ما يستلفت الأنظار في السنوات الأخيرة آفة اجتماعية وسلوكية صارت مرضا عندنا وكادت تتحوّل إلى وباء دون أن تلتفت إليها منظمة الصحة العالمية الغارقة في المستوى الخامس أو الرابع مع أنفلوانزا الخنازير، ودون أن تبحث له عن لقاح. لدينا عيب مسّ مختلف الأوساط والجماعات دون تمييز هو الحسد والنميمة، فتجد الناس يتحدثون بصوت مرتفع ويطلقون أحكاما على ظواهر معينة أو أناس معينين بحدة وثقة جازمة حازمة ويصبغون حكمهم بالقسم بالله ربّ العالمين لتأكيد أحكامهم.. تراهم وتسمع بهم في كل الأماكن والأندية..في الساحات وعلى قارعة الطريق..يرفعون أصواتهم فوق أي صوت مغاير، ويحلفون بالله أن فلانا كذا وأنه كذا وكذا.. في غالب المرات لا تجد ما تقوله لأن رجلا كهذا لا يعطيك الفرصة لتثبت له أنه مخطئ وأن معلوماته غير دقيقة وأن حكمه قاس..وأكثر من ذلك قد يقول لك بازدراء: »روح..روح..أنت ما تعرفوش..أنت ماعلابالك بوالو..« المشكلة أن معظم هذه الأحكام حاقدة حقّا، فهي تنمّ كلها عن سوء النية وخبث النفس الحاقدة التي تقذف سمعة الناس وتلوّث أسماءهم، وهي تصريحات وأحكام تصم الآخرين في الغالب بما ليس فيهم أو تزايد على أخطائهم البشرية.. إنك إذا عمّقت نظرك في هذا القيل والقال والقصف المتعمّد لأخلاق الناس وتصرفاتهم تخرج بنتيجة واحدة هي »الحسد«..هو التفسير الواحد لغيرة مرضية »تنطّّق« الإنسان من »جنابو« فيرمي غيره بكذا وكذا من سوء الأعمال والتصرفات.. هو التفسير الوحيد الذي يجعل مثل هذا الشخص يكره الآخرين لنجاحهم ويعادي المتفوقين في كل مناحي الحياة ولا يجد إلاّ »النباح« على المتفوقين في حياتهم العملية أو الهانئين في حياتهم الأسرية والاجتماعية.. هو وباء تمني زوال النعمة عن الآخرين مع كل الكراهية الممكنة وبكل الحقد الدفين وبكل الرغبات السوداوية.. أصبحت الظاهرة وباء ملأ حياتنا السياسية والرياضية والعلمية والثقافية.. حسدا من عند أنفسهم ولا تفسير غيره.. عزّ الممتنّون والمهللون وكثُر الحاقدون وأزلامهم الفاشلون في ظاهرة تكاد تصبح صفة جزائرية خالصة في كل المستويات. ! أما بعد: وإذا أتتك مذمتي من ناقص فتلك الشهادة لي بأني كامل