عندما قامت بعض الفضائيات المصرية في ظل الحملة الشرسة التي تعرضت لها الجزائر على مختلف الأصعدة والمستويات وجدت اسم ابنتي فيروز الصحفية بقناة الجزيرة محشورا ضمن قائمة من شملتهم هذه الحملة التي تجاوزت كل الحدود والأخلاق السياسية والصحفية والمهنية. فقد ادعوا أن عدم بث الجزيرة لما زعموه ب )الاعتداءات التي قام بها أنصار الفريق الوطني الجزائري في الخرطوم ضدهم( كانت بإيعاز وتحريض من فيروز عبر ما فبركوه بأن اللاعب الجزائري الفذ كريم زياني هو شقيق لفيروز !! وقد ردت العديد من الصحف الجزائرية مشكورة و من بينها الشروق اليومي وliberté على ذلك الخرف الإعلامي في حينه ودحضته . وقد قالت فيروز مخاطبة مثل هذا الإعلام التهريجي في مصر إن زياني وإن كان ليس هو لقبي الأصلي حقيقة ولكنه لقب زوجي هو فعلا أخ لي باعتباري جزائرية مثله في ذلك مثل كل الإخوة الجزائريين الآخرين الذين نعتز بالانتساب لهذا الوطن الكبير برجالاته و نسائه وتاريخه و مجده وشهدائه وعظمائه. والحقيقة أن هذا الهرف الذي أصاب المنتمين إلى الفضائيات المصرية خصوصا ولا أقول رجالات المهنة ونساءها لأنه ثبت أن معظم هؤلاء هم مجرد كتبة وأبواق في أيدي غيرهم وليسوا صحافيين ممتهنين، لأن الصحافة كما درسناها حتى من قبل بعض فطاحل الصحافة المصرية والأساتذة البارزين في الجامعة ثم طبقناها في الميدان صحافيين و مسؤولين في نفس الوقت هي رسالة سامية قبل أن تكون مهنة أو وسيلة للارتزاق . و يبدو أن هذه المهنة في بعض المؤسسات المصرية و خاصة الفضائيات أسندت مهمة تنشيطها و تسييرها لمجموعة من البلطجية .. و قد سألني مواطن بسيط عن هذا المصطلح الشائع في مصر خصوصا والذي أصبح بعض الجزائريين يرددونه تهكما بعد أن حاولت بعض الفضائيات المصرية عقب مباراة الخرطوم إلصاق هذه الصفة ظلما وبهتانا بالأنصار الجزائريين الذين تابعوا تلك المباراة و كان من بينهم نخبة من فحول المجتمع الجزائري نوابا وسياسيين وإطارات وزراء وشبابا تطبعه الرجولة الجزائرية والشهامة وهو أبعد ما يكون عن التخنث، بينما جلب المصريون حقيقة مجموعة من البلطجية من المجتمع المخملي المنتمي إلى شتى التخصصات مثل الرقص وهز البطن والتمثيل الهابط والدجل والكذب والتخنث والرجولة المصطنعة.. والحقيقة أن البلطجة هي تعبير شائع يعني فرض الرأي بالقوة والترهيب وكذا محاولة السيطرة على الآخرين بمختلف الوسائل بما فيها القوة أو الكذب والدجل والتلفيق .. ثم إن البلطجة تتعدى هذه المفاهيم إلى محاولة إرهاب الآخر و تخويفه ولو عبر )الهف( كما هو متداول في المصطلح الجزائري الشائع .. والبلطجة مصطلح عامي مصري، ليس له أصل في اللغة العربية ، و لكنه يعود إلى اللغة التركية أصلا وهو مركب مفردتين : )بلطة( و )جي(. ف (البلطة) هي وسيلة القطع و الذبح التي قد تكون سكينا أو فأسا أو سيفا و أما )جي( فهي من يحمل هذه البلطة أو الذي يقوم بالفعل البلطجي، فقد يكون سكيرا أو صعلوكا أو مجرما، أو ذا سلوك مشين .. وإذا كان العامة ينسبون كل فعل مشين للبلطجية من سرقة وتعدي على الحرمات وأعمال صعلكة وعربدة، فإن النظام المصري يلصق هذه الصفة المشينة حتى بالمعارضين السياسيين، فهو يصف المعارضة عموما بأنها عمل بلطجة بما في ذلك تنظيم )كفاية( الذي كان مصدر قلق للنظام المصري .. وقد ذكرني هذا المصطلح بالتعبير الشهير الذي كان يستخدمه وزير الإعلام السابق في نظام صدام حسين محمد سعيد الصحاف وهو مصطلح )العلوج( !! فقد كان الصحاف يردد في ندواته الصحفية و تصريحاته ضد الأمريكيين والبريطانيين في حربهم ضد العراق عام 2003 هذا المصطلح، و هو يعني أصلا حمار الوحش، ويطلق مجازا على الرجل المترهل السمين الضخم الجثة الذي لا يقدر حتى على الحركة، و يقصد به حينها الشخص الغبي الأبله والمعتوه الذي لا يستطيع فهم الأشياء بسهولة .. وقد أشار الصحاف ذات مرة أن هذا التعبير الذي كان يقصده هو حشرة تلتصق بجسم الإنسان و تمتص دمه، ويبدو أنه كان يعني بها ما يعرف عندنا بالعلق.. وبعبارة أوضح فقد كان الصحاف يريد أن يقول إن الأمريكيين و البريطانيين هم مصاصو الدماء.. وعلى ضوء ما عشناه فإن هذه الأزمة التي خلقها بعض أقطاب النظام في مصر في محاولة للإساءة إلى الجزائر عرت في النهاية الفضائيات المصرية، و بينت للرأي العام في مصر وخارج مصر أن من يسير هذه الفضائيات والإعلام المصري عموما هم مجرد بلطجية لا علاقة لهم بالاتصال الذي تربطه قوانين، و تحكمه أخلاقيات ومهنية عالية حتى ضد الدول المعادية في زمن الحروب ..