خرج حزبا السلطة جبهة التحرير الوطني، والتجمع الوطني الديمقراطيم خاويي الوفاض سياسيا في التغيير الحكومي المعلن، ويعد حزب الأغلبية الموصوفة الخاسر الأكبر ضمن هذا المشهد، فدائرة الآفلان ونفوذها داخل الجهاز التنفيذي تنكمش مع كل عملية تغيير، وكشفت مجريات الأحداث أن أمين الأفلان لم يعد أمين سر الرئيس والعلاقة بينهما ليست على ما يرام، مثلما يشيع بلخادم ويروج في كل مرة، فالرئيس تجاهل ممثله الشخصي سابقا في الاستشارة، وثبت خصومه في "الجهاز" ورد الاعتبار لمن أبعدهم، ومن أبقى عليهم الرئيس بوتفليقة في الحكومة هم رجالاته وليسوا رجالات بلخادم. التغيير الحكومي الذي أجراه الرئيس بوتفليقة، كان مباغتا للساحة السياسية، وفاجأ حتى المعنيين، وبرأي المتابعين للشأن السياسي فالقراءة الأولى لتشكيلة الحكومة الجديدة تؤشر إلى أن الخاسر الأكبر من التغيير هو ما يعرف بأحزاب السلطة، أو ما يعرف بالأحزاب الكبرى، فتشكيلة الحكومة حادت عن المرآة لدرجة أنها لم تعكس أبدا نتائج التشريعيات، فالأفلان الذي كانت بحوزته 18 حقيبة وزارية في عهد الأمين العام السابق علي بن فليس، انكمش على نفسه ولم يعد يحمل سوى 8 حقائب وزارية فقط، فحقائب الآفلان تسقط في كل تغيير كتساقط حبات السبحة. هذا الضرر لم يتوقف عند الآفلان، بل أخذ طريقه إلى الأرندي هذا الأخير الذي فقد قوة ونفوذ منصب الوزير الأول، وأصبح يحمل 5 حقائب وزارية فقط لقطاعات تعتبر قطاعات من الدرجة الثانية، وهي ضربة موجعة لن تكون بردا وسلاما على الأرندي وحتما ستظهر ملامحها على حزب أويحيى الذي يشهد "تخلاطا" سياسيا منذ مدة. وإن ذهبت قراءات سياسية في اتجاه أن إبعاد بوتفليقة لأويحيى، يعد مؤشر عن عدم رضى الرئيس عنه، فقد كشف التغيير الحكومي المعلن جليا أن علاقة بلخادم بالرئيس، ليست على ما يرام وليست سمنا على عسل، مثلما هو حريص على الاستثمار فيه، في كل مناسبة والأدلة على ذلك عديدة ومتعددة، فالتغيير الذي شكل سرا إلى غاية صباح الإثنين بالنسبة للوزير الأول المرحل والقادم لاستخلافه، سبقته تصريحات لبلخادم أكدت أن الرجل خارج مجال التغطية ، فبلخادم علق بنبرة الواثق في تصريح صحفي يوم السبت الماضي، أن الحديث عن التغيير الحكومي مجرد إشاعات. العلاقة بين بوتفليقة وبين بلخادم ليست على ما يرام، فالرئيس لم يكتف بعدم استشارة بلخادم فقط، وهو صاحب الأغلبية الموصوفة في التغيير، بل أضاف إليها سحب الثقة منه كممثل شخصي وكأنه يريد أن يسقط عليه غطاءه، كما ثبت الرئيس ضمن الحكومة الجديدة خصوم بلخادم، مثلما عليه الأمر بالنسبة لوزير العلاقات مع البرلمان محمود خضري، بالمقابل أبعد ثلاثة وزراء من المقربين لبلخادم، ويتعلق الأمر ببركات وولد عباس وجيار. وإن كان قد أبعد بوتفليقة كذلك خصم بلخادم، الهادي خالدي، فقد رد الاعتبار لرئيس المجلس الشعبي الوطني السابق عبد العزيز زياري، الذي تخلص منه بلخادم بعد معركة ضارية بسبب رأس قائمة الترشح في العاصمة في التشريعيات السابقة، فجدار القاعة التي تدور بها اجتماعات المكتب السياسي في المقر المركزي للأفلان، تشهد على حروب كلامية دارت رحاها بين زياري الذي نفخ فيه بوتفليقة الروح سياسيا، بتفويضه مهمة تسيير شؤون وزارة الصحة، وبين عبد العزيز بلخادم الذي كاد أن يضع حدا للحياة السياسية لزياري. كما أن عودة الوزراء النواب إلى الحكومة، تؤكد أن الرئيس احتفظ برجاله داخل الأفلان ولا علاقة لأمينهم العام بالأمر، فبلخادم عجز في الحفاظ عن منصبه كممثل شخصي للرئيس ولم يخسر مقعده الحكومي فحسب، بل يبدو كذلك أنه فقد ثقة بوتفليقة، ولم يعد أمين سره، وإن كان الأمر يعود لفترة طويلة وليس اليوم بشهادة العديد من الوقائع منها التزامه الحياد في معركته مع خصومه، وتصريحات سابقة لبلخادم في الفترة التي كان فيها الرئيس مريضا، أكدت أنه لم يكن أبدا ضمن مجال التغطية. العتيد الذي مكنته الدعوة الضمنية للرئيس للتصويت لصالحه في التشريعيات من انتصار غطى على نصره أيام الحزب الواحد، لم يمكنه هذا النصر من حصد حقائب جديدة، بل أن تواجده داخل الحكومة بدأ يضمحل مما يعني أن بلخادم الذي استخدم التغيير الحكومي مهدئا للغاضبين سيواجه أياما عصيبة في الأيام القليلة القادمة، خاصة وأن الجامعة الصيفية نهاية الأسبوع المقبل. ملاحظة أخرى تستوجب التوقف عندها وتتعلق بأنه من مجموع 36 وزيرا يشكلون الحكومة لا نجد سوى 17 وزيرا فقط يمثلون تيارات سياسية وينتمون إلى سبعة أحزاب سياسية بما فيها حركة مجتمع السلم بوجود وزير التجارة، هذا الرقم يؤكد أن الرئيس أسقط من حساباته نهائيا الأحزاب، وفضل التعامل مع الكفاءات بأسمائها بعيدا عن انتماءاتها الإيديولوجية. فالحكومة حتى وإن ضمت سبع تشكيلات سياسية هي الأفلان والأرندي وحمس وحزب الحرية والعدالة وحزب التجمع الجمهوري والحركة الشعبية الجزائرية وحزب تجمع أمل الجزائر، فتركيبتها في الشكل والمضمون تبين أن وزن الأحزاب كان غائبا تماما، بدليل وجود 20 وزيرا دون انتماء سياسي، فهل هي إشارة صريحة من الرئيس لحزبي التحالف أنه في غنا عنهم؟، أم أن الأمر يتعلق بإرادة سياسية منه لسحب غطائه عن أي تشكيلة تريد أن تصنع مجدها على حسابه؟