بعد أيام من الغارة الأمريكية على صبراتة الليبية دخل مقاتلو داعش إلى وسط المدينة، سيطروا على المباني الحكومية، ورفعوا راياتهم السوداء فوقها، وبدا الأمر وكأنه رسالة إلى المنطقة بكاملها، فقتل عشرات من المنتسبين إلى التنظيم، ومن ضمنهم عنصر قيادي، لا يعني أن الخطر زال، بل إن ما جرى في صبراتة عزز المخاوف من سقوط مزيد من المواقع في ليبيا في يد داعش. هناك تفصيل مهم ومقلق تشير إليه تصريحات سابقة لعناصر داعش، ويتعلق باختيار صبراتة بالذات، وتشير المعلومات إلا أن سبب اختيارها هو قربها من بن قردان التونسية، وبصرف النظر عن التفاصيل التي تتحدث عن المقاتلين التونسيين في صفوف داعش، والذين ينحدرون من المدينة، فإن الأهم هو أن داعش يستهدف المنطقة برمتها ولا يكتفي بالبحث عن موطئ قدم في ليبيا. تجربة داعش في سوريا والعراق قامت على السيطرة على مناطق حدودية، والتمدد في البلدين في نفس الوقت، وهذه الخطة لها أهدافها من حيث فتح الجبهات، ونقل الخطر إلى مناطق أبعد، ويجعل الحرب على التنظيم أكثر تعقيدا، كما أنها تفتح منافذ الهرب لمقاتليه في حال تضييق الخناق عليهم. تقول حكومة طرابلس، إنها ألقت القبض على قائد داعش في صبراتة، وقد يكون الخبر صحيحا، وقد يكون مجرد محاولة لتحقيق مكسب سياسي لحكومة لا تحظى بالاعتراف الدولي، لكن حتى إلقاء القبض على قائد التنظيم في صبراتة لا يعني حل المشكلة التي تواجهها ليبيا، فالغارة الأمريكية قتلت عشرات من مقاتلي التنظيم، ومن ضمنهم عنصر قيادي، لكنها لم تمنع من دخول داعش إلى وسط المدينة والسيطرة عليه بعد أيام قليلة من ذلك. الخطة الأساسية قد تكون السيطرة على مناطق واسعة في ليبيا، بما في ذلك الوصول إلى موانئ نفطية، واحتلال بعض المناطق في جنوبتونس، وهذ سيمثل كارثة للمنطقة، وعلى الدول المعنية أن تتخذ ما يلزم لمواجهة هذا المشروع التدميري الذي لن توقفه غارات الطائرات الأمريكية.