نشرت صحيفة »الغارديان« البريطانية تقريرًا أشارت فيه إلى أن إسرائيل اعترفت أخيرًا بسرقة أعضاء بشرية تعود لشهداء فلسطينيين ولمواطنين إسرائيليين وعمال أجانب. وجاء الاعتراف على لسان مدير معهد الطب الشرعي الإسرائيلي السابق يهودا هيس الذي أقر بانتزاع أعضاء بشرية من فلسطينيين موتى دون موافقة ذويهم. وأوضحت مصادر فلسطينية أن اعترافات المسؤول الإسرائيلي هي عبارة عن تسجيل كانت قد حصلت عليه بروفسورة أمريكية قبل عدة سنوات. ونقل عن فيلم وثائقي بثته القناة الثانية الإسرائيلية أن البروفسورة الأمريكية قررت نشر تلك الاعترافات بعد أن سمعت بما كتبه الصحفي السويدي دونالد بوستروم قبل عدة أشهر حول سرقة القوات الإسرائيلية لأعضاء بشرية من شهداء فلسطينيين. وجاء في تصريحات هيس أن الأعضاء التي نزعت من جثث فلسطينيين وجنود ومدنيين إسرائيليين وعمال أجانب هي قطع جلدية وقرنيات عين وصمامات قلب وعظام. وقال النائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي (البرلمان الإسرائيلي) في حديث صحفي إنه أثار الموضوع منذ عدة سنوات وإن هناك محاولات للتستر. وأشار الطيبي إلى أنه قدم استجوابا لوزير الصحة الإسرائيلي لمعرفة هوية الجثث التي تعرضت لعمليات نزع أعضاء وأنه سيواصل التحرك برلمانيا حول تلك القضية. وكانت حكومة تسيير الأعمال برام أعلنت في نهاية سبتمبر الماضي تشكيلها لجنة لمتابعة ملف »سرقة الأعضاء« من قبل الإسرائيليين، مؤكدة أنه وعلى ضوء نتائج عمل هذه اللجنة، ستتخذ السلطة الفلسطينية مواقفها قبيل التحرك على مختلف الأصعدة الدولية والحقوقية. وقال عمر الغول مستشار رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض إن إعطاء هذا الملف الاهتمام مجددا يدل على استشعار القيادة الفلسطينية أهمية كشف جريمة جديدة من جرائم الاحتلال، وأكد أن التجارة بالأعضاء البشرية »دليل آخر على المنحى الفاشي الذي يشق طريقه بقوة داخل الوسط الإسرائيلي«. وأوضح أن موضوع سرقة الأعضاء لم يحظ بالاهتمام الكامل من كل الأطراف الفلسطينية وليس طرفا بعينه، ودعا لإبقائه على رأس جدول أعمال القيادة الفلسطينية والجهات المختصة. ورفض الغول اعتبار تشكيل اللجنة تبريرا لدور الحكومة في متابعة مثل هذه الملفات والقضايا، وقال إن هناك أمورا تستدعي من الجميع أن يرتقي لمستوى المسؤولية الوطنية لمتابعة الملف، لا سيما أن التجارة تتم بأعضاء بشرية فلسطينية. وأضاف أن التبرير والاعتذار ينبغي فقط أن يقدم للشهداء وذويهم، ودعا السلطة الفلسطينية للقيام بواجبها، »باستمرار التمحيص عبر المحافل والمنابر الدولية ذات الصلة لتعرية إسرائيل وتقديم الجهات المسؤولة فيها لمحكمة الجنايات الدولية«. وكان القادة الإسرائيليون تسابقوا في مهاجمة مقال نشرته إحدى الصحف السويدية الشهر الماضي واتهمت فيه الجيش الإسرائيلي بالمشاركة في عملية سرقة أعضاء بعض الفلسطينيين, فشتتوا بذلك التركيز على الدعاوى المثيرة للقلق التي تقدمت بها عائلات فلسطينية في هذا الصدد والتي كانت هي محور اتهامات المقال المذكور. وتمكن الإسرائيليون من جعل إدعاءات »فرية الدم« التي وجهت ضد الصحفي دونالد بوستروم وصحيفة أفتون بلاديت بل والشعب السويدي وحكومة بلاده تطغى على إصرار تلك العائلات على أن أعضاء بعض أقاربهم ممن قتلهم الجيش الإسرائيلي قد سرقت أثناء تشريح غير مرخص به لجثثهم. واعتقد الصحفي البريطاني المقيم في الناصرة جوناثان كوك إن الأمل ضئيل في العثور على أدلة عن هذه القضية بعد سنوات عديدة من وقوعها إلا في حال نبش قبور الفلسطينيين. ولا شك أن تهم معاداة السامية التي لا بد من توجيهها في حالة نشر مثل هذه التقارير مثلت هي الأخرى رادعا قويا حال دون إثارة القضية. ويبدو أن حساسية إسرائيل من تهم سرقة الأعضاء –أو »الحصاد« كما يسمي كثير من المراقبين بخجل هذه الممارسة- طغت على الهموم المبررة لتلك العائلات بشأن الاستغلال وإساءة المعاملة التي ربما تعرض لها أحبتهم. يلقي مقال بوستروم الضوء على حالة فلسطيني واحد هو بلال أحمد, البالغ من العمر 19 عاما وهو من قرية إمَتين في شمال الضفة الغربية وقد قتل عام 1992 وأرفق الصحفي بالمقال صورة مروعة لجثة بلال وقد ملئت غرزا. وذكر بوستروم بالفعل لوسائل الإعلام الإسرائيلية أنه يعرف ما لا يقل عن عشرين عائلة فلسطينية تقول إن جثث ذويها التي أعيدت لها كانت تنقصها بعض الأعضاء, غير أنه لم يذكر إن كان أي من الحوادث التي تحدثت عنها تلك الأسر قد وقعت في الآونة الأخيرة. ويكشف بوستروم أن الجيش الإسرائيلي اعترف له بأنه أخذ 69 جثة للتشريح من أصل 133 فلسطينيا لقوا حتفهم عام 1992 نتيجة أسباب غير اعتيادية, ولم ينكر الجيش الإسرائيلي هذه الجزئية من تقريره.