السباق نحو انتخابات الرئاسة في أمريكا يؤكد انحطاط في السياسة في واحدة من أكبر الديمقراطيات في العالم، فقد حقق الملياردير دونالد ترمب فوزا مهما في جولة نيوهامبشاير من الانتخابات التمهيدية، ويجعله هذا الفوز الأوفر حظا لتمثيل الجمهوريين في الانتخابات التي تجري في نوفمبر القادم. ما يثير الانتباه في هذا الصعود لدونالد ترمب هو خطاب الكراهية الذي يسوقه منذ قراره دخول السباق نحو الرئاسة، فالرجل يدعو صراحة إلى منع المسلمين، الذين يتهمهم بالإرهاب، من دخول الولاياتالمتحدة بحجة أنهم يمثلون خطرا على أمن البلاد، وفي آخر استطلاع للرأي حول الموقف من هذه الدعوة تبين أن 66 بالمائة من أنصار ترمب يؤيدونه بهذا الخصوص ما قد يجعل هذا الموقف العنصري أحد أسباب النجاح السياسي لترمب. مهما تكن نتائج الانتخابات التمهيدية، فإن المؤكد أن خطاب الكراهية المعادي للمسلمين يكسب مزيدا من المواقع على الساحة السياسية الأمريكية، وحتى إن كان الوفاء بهذا الوعد الانتخابي ليس أمرا هينا، فإن تحويل كراهية دين وأتباعه إلى ورقة انتخابية يعتبر أمرا مشينا في بلدان ترفع شعار الدفاع عن حقوق الإنسان وحرية المعتقد. فرنسا هي الأخرى تستعد للانتخابات بنفس الطريقة، فقد اختار الاشتراكيون الذين يحكمون البلاد منذ أربع سنوات أن يعدلوا الدستور بما يقنن التمييز في بلاد المساواة، حيث أصبح الفرنسيون المنحدرون من أصول أجنبية مواطنون من الدرجة الثانية، وهم مهددون بفقدان جنسيتهم الفرنسية في حال التورط في فعل يصنف على أنه إرهابي، ويبدو أن هذه الخيارات التي أثارها اليمين الفرنسي قبل سنوات بات يعتنقها الملايين من الفرنسيين الذين وقعوا تحت تأثير وسائل إعلام منحازة. على طريق أمريكاوفرنسا تسير كثير من الدول الغربية حيث يشهد اليمين المتطرف صعودا غير مسبوق، وتتحول الديمقراطية إلى وسيلة لتعميم الكراهية، وتصبح الحملات الانتخابية فرصة لنشر مزيد من التطرف في حين تهمش القضايا الأساسية المتعلقة بالإنسان وبالقضاء على التفاوت الذي يعزز سطوة الأقلية الغنية على الأغلبية التي يجري تضليلها بالخطابات الشعبوية الفارغة، وربما يدفع بها إلى تمويل مزيد من الحروب التي تنتهي فوائدها إلى جيوب الأغنياء.