ولائه المعلن للمسؤول السابق عن جهاز الأمن والاستعلامات، يريد منذ مدة أن يثبت العكس، وهذا ما تؤكده خرجاته الإعلامية الأخيرة، حيث أنه، في اجتماعه الأخير للمجلس الوطني لحزبه، ظهر وكأنه ناطق باسم رئيس الجمهورية ! كل ذلك ليس إيمانا، بل لحاجة في نفس يعقوب. حتى دفاع أويحيى عن المادة 51 لم يكن اقتناعا بهذه المادة، بل تزلفا وتقربا، في محاولة مفضوحة لاستجداء الرضا! هذا أولا، أما ثانيا، فإن الهدف هو معاكسة الأفلان تحديدا، لأن هذا الحزب، كما يبدو يقض مضجعه ليلا ونهارا، ولذلك فأحمد أويحيى، لا يفوت فرصة إلا وكانت هجماته، المعلنة والمبطنة، موجهة إلى الأفلان! هل يدخل ذلك في نطاق "الحسد" - مع أنه مذموم - لأن الحاسد لا يسود! أم أن زعيم الأرندي بالنيابة، يريد أن يلتزم الأفلان الصمت، وينزع عن نفسه الريادة ويصبح تابعا، لا صوت له ولا موقف؟! يعتبر أحمد أويحيى النقاش الذي يدور حول المادة مجرد "جدل" ويضيف بنوع من الاستعلاء بأن هذه المادة "تضمن للجزائر أن يكون ولاء أولئك الذين يرغبون في خدمتها للجزائر فقط دون سواها وأن يكونوا متحررين من أي صلة مع أي قوى خارجية كانت"! ألا يعني هذا التفسير والتعليل بأن من هم ضد هذه المادة يريدون أن يكون الراغبون في تولي منصب وزير أو سفير، أو والي عملاء وخونة ومرتبطين بالخارج؟ هل معارضة الأفلان للمادة 51 تعني بأن هذا الحزب يسعى لتمكين العملاء والخونة والمرتبطين بقوى أجنبية قد تقلد المسؤوليات، أم أن الهدف الذي دفعه إلى اتخاذ موقف من تلك المادة هو الدفاع عن الكفاءات الجزائرية الموجودة بالخارج، التي تدين بالولاء للجزائر أولا وأخيرا? ثم أليس الشخص المخول بالتعيين ، بحكم الدستور، هو رئيس الجمهورية، هل يقدم على إسناد مناصب مسؤولة في الدولة لمزدوجي الشخصية، من العملاء لقوى أجنبية؟ أويحيى - على طريقة مدح نفسه يقرؤكم السلام - يأبى إلا أن يهنئ نفسه على النتيجة التي حققها حزبه في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، يقول بأن تلك النتيجة كانت "نظيفة" وبلا (شكارة) في محاولة يائسة للإيحاء بأن الانتصار الذي سجله الأفلان يكون لم يكن كذلك !إننا نجد كل الأعذار لأحمد أويحيى في خرجات غير المحسوبة، لأنه كما يبدو، يعشق المغالطات ويهوى المهام (....) التي صرح مرارا وتكرارا أنه أهل لها ولا يريد أن يتراجع عنها، فهي تلتصق به ويلتصق بها، والله المستعان.