ُوشك الإضراب الوطني الذي يخوضه الأطباء العامون، والأخصائيون، والصيادلة، وجراحو الأسنان على بلوغ الثلاثة أشهر بالنسبة لنقابة ممارسي الصحة العمومية، وشهر وعشرة أيام بالنسبة للأخصائيين، ورغم طول هذه المدة في أعراف الإضرابات، والتفاقم المتواصل لمعاناة المرضى، والأضرار، والمضاعفات الصحية الخطير التي تلحق بهم يوما بعد آخر، بفعل الانقطاع عن الفحص والعلاج والمتابعة، وإجراء العمليات الجراحية، وغيرها، وللأسف حتى الآن لا يوجد ما يوحي أن هناك جهة من الجهات الرسمية مهتمة فعلا، بالأوضاع الكارثية المترتبة عن هذا الإضراب المتواصل. رغم مضي شهرين وثلاثة وعشرين يوما حتى الآن، عن إضراب الأطباء العامين، والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان، الذي تؤطره نقابة الدكتور الياس مرابط ، وشهر وتسعة أيام عن إضراب أخصايي الصحة العمومية، الذي تؤطره نقابة الدكتور محمد يوسفي، فإنه حتى هذه اللحظة لا يوجد هناك ما يوحي أن هناك جهة رسمية مهتمة اهتماما نظريا وعمليا بهذا الإضراب الوطني، الذي بدأه ممارسو الصحة العمومية متقطعا، يوم 23 نوفمبر الماضي، بثلاثة أيام لكل أسبوع، وتواصل لمدة شهر كامل، ثم تطوّر ، أمام عدم استجابة السلطات العمومية المعنية للمطالب المهنية الاجتماعية المرفوعة، إلى إضراب وطني مفتوح، بداية من 21 ديسمبر، وقد انضمّ إليه أخصائيّو الصحة العمومية. حتى هذه اللحظة، الإضراب الوطني المفتوح متواصلا، وقد سجل طوال المدة المنقضية منه استجابة أزيد من 80 بالمائة، من جميع ممارسي الصحة العمومية، وهي استجابة واسعة، وقوية. وما يلفت الانتباه هنا أن هذه الأسلاك الطبية المضربة، هي في إضراب متواصل، وغير متقطع منذ 4 جانفي المنصرم، وإضرابها هذا تسبب في خلق عدد لا يُحصى ولا يُعد من المشاكل والمضاعفات المعقدة والصعبة والخطيرة، للكثير من المرضى، وهو الأمر الذي ضاعف من متاعب أهاليهم. وتضرّر بالدرجة الأولى من هذا الإضراب، الذي زادت مدته عن الحد الإنساني المعقول أولئك المرضى، الذين هم مداومين وفق أيام ومواعيد، على المتابعة في الفحص والعلاج، وإجراء التحاليل الطبية، والأشعة، وغيرها بالمستشفيات والهياكل الصحية الأخرى، عبر الوطن، وكم من مريض هو اليوم يُكابد مرضه، ويترقب بفارغ الصبر وقف هذا الإضراب، وعودة ممارسي الصحة العمومية المضربين للسهر على مداواته وعلاجه. ومهما يقال في هذا الباب، فإن اللوم الأكبر في نظر المرضى يقع على السلطات العمومية المعنية، التي وقفت عاجزة، مشدوهة إلى ما يجري، وكأن الأمر لا يعنيها لا من قريب ولا من بعيد لحل الاشكالات المطروحة أمام المطالب، التي يرى أصحابها أنها مطالب قانونية ومشروعة. وعوض أن تُسارع السلطات العمومية إلى وضع اليد على مكامن الضرر، الذي يتحدث عنه عمال القطاع المضربون، ها هي كالعادة لجأت إلى ممارسة نوع من التهديد المبطن، والتخوين، والخصم من الأجور، وإلصاق بعض التهم المعهودة، التي هم يجزمون أنهم أبرياء منها، وهذه المرة كان صاحبها الأول الوزير الأول أحمد أويحي، الذي نفى عنهم مشروعية مطالبهم، واتهمهم بالتحرك وفق إملاءات أطراف أخرى، وهو نفسه، وفق ما يعلم الجميع، الذي أصرّ في بداية الأمر على الوقوف، ضد تطبيق نظام المنح والتعويضات بأثر رجعي، حتى قبل أن يُشرع في النقاش حوله. واليوم وبعد كل هذه المدة من الاحتجاج المتواصل، فإن جميع ممارسي الصحة العمومية مقتنعين من أن مطالبهم الحالية تجاوزت حدود وزير الصحة، وأن محاولات الإبقاء على ممثليهم النقابيين في حوار مع هذا الأخير، هو مضيعة للوقت، وسيناريو مطبوخ منذ البدء من قبل الوزير الأول، والجهات النافدة الأخرى، وهذا هو الأمر الذي حتّم على نقابتي الدكتور محمد يوسفي للأخصائيين، والدكتور الياس مرابط لممارسي الصحة العمومية مقاطعة الاجتماعين الأخيرين، اللذين دعت إليهما الأسبوع الماضي وزارة الصحة، المتعلقين أساسا بنظام المنح، وقال هذان الأخيران أن ممارسي الصحة العمومية تجاوزوا حدود الحوار العادي والتباحث والنقاش مع وزارة الصحة، قبل الدخول في الإضراب، أما الآن وبعد أن قطعوا مدة هامة فيه، قاربت في مجموعها الثلاثة أشهر بشكل متواصل، فهم لا يرضون مثلما قالوا إلا بحوار المصالحة والتفاوض الجاد والمسؤول، بحضور أطراف رسمية أخرى معنية، وفق ما نصت عليه قوانين الجمهورية، المُسيرة للحركات الاحتجاجية والإضرابات. ومقرر أن ينشط نهار اليوم الدكتور يوسفي، والدكتور مرابط ندوة صحفية، يُقيّمان فيها مسار الإضراب، ويكشفان عن كافة ملابساته، بما فيها الموقف الحالي من وزارة الصحة، والوزارة الأولى، وينتظر أن يؤكدا من جديد على تمسك ممارسي الصحة العمومية بمواصلة الإضراب، واستكمال تنظيم التجمعين المقررين، أمام قصر الحكومة الأربعاء المقبل، وأمام ر مقر رئاسة الجمهورية الأربعاء، الذي يليه.