ينتقل ممارسو الصحة العمومية بداية من يوم الاثنين المقبل إلى الإضراب المفتوح عن العمل، وهذه النقلة النوعية في حد ذاتها هي تصعيد فعلي للإضراب المتقطع أسبوعيا، الذي تواصل على امتداد شهر كامل، وتفسير ذلك عند النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، المشرفة على الإضراب هو عدم تلقي استجابة مقنعة بشأن نظام المنح والتعويضات، والقانون الخاص، والخارطة الصحية الجديدة، وغيرها من المطالب الأخرى التي تضمنتها لوائح الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للنقابة. منذ فترة ليست بالقصيرة، رفعت النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية جملة من المطالب المهنية الاجتماعية، وفي مقدمتها نظام المنح والتعويضات، والقانون الخاص، وإعادة النظر في الخارطة الصحية الجديدة، ورفع حالة ما يصفونه بالإقصاء والتهميش، التي قالوا أن نقابتهم تعامل بها في الظروف العادية، وحتى في الإضرابات والاحتجاجات. وسبق للدكتور الياس مرابط الرجل الأول في النقابة أن طرح هذا الأمر في أكثر من مرة على الصحافة الوطنية، وأعطى مقارنة بين المعاملة التي تحظى بها النقابات الأخرى في نفس القطاع ونقابته، التي تساءل في أكثر من مناسبة عن سر حالة ما وصفه بالإقصاء والتهميش واللامبالاة التي يعاملون بها، وفي نفس الوقت كان أعطى صورة مقارنة بين التعاملات التي تلقاها الشرائح المهنية، المكونة لنقابته وبقية الشرائح في النقابات الأخرى، وهذا هو اللوم، والعتب، وحالة عدم الارتياح، التي كان يُبديها من جهته الدكتور محمد يوسفي، رئيس النقابة الوطنية لأخصائيي الصحة العمومية حين اتهم الوزيرين السابقين مراد رجيمي، وعمار تو بسياسة الكيل بمكيالين مع أخصائيي الصحة العمومية من ناحية ، وأساتذة العلوم الطبية، ومساعديهم الجامعيين من ناحية أخرى. هذا اللوم والعتب وحالة عدم الارتياح والغضب هي اليوم عند الأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان العاملين في القطاع العمومي، وهم زيادة على حالة الإقصاء والتهميش التي يشعرون بها إزاء وصايتهم، هم مقتنعون تمام الاقتناع أنهم الفئات الأكثر تضررا من التدني الكبير الذي هي عليه أجورهم و صعوبة ظروف عملهم، وهنا وتحت هذا الباب تحديدا يرى الأطباء العامون العاملون بالعيادات وأقسام الاستعجالات بالمستشفيات، الذين تقربت منهم »صوت الأحرار« أنهم هم في كل هذا، الضحية الأولى بالنظر إلى سنوات الدراسة الطويلة، التي قضوها في كليات الطب، وإلى الأجور المتدنية، التي يتقاضونها، مقابل ما يبدلونه يوميا من جهود مضنية ، ولاسيما منهم، من هم يزاولون عملهم ، بالمستشفيات والعيادات التابعة لمؤسسات الصحة الجوارية، الآهلة، والمكتظة مواقعها بكثرة السكان والمرضى طوال أيام السنة، ويطلب منهم في نفس الوقت ضمان المناوبات الليلية، التي تمسهم دوريا، وفق أعدادهم بهذه المواقع، وحدّث ولا حرج عن الجهود المضنية الإضافية، التي يبذلها بعضهم في حالة ما إذا لم تكن إدارتهم عادلة ومنصفة، وتغض الطرف عن زوجة هذا الفلان، أو ذاك، المدلل بانتهازية المدير ومساعديه، وما أكثر هذا النوع من البشر، وهم بناء على كل ما هم فيه من إجحاف وظلم في التسيير والمعاملة في أكثر من موقع يرون أن تدخل الوزارة بقوة أمر واجب، وهذا الأمر يقودهم لانتقاذ واقع الفوضى الكبيرة وسوء التسيير والتجاوزات الصارخة، التي ترتكب في بعض العيادات، التي تشتغل تحت يافطة المؤسسات العمومية للصحة الجوارية، ونقابة الدكتور الياس مرابط وغيرها من نقابات القطاع تعرف ذلك، إذ ترى هذه النقابات، أنه لا يعقل أن تظل هذه الإدارات الطبية تعبث بأموال وزارة الصحة، وهي في واقعها لا علاقة لها، لا من قريب ولا من بعيد بتسيير المؤسسات الصحية، وليس لها أي تكوين في ذلك، والأمثلة على ذلك كثيرة، ولا نتصور أن وزير الصحة الذي هو حريص أشد الحرص على الدفع بالقطاع خطوات إلى الأمام يرضى باستمرار هذا الوضع عما هو عليه الآن.