خطاب أحمد أويحيى، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، الذي ألقاه أمس في سكيكدة هو أول امتحان للخطاب الرسمي الذي يسوق للعهد الجديد الذي بشر به المتحمسون لمشروع تعديل الدستور، فقد تضمن هذا الخطاب تأسيسا لشرعية لم يتم تضمينها في الدستور المعدل، وهي شرعية مكافحة الإرهاب، وعاد إلى تحقير المعارضة واعتبارها فعلا منافيا للوطنية ومضرا بمصالح الوطن. للرد على وصف الأرندي بأنه حزب ولد كبيرا قال أويحيى إن الذين يتهموننا يتجاهلون حقيقة أن الأرندي حزب ولد بكلاشينكوف على الكتف، مشيرا إلى ضحايا الاغتيالات من مناضلي الحزب، غير أن الإشارة العميقة هنا هي أن الحزب يستمد شرعيته من مكافحة الإرهاب، ويعيدنا هذا الخطاب إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت مكافحة الإرهاب غطاء لتمرير كل الممارسات غير الشرعية ومن أربزها عملية التزوير واسعة النطاق التي شهدتها الانتخابات التشريعية والمحلية التي جرت في سنة 1997، والتي تمت تحت الترهيب الذي مارسته السلطة، وباستعمال السلاح . قد نفهم خطاب أويحيى ضمن استمرارية المواقف السياسية للحزب، لكن كيف يمكن لهذا الحزب أن يطابق مواقفه مع التعديل الدستوري الأخير، خاصة وأن الأمين العام للحزب هو مدير الديوان برئاسة الجمهورية، وهو أول من قدم التعديلات الدستورية لوسائل الإعلام، ومن خلالها للرأي العام، وقد يكون مهما تذكير الرجل بأن الدستور المعدل جاء ليؤكد على المصالحة الوطنية، والتي جاءت على أنقاض السياسات التي جرى تنفيذها في تسعينيات القرن الماضي، وأكثر من هذا، فإن كل التطورات السياسية الأخيرة يجري تسويقها على أنها تجاوز للسياسات الخاطئة التي أفرزتها الأزمة، أو تم تبريرها بالأزمة. التناقض الآخر مع التعديل الدستوري، هو هذا الهجوم الشرس على المعارضة التي يعتبرها أويحيى من بقايا فيروس الربيع العربي الذي تم تجاوزه، ويبدو أن الضمانات التي يوفرها التعديل للمعارضة نسيها أويحيى سريعا، فقد أحيى خطاب سكيكدة أمس تلك الرؤية الأحادية التي تعتبر الاختلاف في الرأي مشكلة تجب تسويتها، وأن كل من ليس مع السلطة هو بالضرورة ضد الوطن. أمر واحد أثبته أويحيى، هو أن الأرندي وليد أزمة، وبقاؤه على الساحة هو مؤشر على استمرار أزمة، وأنه غير قابل للتطابق مع الشعارات التي رفعها التعديل الدستوري الأخير.