أكد أمس وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أن بلاده تسعى للتهدئة مع الجزائر بعد التوتر الذي حصل بين الجانبين على خلفية مباراة في كرة القدم بين فرقي البلدين في إطار التصفيات المؤهلة لمونديال 2010، وتأتي تصريحات مسؤول الدبلوماسية المصرية في ظل الحديث عن تحرك الجامعة العربية من أجل احتواء الأزمة التي امتدت إلى المستوى الدبلوماسي بين الجزائر ومصر، وإعلان كل من السودان وليبيا استعدادهما للقيام بدور الوساطة من أجل رأب الصدع وتجاوز الخلافات التي انتقلت من ملاعب كرة القدم إلى المستوى الرسمي خصوصا بالقاهرة. صرح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أمس قبيل مغادرته القاهرة متوجها إلى باريس للمشاركة في اجتماع حول علاقة الاتحاد الأوربي بمصر، أن بلاده تسعى للتهدئة مع الجزائر بعد الأزمة الأخيرة التي نشبت بينهما بسبب مباراة كرة القدم بين فريقي البلدين ضمن تصفيات مونديال كرة القدم عام 2010، وأوضح رئيس الدبلوماسية المصرية في نفس السياق أن عدة أطراف عربية من بينها ليبيا والسودان تسعى للوساطة بين البلدين واحتواء الأزمة، مؤكدا بأن »الهدف المصري هو التهدئة والتبريد واستعادة وضع الهدوء« وقال أحمد أبو الغيط أن العديد من العاملين المصريين الذين عادوا من الجزائر بسبب أحداث الشغب التي أعقبت مباراة القاهرة والتي تعرض فيها الفريق الوطني الجزائر والأنصار إلى اعتداء من قبل المصريين، يبدون الرغبة بالعودة إلى أعمالهم في الجزائر،مضيفا بأن مصر تقوم حاليا بجرد المصالح المصرية التي تضررت بهدف المطالبة بتعويضات عن الخسائر التي لحقت بها، وكشف في هذا السياق بأن حجم الاستثمارات المصرية في الجزائر يبلغ حوالى ستة مليارات دولار أميركي، في حين يبلغ حجم العمالة المصرية في الجزائر حوالى 15 ألف عامل وموظف. وتأتي تصريحات وزير الخارجية المصري متزامنة مع خفض الطرف المصري من حدة الحملة الإعلامية وحتى الرسمية التي أساءت إلى الشعب الجزائري طيلة الأيام التي أعقبت مباراة أم درمانبالخرطوم والتي فاز فيها الفريق الوطني الجزائري على نظيره المصري، كما تزامنت أيضا مع رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس المصري حسني مبارك للرئيس عبد العزيز بوتفليقة والتي هنأه فيها ومن خلاله كل الشعب الجزائري بحلول العيد الأضحى، وهي رسالة وإن جرت عرفا في المعاملات الدبلوماسية أن تتواصل حتى في ظل الأزمات والتوترات بين الدول، إلا أنها تكشف في جانب منها عن رغبة القاهرة في التراجع عن سياسة الهروب إلى الأمام و أساليب الشحن والدفع بالوضع نحو الأسوأ الذي سوف ينعكس لا محالة سلبا على الجانب المصري بالدرجة الأولى. وكانت الجامعة العربية السباقة إلى دعوة الجزائروالقاهرة إلى ضبط النفس ووقف المشاحنات بينها وتفادي التسخين، ودعا أمينها العام عمرو موسى البلدين إلى نبذ الفرقة وتغليب التعقل وحل الخلافات بينهما بشكل هادئ، ومن جهتها عبرت السودان عن استعدادها للمساهمة في إذابة الجيد المتراكم فوق العلاقات الجزائرية المصرية، وقال مصطفى عثمان إسماعيل، مستشار الرئيس السوداني الخميس المنصرم أن السودان عرض الوساطة بين الجزائر ومصر، علما أن وسائل الإعلام المصرية وانطلاقا من منطق شوفيني استعلائي وعدائي هاجمت بشكل شرس السودان، وانساق بعض رموز النخبة وحتى بعض الرسميين في مصر وراء الفضائيات التي اتهمت الخرطوم بالا أمن وأنها لم تفعل أي شيء لحماية المناصرين المصريين مما زعمت أنها اعتداءات تعرضوا لها على يد المشجعين الجزائريين، ولولا تدخل الرئيس مبارك شخصيا لوقف التحامل على النظام السوداني لوصل الأمر إلى مستويات خطيرة قد تعصف بالعلاقات بين مصر والسودان، خاصة بعد إقدام الخرطوم على استدعاء السفير المصري لديها وإبلاغه استيائها من الحملة التي تعرض لها السودان، ويشار إلى أن مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني قد تحدث عن خطة من ثلاث خطوات لإنهاء الخلاف تتضمن أولا تهدئة وسائل الإعلام والثانية تقييم خسائر الطرفين والثالثة تسوية هذه الخسائر وإعادة الأمور بين الدولتين إلى طبيعتها. وكانت مصادر دبلوماسية قد كشفت في وقت سابق بأن القائد الليبي معمر القذافي قبل طلب أمين عام الجامعة العربية، عمرو موسى، المتعلق بلعب دور الوساطة لتهدئة الأمور بين الجزائر و مصر، بعد التوتر الذي أصاب العلاقات بينهما، وهو ما أكدته وكالة الأنباء الليبية أيضا، حيث قالت بأن عمرو موسى اتصل هاتفيا بالزعيم الليبي، و طلب منه التدخل، بصفته رئيسا للاتحاد الإفريقي، و بما تربطه من علاقة بالرئيس بوتفليقة، خاصة في الفترة الأخيرة، ويتوقع على اثر ذلك أن يقوم الزعيم الليبي في غضون الأيام المقبلة بزيارة إلى كل من الجزائر ومصر لتلطيف أجواء التوتر بين البلدين، مع الإشارة أن سفير الجزائربالقاهرة عبد القادر حجار كان قد أعلن للصحافة أنه يجهل وجود هذه الوساطة الليبية. لكن ومن وجهة نظر أخرى يتوقع العديد من المتتبعين والعارفين بخبايا الدبلوماسية أن تقبل الجزائر وحتى القاهرة بوساطة للتهدئة للأجواء المشحونة بينهما، على اعتبار أن الخلافات التي حصلت لم تصل إلى مستوى استدعاء السفراء بشكل نهائي أو قطع للعلاقات، وبقيت في حدود التعبير عن الاستياء أو استدعاء السفير للتشاور، ويرتقب حسب بعض التوقعات أن تتراجع حدة الخلافات بين البلدين خلال بالأيام القليلة المقبلة وتزول حالة التوتر بشكل تدريجي، وحتى وإن كان قطع العلاقات مستبعد، وسحب الاستثمارات المصرية من الجزائر غير متوقع، فإن كل المؤشرات تؤكد بأن العلاقات الجزائرية المصرية سوف تعرف فصولا من الفتور قد تدوم سنوات.