حذر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من تفشي ظاهرة تغيير الحكومات بطريقة غير دستورية التي شهدتها القارة الإفريقية مؤخرا وقال إنها تحمل بالفعل في طياتها أخطارا تحيق ببناء دولة الحق والقانون وتهديدات على سيادة الدول واستقرارها، ومن هذا المنطلق جدد رسميا دعوته للجزائر من أجل بذل كل ما أمكن في سبيل سلم لا رجعة فيه يعم القارة الإفريقية، وفي سياق حديثه عن النزاعات التي تشهدها القارة السمراء قال الرئيس إن المطالبة بمحاكمة حسن البشير تشكل ولا ريب زيغا في ممارسة القانون الدولي. ألقى عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية أمس بأديس أبابا كلمة باسم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة خلال أشغال الدورة العادية ال 12 لندوة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي. واستهل رئيس الجمهورية خطابه هذا بالقول إن دراسة التقرير المقدم حول نشاطات مجلس السلم والأمن تستوقفنا بشأن عدد من حالات النزاع والأزمات التي ما تزال قائمة رغم الجهود الموصولة المبذولة للنهوض بمسارات الحوار السياسي بين مختلف الأطراف، فالبرغم من التقدم المعتبر المسجل في مسار السلم بجنوب السودان أصبح الوضع في هذا البلد منذ بضع سنوات مبعثا على الانشغال بسبب الأزمة القائمة في قسمه الغربي أي في دارفور. وفي سياق متصل أكد بوتفليقة أن استمرار هذه الأزمة يشكل تحديا كبيرا بالنسبة لهذه المنظمة الإفريقية بما يدعو إلى مضاعفة الجهود حتى يتسنى للمنظمة أداء واجبها القيادي كاملا في البحث عن حل للنزاع من خلال ترقية حوار هادئ وصريح بين الإخوة السودانيين، وقال "نبقى على يقين من أن الشروع في مسار مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام شامل في دارفور يظل السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة". وأضاف الرئيس موضحا أن مطالبة وكيل محكمة الجنايات الدولية بمحاكمة الرئيس حسن البشير تشكل ولا ريب زيغا في ممارسة القانون الدولي، وهو زيغ لا يمكن القبول به خاصة وأنه يشكل التجلي الأمثل لسياسة الكيل بمكيالين مقارنة بالصمت المتواطئ في بعض الأحيان الذي يستفيد منه مجرمو الحرب الحقيقيون في سعيهم الرهيب المبيت لإبادة الشعب الفلسطيني. ففي هذا الظرف لفت الصمت فجأة الالتزام والحماس اللذين يسارع إلى إبدائهما الوعاظ فاسحين المجال للفظاعة المنقولة على المباشر عبر قنوات الأقمار الصناعية. وبعد حديثه عن الوضع في السودان انتقل الرئيس على الملف الصومالي، حيث قال إن التطورات الأخيرة التي شهدها الوضع في الصومال تستوقفنا على أكثر من صعيد، فبعد مرور سنتين على تنصيب بعثة الاتحاد الإفريقي إلى الصومال عرفت المسألة الصومالية تطورات إيجابية وواعدة عقب الشروع في الحوار الصومالي في مايو 2008 بجيبوتي وتوقيع اتفاق بين الحكومة الفدرالية الانتقالية والتحالف من أجل إعادة تحرير الصومال في 9 يونيو 2008. كما انتقد بوتفليقة في خطابه تغيير الحكومات بطريقة غير دستورية التي شهدتها إفريقيا مؤخرا وقال إنها تحمل بالفعل في طياتها أخطارا تحيق ببناء دولة الحق والقانون وتهديدات على سيادة الدول واستقرارها. ومن هذا المنطلق أكد أنه ينبغي لإفريقيا التي أكدت وجددت التأكيد على موقفها المبدئي الرافض لأي تغيير غير دستوري للحكومات مستندة إلى قرارات قمة الجزائر المنعقدة في 1999 وقمة لومي المنعقدة في 2000 أن تقحم نفسها في إعادة النظام الدستوري حتى تتحقق الغلبة للإرادة الشعبية. ولبلوغ ذلك -يؤكد الرئيس- ينبغي لزاما تطبيق القرارات التاريخية المتخذة في قمة الجزائر وقمة لومي بعدها بحذافيرها ودونما استثناء حفاظا على مصداقيتنا، وردد قائلا "اسمحوا لي أن أ زجي من هذا المنبر التحية لكافة الإخوة الأفارقة الذين استنفدوا كنوزا من الطاقة والإبداع والمثابرة في سبيل الإسهام بوسائل محدودة لكن بإرادة لا يشق لها غبار في مسارات تسوية النزاعات والأزمات التي تلم بقارتنا، وبهذا الشأن فقد أثبت مجلس السلم والأمن الذي تشرفت الجزائر برئاسته الشهر المنصرم مرة أخرى صلاحيته ووجاهته وفائدته في كل مسعى يهدف إلى اتقاء النزاعات وإدارتها وتسويتها. وجدد بوتفليقة دعوتة للجزائر إلى بذل كل ما أمكن في سبيل سلم لا رجعة فيه يعم قارتنا كلها بفضل النوايا الطيبة لهؤلاء أن تتم المحادثات الجارية بين مختلف الأطراف المتنازعة في كافة بؤر الأزمات من السودان إلى الصومال إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى مواقع أخرى في إفريقيا في جو تسوده روح المصالحة الأخوية والحس بفضائل الحوار والتفاهم والاحترام المتبادل وفوق ذلك روح المسؤولية في سبيل إعادة السلم والاستقرار إلى ربوع إفريقيا مجددا.