التلفزيون الجزائري لا يقول كلمة عن إضراب الأطباء رغم أنه حدث ملأ الدنيا وشغل الناس، والغريب أن التلفزيون كان في كل مرة يرسل الصحافيين والمصورين لتغطية الندوات الصحافية لممثلي النقابة، واحتجاجات الأطباء لكنه لا يبث منها شيئا، وربما اعتقد المسؤولون عن التلفزيون، أو من يسيرون هذه المؤسسة من خارجها، أن التعتيم لا يزال ممكنا في هذا العصر. قبل أيام كان رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني، وهو ثالث ثلاثة في التحالف الرئاسي، قد عبر عن رفضه، رغم أن موقفه لا يزن مثقال ذرة لدى من بيدهم الأمر، لفتح مجال الإعلام السمعي البصري، والذين يتخذون نفس الموقف عليهم أن يناضلوا اليوم من أجل توفير الخدمة العمومية في التلفزيون لتبرير هذا الجنوح إلى الأحادية والديكتاتورية في عصر ثورة الاتصال، وما فعله التلفزيون مع إضراب الأطباء يريق ما بقي لدعاة الأحادية من ماء الوجه. إذا كانت هناك تبريرات سياسية لمنع التعددية والمنافسة في مجال الإذاعة والتلفزيون فلا يمكن أبدا تبرير منع المهنية والخدمة العمومية، لأن المؤسسة ليست ملكا للحكومة أو الرئاسة، ومن حق المواطنين، والأطباء منهم، أن يستعملوا هذه الوسيلة الإعلامية لتمرير وجهة نظرهم وإيصال صوتهم إلى الرأي العام، ولا أحد بإمكانه الادعاء أن إضراب الأطباء يشكل تهديدا لأمن الدولة واستقرار المجتمع، ولا أحد بوسعه القول إن ما تفعله هذه النخبة يمكن أن يشوه سمعة الجزائر في الخارج. التلفزيون الذي كان الوحيد، بين تلفزيونات العرب، الذي دفع عشرة ملايين دولار لشراء حقوق بث مقابلات كأس إفريقيا، قبل أن تقرر قناة الجزيرة الرياضية بث المقابلات على قناة مفتوحة، يثبت اليوم أن دوره لا يتعدى إلهاء الناس عن القضايا الجادة من خلال التركيز على كرة القدم، وعلى بث كل ما هو رديء، وهو يثبت بأنه ليس تلفزيون الجزائر والجزائريين، بل هو تلفزيون الحكومة التي تستغله كما تشاء، وهي لا تستعمله أبدا لتقديم الخدمة الإعلامية للمواطن، رغم أن هذا المواطن هو الذي يمول هذه المؤسسة ويدفع رواتب عمالها ومسؤوليها من جيبه.