تواصل أسعار النفط تراجعها، وبالنسبة للجزائر الذي يهم هو أن السعر الحالي أصبح في مستوى السعر المرجعي الذي تم اعتماده في قانون المالية لسنة 2016، وقد يصبح دونه خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، وهذا يعني أن الحكومة كانت بعيدة كل البعد عن قراءة ما يجري في الأسواق الدولية بشكل صحيح. منذ سنوات كانت مؤشرات ركود الاقتصاد العالمي واضحة، وكان الخبراء يؤكدون أن سعر النفط سيتراجع باعتبار أن تراجع أداء الاقتصاد العالمي سيقلل الطلب على الطاقة، وكان من المتوقع أن تتصرف الحكومة الجزائرية على أساس هذه التوقعات، ففي العادة تصل آثار الأزمات الاقتصادية العالمية إلينا متأخرة بعض الشيء، وقد حدث هذا في ثمانينات القرن الماضي، لكن يبدو أننا لا نستفيد من الدروس السابقة، ولهذا سمعنا نفس الخطاب المستغرق في التفاؤل والذي لم يخل من الاستخفاف بكل تلك الإنذارات التي أطلقها بعض الخبراء الاقتصاديين الجزائريين والذين اتهموا بممارسة السياسة وتشويه الحقائق. في سنة 2012 كانت لدينا كتابة دولة للإحصاء والاستشراف، غير أنها فشلت على ما يبدو في توقع ما يجري الآن حتى أن السمة الأبرز في سياسات الحكومة هي التخبط، واعتماد 37 دولارا كسعر مرجعي للنفط في قانون المالية 2016 يؤكد أننا نسير على غير هدى، ولو اعتمدت التقارير التي تنشرها الهيئات الدولية، وبعض البنوك الكبرى في الغرب، فضلا عن الدراسات التي تصدر بشكل دوري عن مراكز متخصصة، لكانت تواقعاتنا أكثر دقة. قبل أسابيع قليلة كان بنك جولدمان ساكس قد نشر توقعات متشائمة بخصوص أسعار النفط أخذت في الاعتبار واقع الصناعة النفطية، وارتفاع المخزون بأضعاف ما كان متوقعا، زيادة على معدلات نمو الاقتصاديات الكبرى في العالم، وجاءت الخلاصة لتقول بأن سعر النفط قد يهوي إلى حدود العشرين دولارا خلال السنوات القليلة القادمة، وهذه تمثل كارثة اقتصادية بالنسبة لنا. لا يمكن أن نفهم كيف لدولة يعتمد اقتصادها بشكل كلي على النفط أن تعجز عن توقع اتجاه الأسعار، فهذا الفشل هو أخطر مؤشر على الإطلاق، ومن حقنا أن نتساءل كيف يمكن لهذه الحكومة أن تضع خططا اقتصادية لمواجهة هذا الظرف العصيب.