الوزير الأول يعترف بأن سعر النفط الذي هبط دون السعر المرجعي الذي اعتمد في قانون المالية صار مشكلة، والحل سيأتي في شهر أفريل القادم على شكل مخطط، سلال اعتمد كلمة نموذج اقتصادي، يغطي الفترة الممتدة من سنة 2016 إلى سنة 2019. السياسات الاقتصادية والاجتماعية ستتم مراجعتها بما يسمح بالحفاظ على التوازنات الاقتصادية الكلية، وانعقاد اجتماع للثلاثية في شهر جوان القادم يعزز الاعتقاد بأن الحكومة تريد أن تتحكم في آثار الأزمة الاقتصادية، وقد تحدث الوزير الأول الأربعاء الماضي عن التوازنات الكلية بما يفيد أن الوضع الاقتصادي متحكم فيه، وكرر مقولته المعروفة حول عدم اللجوء للاستدانة قريبا. قراءة الوضع الاقتصادي تطغى عليها الاعتبارات السياسية، والحديث عن التوازنات الكلية، وهو أمر درجت عليه الحكومة منذ سنوات، هو محاولة لتقديم صورة مشرقة عن حالة الاقتصاد الوطني، صورة تبدو أقل إشراقا عندما يتم استحضار حقائق الاقتصاد الجزئي، والوضع الاجتماعي والتبعية المطلقة للمحروقات. خطاب الحكومة لم يتغير كثيرا، فالوزير الأول يبدو أكثر اهتماما باستبعاد اللجوء إلى الاستدانة من اهتماهه بتقديم حلول عملية وعميقة للوضع، في حين أن الاستدانة ليست مشكلة، ويمكن أن تكون خيارا مجديا لو جاءت ضمن سياسة اقتصادية مدروسة بإحكام ولها أهداف واضحة، والمشكلة التي تطرح هي هذه المرواغات التي يعمد إليها المسؤولون، فالقول بأن الجزائر ليست مضطرة للاستدانة في القريب العاجل يخفي حقيقة أن الاستدانة ستكون خيارا حتميا خلال سنوات قليلة، ومن هنا يرى بعض الخبراء أن تعطيل دراسة هذا الخيار قد تكون له عواقب وخيمة على الاقتصاد. التمسك بالسياسات الاجتماعية في الخطاب، رغم عدم وجود إمكانات مالية حقيقية للتجسيد الوعود، هو هروب من أزمة تلاحقنا بسرعة فائقة، بل إنه سقوط في فخ الوعود التي لن تنفذ، وستكون الكلفة السياسية لهذا التوجه عالية جدا، ومن الأفضل مواجهة الواقع بالصدق والشفافية، وبالخيارات العملية التي تجعل تضحيات اليوم تثمر غدا.