استنكر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عودة النزاعات التغييرات غير الدستورية في القارة الإفريقية خلال العامين الأخيرين بالرغم من إقراره بالتقدّم الحاصل في هذا المجال منذ »إعلان الجزائر« في العام 1999، حيث وصف عودة هذه الظاهرة ب »التطوّر الخطير الذي يضرّ بقارتنا«، ودعا الشركاء الأفارقة بموجب ذلك إلى تقديم مزيد من الدعم لإعادة الاستقرار لبعض المناطق وخصّ بالذكر للسودان حتى يتخطى المرحلة المصيرية التي يمرّ بها حاليا، فيما قال عن الوضع في الصومال بأنه معقّد ويستدعي مجهودا خاصة بالنظر إلى تشعّب الأزمة. مبعوثنا إلى أديس أبابا: ع.طاهير لم يتوان رئيس الجمهورية في التأكيد بأن تسوية بعض حالات النزاع في إفريقيا يتطلب إيلاء عناية خاصة لتمكين هذه البلدان من تجاوز المرحلة الانتقالية بنجاح مثلما هو الحال بالنسبة إلى كوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى وبورندي وليبيريا وجزر القمر، واعتبر مثل هذه الخطوة عاملا كفيلا لوقايتها من معاودة الوقوع في النزاعات، مستندا في مقاربته إلى أن الاستقرار الحاصل حاليا في هذه البلدان يبقى هشّا رغم أهميته، وبالتالي »فمن الأهمية بمكان أن نرافقها وندعمها في خطط إعادة بنائها وتنميتها في مرحلة ما بعد النزاع..«. وقال الرئيس بوتفليقة في كلمة له أمس خلال أشغال قمة للاتحاد الإفريقي حول قضايا السلم، إنه بالرغم من الخطوات التي قطعتها القارة منذ »إعلان الجزائر« في جويلية 1999 الذي يدين التغييرات غير الدستورية للحكومات »فإن الظاهرة هذه عادت إلى واجهة الأحداث خلال السنتين الماضيتين، ولنا في الأزمة المثيرة للقلق في غينيا دلالة على مثل هذا التطوّر الخطير على قارتنا والمضرّ بها«، ولذلك أكد أنه لا بد أن يكون موقف الأفارقة حازما مع مثل هذه الانحرافات إلى درجة لا يمكن فيها التنازل عن نصوص الاتحاد الإفريقي التي تسوغ كيفية التعامل مع مثل هذه الأوضاع، دون أن يغفل الإشارة إلى الجهود التي يبذلها الرئيس »بليز كومباوري« للتعجيل بالخروج من الأزمة. وكانت الأزمة الصومالية أهم ما شدّ رئيس الجمهورية في كلمته، وقد أفاد في هذا الإطار بأن هذه الأزمة »لا يمكن اختزالها في مجرّد مسألة قرصنة بحرية ناجمة في واقع الحال عن خلو هذا البلد من سلطة وطنية«، وبعد تأكيده ترحيب الجزائر بجهود الأممالمتحدة من خلال القرار 1904 الذي يجرّم دفع الفدية فإن بوتفليقة أوضح أنه بات من المستعجل إرسال الفيالق المتبقية من البعثة الإفريقية إلى الصومال وإنجاز ما تبقى من الوعود التي أطلقت في »ندوة بروكسل«، ورأى في هذه الخطوات عاملا من شأنه تعزيز قدرات المؤسسات الصومالية ودعم الإستراتيجية الشاملة للخروج من الأزمة وإعادة هيبة الدولة. وأعطى رئيس الدولة نفس القدر من الاهتمام عندما أثار الوضع السودان، حيث دعا الاتحاد الإفريقي إلى تقديم يد العون للسودانيين حتى يتخطّوا ما أسماه »هذه المرحلة الدقيقة من تاريخهم«، منتقدا في المقابل عدم استجابة مجلس الأمن الدولي لنداءات القارة الإفريقية بتعليق الأمر بالتوقيف الصادر من المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس عمر البشير، كما أشار إلى أن تقرير المجموعة رفيعة المستوى حول دارفور والتوصيات التي تضمّنها في أبوجا »يشكّل في نظرنا إطارا متناسقا وموثوقا لتسوية شاملة لهذه الأزمة بما في ذلك مسألة انتهاك حقوق الإنسان الحسّاسة«. وواصل بوتفلقية مؤكدا وقوف الجزائر الدائم إلى جانب السودان، وهو ما بدا واضحا من خلال قوله: »إنه ينبغي تقديم كافة المساعدات الضرورية للحكومة السودانية من إجل إنجاح الانتخابات العامة المقرّرة بحر أشهر قليلية، والاستفتاء المقرّر جانفي المقبل«، ليضيف مخاطبا أطراف النزاع في هذا البلد »وباقتراب هذا الاستحقاق الذي سيقرّر مصير جنوب السودان، يتعيّن على الأطراف السودانية والمجموعة الدولية، وبالخصوص الاتحاد الإفريقي، ألا يدّخروا جهدا في سبيل ترقية خيار وحدة السودان مثلما هو مكرّس في اتفاق السلم الشامل«. وعلى صعيد آخر أشاد رئيس الجمهورية بالتسوية التي حصلت بين السودان والتشاد من خلال توقيع اتفاق تهدئة استجابة لنداء إفريقيا، مثلما ثمّن عودة النظام الدستوري في موريتانيا على أمل أن يتحقق ذلك في غينيا، دون أن يفوته التذكير بنجاح قمة طرابلس الأخيرة حول النزااع في إفريقيا انطلاقا من التعهّدات التي تمت، مجدّدا عزم الجزائر »المضي قدما بالإسهام في المجهود الجماعي المتوخي تسوية هذه الأوضاع«، ليضيف بأن إعلان 2010 »سنة للسلم« يعدّ بمثابة حافز إضافي باعث على تحقيق تقدّم كبير في هذا المجال.