السمعي البصري على مائدة المنتجين في منتدى الشروق/ تصوير:عبد الحفيظ بوفدش لا نجوم في الجزائر والممثل الجزائري يسأل عن الأجر قبل الدور الشروق تصالح بين سوق الحاج لخضر وجمعي فاميلي اغتنم الفاعلون في مجال الإنتاج السمعي البصري فرصة استضافة فوروم "الشروق" لهم، ليجهروا بمشاكلهم التي لا تعد ولا تحصى، فهم كثر والزبون، الذي هو التلفزيون الجزائري واحد. * * وفي جو من النقاش الساخن أجمعوا على أن هذا الحقل "الملغم" يعاني من وضعية كارثية تحتاج إلى مخطط إنعاش سريع، وبأن سببها الأول أبواب التلفزيون الموصدة على النقاش والحوار، وهو ما أدى إلى تقهقر مستوى المنتوج سنة بعد أخرى، ليبقى المشاهد الجزائري هو الضحية، حيث جاء رمضان لهذا العام ليؤكد لها أن الإنتاج التلفزيوني الجزائري ماهو إلا "بريكولاج" يحرض على تطليق اليتيمة بالثلاث. وفي نهاية المنتدى أطلق المنتجون صرخة طالبوا من خلال مدير التلفزيون الجزائري عبد القادر العولمي بلقاء عاجل. * * دعوة لإنعاش قطاع السمعي البصري على غرار القطاعات الأخرى * إجماع على ضرورة فتح مجال السمعي البصري والمطالبة بسياسة إنتاج واضحة * أكد منتجو قطاع السمعي البصري على ضرورة فتح المجال السمعي البصري لمحاربة الرداءة التي تتربص بالإنتاج الوطني، حتى لا تتمركز عملية الانتاج بالتلفزيون الوطني الذي احتكر الانتاج وكرس مبدأ الكمية على حساب النوعية، وعليه رفع ضيوف منتدى الشروق دعوة لإنعاش قطاع السمعي البصري مثل مختلف القطاعات. * رحبت المخرجة باية الهاشمي بشدة بفكرة فتح مجال السمعي البصري، وقالت "لا يمكن أن يستمر الانتاج في ظل الزبون الواحد، وفتح مجال السمعي البصري أمر ضروري، حتى نحارب الرداءة التي تتربص بأعمالنا، ونطالب بالزيادة في الميزانية المرصودة لأعمالنا والتي لم تتغير قيمتها منذ سنوات، إلا أن هناك إرادة سياسية تتجاوزنا لبلوغ هدفنا والعودة إلى مجد الفن الجزائري". * ودق المخرج المخضرم أحمد راشدي ناقوس الخطر إزاء الوضعية التي آل إليها الانتاج في الجزائر، خاصة بعدما غير عدد من المخرجين مسارهم المهني وتوجهوا للإنتاج، وهذا ما سيؤدي إلى انحطاط الأعمال، وأضاف راشدي "من حقنا التدخل والإشتراط في قيمة الميزانية لإنجاز أعمالنا الفنية، سواء أكان دراما أم سينما لأن الإمكانيات متوفرة ودعم المجال السمعي البصري قليل جدا مقارنة بالقطاعات الأخرى". كما ناشد الممثل حكيم دكار السلطات المعنية بالثقافة بضرورة التدخل وانعاش قطاع السمعي البصري مثل قطاعي الفلاحة والصناعة. * ومن جهته، قال المخرج محمود زموري أنه رفع يده من التلفزيون الوطني ولا تهمه هذه القناة على الإطلاق، ويأتي هذا القرار الخارج عن العادة بعدما اشترت منه سبعة أفلام ولم تعرض إلا واحدا منها، كما قامت ببتر نصف ساعة كاملة من الفيلم، وأفقدته روحه وقيمته الفنية. وفي ذات السياق، دعا المنتج لخضر بوخرص إلى ضرورة انتهاج سياسة إنتاج واضحة ونقابة حتى تسير عملية الانتاج في قانونية. * أما المخرج جعفر قاسم فاعتبر قضية خوصصة قطاع السمعي البصري إجبارا، للحد من جملة المشاكل التي تعيق المخرج والمنتج لإنجاز عمله، أبرزها التأجير وهو الهاجس الذي يؤرق صناع الفن، وأردف قائلا: "قضية فتح مجال السمعي البصري أمر حتمي في ظل النقائص التي نعاني منها أثناء تصوير أعمالنا، ولكن المشكل الذي يطرح نفسه الآن هو هل نحن قادرون على تغطية البث أو لا؟، خاصة في ظل تزايد عدد القنوات والتي بلغت خمس قنوات، هذا من جهة ومن جهة لا يمكننا المرور دون الحديث عن مشكل الإيجار، حيث جزء كبير من الميزانية المخصصة للعمل، تذهب في تأجير المكان الذي تتم فيه عملية التصوير وغيرها من الأمور التي تعطل عملية التصوير، فلو عندنا مدينة الانتاج أو مكان معين لتصوير أعمالنا لكان الأمر أسهل". * * المنتجون يفتحون النار على دائرتي البرمجة والإنتاج * "التلفزيون الجزائري أعطى الأولية للإنتاج العربي والومضات الإشهارية" * خرج منتجو السمعي البصري في الجزائر عن صمتهم في منتدى الشروق وفتحوا النار على مديرية البرمجة والإنتاج بالتلفزيون الوطني المعروفتين، حسبهم، بسياسة المفاضلة و"المعرفة" وإقصاء منتوج على حساب آخر لأغراض شخصية، خاصة بعدما أعطت الأولية للإنتاج العربي وبثه في أوقات الذروة وهمشت الانتاج الوطني، الذي أضحى مثل "زلابية" رمضان، إضافة إلى الومضات الإشهارية التي أضحت هي لوحدها مسلسلا وأخذت حصة الأسد من البث. * وفي هذا الإطار، أبرز الممثل الفكاهي حكيم دكار أهمية الإشهار في الترويج بالأعمال، وهي الحلقة المفقودة في سياسة التلفزيون، مؤكدا أن الخلل لم يكن في البرمجة في حد ذاتها، وإنما في عدم الإشهار بتلك الأعمال، وفي ذات السياق دعا دكار المنتجين إلى ضرورة المطالبة بالإشهار لمنتجاتهم من خلال عرض مقتطفات منها عبر التلفزيون قبل رمضان بوقت معتبر، مع وضع لوحات إشهارية في الشوارع للتعريف بتلك الأعمال. * أما المخرج جعفر قاسم فتحدث عن الومضات الإشهارية التي أخذت حصة الأسد من البث في رمضان، حيث استمتع المتفرج الجزائري وشاهد تلك الومضات أكثر من الأعمال التي أنتجت خصيصا لهذا الشهر الكريم الذي تكثر فيه المشاهدة على مختلف برامج التلفزة الوطنية، كما أن الخلط في توقيت البرامج أحدث خللا في ذهن المتفرج الذي تعوّد في رمضان على برنامج معين طوال السنوات الماضية، "ولكن وللأسف الشديد لا يمكنني الحديث عن البرمجة، لأنه وبكل بساطة شئنا أم أبينا التلفزيون هو المنتج الوحيد في مجال السمعي البصري في الجزائر، وإن قلت عكس ذلك فسأقصى من دعم البقرة المريضة اللي نحلبوا منها"، يضيف قاسم. * فيما أشاد لخضر بوخرص بمديرية البرمجة التي بذلت، حسبه، جهودا كبيرة لإرضاء المنتج والمتفرج على حد سواء، ودعا المنتجين إلى عدم الكلام عن البرمجة وإنما العمل على إضعاف الإنتاج الذي بلغ هذا العام ما يقارب 16 عملا. * ومن جهتها، فتحت المخرجة باية الهاشمي النار على مديرية البرمجة التي لم تعلم المتفرجين بتغيير توقيت عرض مسلسلها "القلادة"، وهي القطرة التي أفاضت كأس غضبها، "لقد استغربت كثيرا من طريقة تعامل التلفزيون الجزائري مع الإنتاج الوطني، وكأنه يقصد تهميشه وذلك ما حدث لعملي، بعدما غيّروا توقيت بثه في اليوم الأول والثاني من عيد الفطر المبارك، نظرا لعدم عرضه ليلة القدر، إذ لم يكلف القائمون على البرمجة أنفسهم للإشارة إلى تغيّر توقيت بثه ولو بإشهار بسيط، حتى اتصل بي بعض الأصدقاء والمتتبعين للعمل ليسألوني عن سبب عدم بث الحلقات الباقية من المسلسل، لأنه كان من المفروض على الأقل أن يتصلوا بالمنتج لإعلامه بالتغيّر الذي طرأ على توقيت العمل، وهذا ما لا يتقبله العقل"، تقول الهاشمي. * * كشفوا عن وجود عجز فادح في كتاب السيناريو * "بإمكان كل شخص مبدع يتمتع بالخيال أن يتحوّل إلى سيناريست" * أكد المخرج أحمد راشدي أن الإنتاج السمعي البصري في الجزائر ليس بحاجة إلى نصوص وإنما هو بحاجة إلى كفاءات متمكنة من ترجمة النصوص الأدبية التي لا تنقصنا في الجزائر وأن روائيينا وأدباءنا تركوا لنا ما نستثمر فيه من نصوص. وأضاف أن عدم وجود مدارس متخصصة في تكوين كتاب سيناريو أكفاء ليس حاجزا يعرقل مسيرة الإنتاج والسينما الجزائرية. فقديما-حسب راشدي- كان المخرجون الجزائريون يموّلون السينما بجهدهم، حيث كانت في الجزائر قاعات سينما تضمن دخلا متواصالا يستغل في إنتاج أعمال أخرى. * ومن جهته قال جعفر قاسم أن تدني مستوى السيناريو في الجزائر أثر بشكل كبير على الإنتاج الدرامي الجزائري باعتبار أن السيناريو هو هيكل الإنتاج، مضيفا أن السيناريو إبداع وتخيل وهذا لن يتشكل لدى المبدع الحقيقي إذا لم يتحل بروح حب المطالعة وقراءة الكتب والروايات والقصص إلى أن تتكوّن لديه قاعدة في الخيال الفني، لأن لغة الخشب أو اللغة الإدارية لا تنفع في الإبداع الثقافي، ولغة الكم -يضيف- لا تقدم شيئا وإنما الكيف هو الذي يقدم إنتاجا متميزا إبداعيا. * وأضاف صاحب جمعي فاميلي "يجب على كاتب السيناريو أن يكون متتبعا لكل الأحداث على اختلافها وأن يعمل بالتنسيق مع المخرج والمنتج، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ما يبث على القنوات العربية الأخرى ليس بالأمر المستحيل على المخرجين والمنتجين الجزائريين في حال توفرت الشروط الضرورية لذلك. * أما المخرجة باية الهاشمي فقد ركزت على أهمية بلورة النصوص وتنقيحها على الطريقة التي يراها المخرج مناسبة، وهذا ما يعارضه كتاب السيناريو الذين يصرون على بقاء النص المقدم كما هو وأن حرية التصرف فيه تعد اعتداء على حقه. ملمحة في الوقت ذاته إلى ضرورة تخصيص ميزانية لتغطية المراحل التي لابد أن تمر عليها النصوص المقترحة ليتم تطويرها وتأهيلها قبل البدء في تجسيدها بالصوت والصورة. * ومن جهته تحدث حكيم دكار عن الجدار الفاصل بين السيناريست والمواضيع التي يجب أن تستهلك حاليا، لأن مجتمعنا -يضيف - تفتح على مواضيع حساسة وشائكة لا بد من اختراقها اليوم، وإلا فلن تخرج الدراما الجزائرية عن الخيط الواحد الذي تمسك به وسيظل جهاز التحكم التلفزيوني البديل لجمهور ملّ من الرداءة ومن النصوص التقليدية وهو بحاجة اليوم إلى قنوات تعالج همومه سواء كانت سياسية، نفسية أو اجتماعية. * ومن جهته تحدث بوخرص عن المعاناة التي يواجهها المنتج في البحث عن كاتب سيناريو جيد، وحتى وإن وجد فيلزمك بعدم التصرف في نصه، كما يطلبون أجورا خيالية يعجز المنتج عن دفعها". ولم يستطع امتلاك نفسه وراح يخاطب المخرجة باية الهاشمي التي كانت قد أبدت رأيها للشروق عن رداءة بعض الأعمال الرمضانية قائلا:"لما لا تكتبين لي سناريو". * * المخرج أحمد راشدي: * متى تدعم الدولة الإنتاج السمعي البصري مثل دعمها للإنتاج الفلاحي * قال المخرج أحمد راشدي أنا في تحد كبير أمام العدد الهائل للقنوات الفضائية التي تنقل إلينا صورا عن عادات وتقاليد وديانات بلغات مختلفة: "إذا لم نفرض اليوم جزءا من إنتاجنا عليها، سنبقى مجرد مستهلكين نغرق في الرداءة شيئا فشيئا، وإذا قارنا أنفسنا ببلدان المغرب العربي مثلا نجد تونس تخصص ميزانية ثقيلة للإنتاج السمعي البصري ونحن في الجزائر لا نعرف حتى الميزانية التي تخصصها الدولة سنويا للإنتاج. وإذا لم تضاعف هذه الميزانية سيبقى كلامنا مجرد حبر على ورق، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل هناك إرادة عند الدولة لدعم الإنتاج الثقافي عامة مثلما تفعل مع القطاع الفلاحي". * * جعفر قاسم يطالب بمدينة للإنتاج ويصرح: * "مبنى شارع الشهداء توقف عن إنتاج الكفاءات التقنية" * "اضطررت إلى تهديم البيت الذي بنيته في مخزن بعد انتهاء عملية تصوير "جمعي فاميلي2" لإعادة المخزن إلى مالكه وهذا أمر مؤسف حقا أن يتعب المنتج في إيجاد مكان لائق للتصوير يدفع مقابله الكثير من المال أكثر حتى من الرقم الذي يضعه التلفزيون في أحيان كثيرة، ثم يهدم عن كامله. نحن بحاجة إلى مدينة إنتاج تلم شملنا وتجنبنا الإحراجات في الشارع ونحن بحاجة أيضا إلى التعاون فيما بيننا ومد يد المساعدة من خلال تبادل الكاميرات مثلا. هذا وعلينا التطرق بجدية لموضوع التكوين، لأن غيابه يدفعنا دفعا إلى الاستعانة بالخبرات الأجنبية، ويؤسفني أن أقول وأنا ابن التلفزيون أن التكوين غائب وألا خبرات مؤهلة تتخرج من مبنى شارع الشهداء في السنوات الأخيرة"، و أضاف في نفس الصدد "فكرت في إنشاء مدرسة تكوينية خاصة بإشراك خبرات أجنبية، لأنني اتألم حقا عندما لا أجد سكريبت محترف متمكن من قواعد مهمة السكريبت". * * تحدث عن القرصنة، لخضر بوخرص يصرح: * "اشتريت أعمالي مقرصنة لأهديها لأصدقائي" * "قبل بث الجزء الأول من عمارة الحاج لخضر بالتلفزيون، أعلنت عن طرح العمل في سيديهات، وبعدها بمدة توجهت إلى برج بوعريريج، وهناك تفاجأت لما وجدت السيديه يباع في المحلات وتم وضع صورتي بالقندورة على الغلاف، فقمت بشراء عدد منها وقدمتها إلى أصدقائي الذين طلبوا مني مشاهدة العمارة قبل عرضها في التلفزيون، وهكذا كانت حكايتي مع القرصنة التي يعاني منها أغلب المنتجين"، وفي سياق متصل، كشف بوخرص عن إعلان عرض على مستوى مؤسسة التلفزيون شهر نوفمبر المقبل، يتمثل في إقتراح ثلاثة أعمال في الدراما والفكاهة والحصص، وذلك من أجل تكثيف ودعم الانتاج الوطني". * * اقتراحات عملية * - فتح قطاع السمعي البصري للخواص بعد إعداد سياسة واضحة، وفي هذا قال راشدي "أخشى ما أخشاه أن يفتح القطاع لنجد أنفسنا في مواجهة 5 قنوات متطرفة و5 يمتلكها رجل أعمال واحد". * - منح الاستقلالية المالية للقنوات الخمس الموجودة. * - فتح المجال أمام الخواص للاستفادة من التكوين المستمر تحت إشراف التلفزيون وبالاستعانة بخبرات أجنبية. * - تسهيل الإجراءات الإدارية والمالية في التعامل مع الأعمال المقترحة. * - تكتل المنتجين في نقابة تتحدث باسمهم وترفع مطالبهم. * - إنشاء مدينة للإنتاج الإعلامي، كما هو معمول به في كل الدول المحترمة والتساؤل عن مصير مشروع زرالدة. * - طلب لقاء عاجل مع مدير عام التلفزيون، وهنا علق جعفر قاسم فقال "كارثة السمعي البصري تتطلب لقاء مع رئيس الجمهورية". * * سلم أجور مؤسسة التلفزيون مجرد حبر على ورق * "لا نجوم في الجزائر والممثل الجزائري يسأل عن الأجر قبل أن يسأل عن الدور" * كان الاختلاف كبيرا حول وجود ظاهرة "النجومية" من عدمها في الجزائر، حيث رفض جعفر قاسم الاعتراف بها أصلا في ظل غياب معالمها المرتبطة، حسبه، ارتباطا وثيقا بالوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الفنان وغياب قانون يضمن حقوقه. فهو يرى بأن هذا الأخير "كان ولا يزال وسيبقى حائلا دون حصول الوسط الفني الجزائري على بيئة خاصة به، وسيظل تائها بين ظروف معيشته المتدهورة في أغلب الأحيان وبين شعبيته وتبعات كونه شخصية عمومية لها جمهورها". وأضاف "أنا شخصيا لا أعترف بوجود نجوم في الجزائر، لأن النجومية مرتبطة بما يمكن أن يذره الفنان على المنتج من أموال، وهذا غير موجود عندنا"، واستنكر مخرج "الجمعي فاميلي" كون "الممثل الجزائري يسأل عن الأجر قبل أن يسأل عن الدور". * أما لخضر بوخرص فأكد تقيده كمنتج بسلم أجور الفنانين الموجود على الأنترنت والخاص بمؤسسة التلفزيون "مع فارق أن الأبطال الرئيسيين مكفول لهم التفاوض حول حقوقهم المادية". بينما نفى أحمد راشدي نفيا قاطعا التقيّد بسلم أجور ثابت للفنانين الجزائريين سواء في السينما أو في التلفزيون، مؤكدا على أن جل الفنانين يتقاضون أجورهم حسب الرواج والشهرة. * واستنكر مخرج "الطاحونة" غياب الميكانيزمات الفنية المهنية التي كانت موجودة سابقا قائلا : "لا وجود لسلم أجور في الساحة الفنية الجزائرية ولا يقبل أي فنان مهما كان مشواره التعامل بسلم الأجور الذي يتعامل به التلفزيون مع المنتجين. كنا في السابق نعتمد على آليات مهنية بحتة دون إهمال قياس نسبة المشاهدة، بل واعتبار النسبة مؤشرا للمواصلة، أما اليوم فإن إنجاز فيلم أو مسلسل يعد في حد ذاته معجزة حقيقية". * ويتفق محمود زموري مع راشدي في كون "أجر الفنان هو تحصيل حاصل لمدى شعبيته وهو من يفرضه وسلم الأجور مجرد شكليات لا يحترمها أي منتج لأنها غير منطقية وعليه فإن العقد عادة ما يكون مخالفا لمضمون سلم الأجور المنشور على الأنترنت". وهي الفكرة التي ذهبت إليها باية الهاشمي حين استنكرت تصرفات بعض المنتجين "الدخلاء" الذين يرفعون سقف الأجور "ضاربين عرض الحائط بزملائهم ممن لا يملكون إمكانيات، وهو الشيء الذي يحفز الفنان على التمرد وطلب شروط مالية تعجيزية تحرم المشاهد من إطلالته"، قبل أن تضيف "احترام المنتجين لسلم الأجور الموضوع منذ سنوات من طرف أشخاص بعيدين كل البعد عن واقع الإنتاج السمعي البصري في الجزائر فهذا أقرب إلى المستحيل، لأن أي فنان يطلب ما يرى أنه مستحقاته ونسعى في حدود المعقول إلى التفاوض معه". * أما حكيم دكار فسلم بغياب بورصة فنية في الجزائر وأرجع السبب إلى غياب وسط فني منظم ومحترف لا يملك حتى نقابة تمثله وتدافع عن حقوقه وتنظم عمله "فنجد الممثل الذي يلعب دور البطولة يقبل لعب دور ثانوي في مسلسل آخر وشوائب أخرى تمنعنا من التقدم إلى الأمام". * * نصاب بالعجز المالي في كل إنتاج * التلفزيون دائما ينقص 50 بالمائة من فواتير التكلفة * قال المنتج والممثل لخضر بوخرص أن المنتج التلفزيوني يبدأ بفكرة مقترحة من كاتب السيناريو أو من قبل المنتج، تتحول إلى نص متكامل مكتوب قابل للترجمة بالصورة والصوت، يضعه المنتج بين يدي لجنة القراءة بالتلفزيون، التي تعتبر الهيأة المخولة لإعلان قبوله أو رفضه. وفي حالة القبول يطلب من المنتج وضع فاتورة الكلفة المالية للإنتاج، والتي تحتوي على كل المصاريف منذ بداية العمل إلى نهايته. * وأضاف حكيم دكار أن المرحلة التي تلي الموافقة على الفاتورة، وهي التنفيذ، حيث يبدأ المنتج في العمل، وعادة ما يكون مرهقا لكون المنتج يستعمل علاقاته الشخصية فيما تعلق باستغلال أماكن التصوير في ظل غياب مدينة للإنتاج الإعلامي، أو استديوهات مؤهلة لاحتضان الإنتاج. وأضاف أن المنتج لايستفيد من التمويل المالي من التلفزيون مرة واحدة، بل يجزأ، ومع الإجراءات الإدارية يتأثر بالكثير من العراقيل، ما يدعو المنتج إلى استغلال كل ما لديه من مال حتى يفي بكل التكاليف. * وأضافت باية الهاشمي "نستغرق وقتا طويلا لنتقاضى حقوقنا، حتى نصاب بعجز مالي يؤثر على ما ننتجه من أعمال، خاصة في ظل عدم وجود موارد أخرى للمنتج والمخرج على حد سواء". أما جعفر قاسم فقد أكد أن سير الإنتاج التلفزيوني يمر بمراحل صعبة، حيث لا توجد مرونة في التصرف في ميزانية الإنتاج من قبل التلفزيون، حيث أن تقاضي الأقساط على مراحل يجعلنا نبذل جهدا أكبر من الجهد الذي نبذله في الإبداع لنوفر شروطا جيدة للإنتاج. * * مصطفى كاديك مستشار مدير عام التلفزيون ل "الشروق": * "سنكثف الإنتاج هذه السنة لكن بنفس الميزانية" * أكد مستشار المدير العام للتلفزيون مصطفى كاديك في اتصال مع الشروق أن التلفزيون الجزائري لا يمكن أن يخرج عن برنامج رئيس الجمهورية، وأن التلفزيون الجزائري سيتخذ إجراءات جديدة لدعم الانتاج دون أن يخرج عن الالتزامات التي سطرتها الدولة بناء على دفتر شروط محدد، وأن كل هذا سيتم بنفس الميزانية التي خصصت له العام الماضي. * وأضاف كاديك أن هناك تواصل دائم مع وزارة الاتصال لإعادة النظر في المنهجية القديمة وتغيير الأساليب التي كان يتعامل بها مع المنتجين الجزائريين لتلبية احتياجات المشاهد الجزائري الثقافية والفنية، وإعادة النظر في حقوق المنتجين وطريقة التعامل معهم، وأضاف "إن من أهم النقاط التي درستها المديرية العامة للتلفزيون هي إعادة النظر في منهجية العمل والتركيز على المرونة والشفافية والنوعية بعيدا عن السياسة التفضيلية، وبإتباع القوانين المعروفة". * وتعقيبا على ما صدر عن بعض المنتجين الجزائريين بإعطاء أولوية للبرامج الأجنبية دون المحلية قال كاديك أنه لا يوجد تلفزيون في العالم ينغلق على نفسه بالإنتاج المحلي باعتبار أن التلفزيون الجزائري مؤسسة عمومية. وأضاف كاديك بأن تطبيق الميكانيزمات الجديدة سيتم هذه الأيام، وسيدخل التلفزيون في اتصال مع المنتجين الجزائريين لوضعهم في الصورة الجديدة التي سيتبناها التلفزيون خلال الأيام القليلة القادمة، بعدما أجمع معظمهم على وجود سلبيات ونقائص لابد من تغطيتها والقضاء عليها بعدما توّسعت دائرة القنوات التلفزيونية الجزائرية إلى 5 قنوات تحتاج إلى إنتاج برامج مكثفة وذات نوعية. * * دافعوا عن إشراك سبونسور في الإنتاج.. ضيوف المنتدى بالإجماع * "لا حل ينقذنا غير نقابة تحمينا ومدينة إنتاج تأوينا" * أجمع المنتجون والمخرجون المشاركون في ندوة الشروق حول "واقع وآفاق الإنتاج التلفزيوني في الجزائر" على ضرورة الإسراع في وضع اللبنات الأولى لنقابة فنية تلم شملهم وتدافع عن حقوقهم وتنظم مهنتهم وتحميها مما أسموه "الطفيليين" وقرروا النزول بالمقترح إلى أرض الواقع قريبا وتجسيده رسميا لبداية عهد فني جديد تسوده الاحترافية. هذا وعبروا عن حاجتهم الماسة إلى مدينة إنتاج تساعدهم على المضي قدما والنهوض بالقطاع، لأنها ستسهل المهمة وتختزل المسافة والوقت مما يعود -حسبهم - بالفائدة ويثمر إستراتيجية إنتاجية واضحة المعالم لا تركز على المناسباتية وتجعل من رمضان شهر الإنتاج ولا يسعها لضيق الوقت الاطلاع على الأعمال المقدمة. * نقطة أخرى تطرقلها جميع الحاضرين وتتمثل في ضرورة إشراك "السبونسور" في الإنتاج والسماح بأن يكون شريكا، لأن كثرة الإسهامات المالية ستوفر الميزانية اللازمة ومن ثمة تضمن النوعية، لأن الاشتغال على الكم -حسبهم- هو أهم أسباب رداءة الإنتاج التلفزيوني الوطني. * * باية الهاشمي * "أنا لست ضد العاملين في التلفزة الوطنية وإنما ضد قوانينها" * عبّرت المخرجة باية الهاشمي عن تذمرها الشديد من المعايير التي اتخذتها مديرية البرمجة على مستوى التلفزة الوطنية لإختيار توقيت بث البرامج الرمضانية، وذهبت الهاشمي بالقول:"استغربت كثيرا من طريقة تعامل دائرة البرمجة مع الإنتاج الوطني، خاصة بعدما برمجت المسلسل المصري الذي يبث عبر مختلف الفضائيات العربية وقت الذروة، في حين حصرت المسلسلات الوطنية في أوقات لا يمكن للجمهور تتبعها، وكأنه يتعمد في ذلك خلق قطيعة بين المتفرج والبرامج الوطنية، علما أن شهر رمضان هو الفترة الوحيدة التي تجتمع فيه العائلات الجزائرية أمام "اليتيمة"، إلا أن سياسة دائرة البرمجة حرمت المتفرج من نكهة البرامج الرمضانية وأرغمته على "الزابينغ"، وهذا لا يعني أنني بصدد التهجم على العاملين بالتلفزة الوطنية وإنما أنا ضد القوانين التي تقوم عليها هذه الهيئة"، تضيف الهاشمي. * * زموري يروي ما حدث لأفلامه السبعة في التلفزيون * "مسؤولو القطاع ليسوا أقوياء وإنما نحن الضعفاء" * استنكر المخرج محمود زموري طريقة تعامل التلفزيون الجزائري واستغرب تصرفات مسؤولي بعض الدوائر قائلا "قطعت كل علاقاتي بهذه المؤسسة لأن تعاملها يبعث على الاستغراب والدهشة في الوقت نفسه، خاصة بعدما أقدموا عليه منذ سنوات، حيث اشتروا منه سبعة أفلام، ولم يبث غير فيلم واحد حذفوا منه نصف ساعة". هذا وخاطب زموري المنتجين الحاضرين متسائلا عن رضوخهم لشروط التلفزيون دون أي رفض أو رد فعل جماعي من شأنه تغيير مجرى الأمور خاصة وأن مبرر ضعفهم هو وجود قناة وحيدة يتيمة قد تحرمهم في حال تمردهم من العمل وهو الشيء الذي زاد الطينة بلة -حسبه- ودعاهم إلى التكتل وإنشاء نقابة تحميهم في أقرب الآجال مثلما هو الأمر في كل دول العالم. * * عبر عن امتعاضه من سياسة الانتاج بالتلفزيون، حكيم دكار يصرح: * "أنا ممتعض من سياسة الإنتاج بالتلفزيون" * استهجن الممثل الفكاهي حكيم دكار طريقة تعامل مديرية الانتاج على مستوى التلفزة الوطنية، مشيرا في ذلك إلى السلسلة الفكاهية "أشواك المدينة" التي انتهى من تصوير مشاهدها بنسبة 70 بالمائة ولم يأخذ أي مقابل من التلفزيون باعتباره منتج العمل، إلا أنني أصررت على إكماله حبا في الفن، وحتى يرى عملي النور وننعش الانتاج السمعي البصري"، يصرح دكار. * * باية الهاشمي تستنكر بيع التلفزيون لعملها دون علمها: * "أرفض أن يعرض مسلسلي على أكثر من قناة بنفس العقد" * "تفاجات باتصال من قناة عربية تخبرني أن فيلمي قد تم شراؤه من التلفزيون الجزائري، هذا الأخير لا يعلمنا حتى عندما يقرر بيعه للقنوات الأخرى. هذا وأعرج إلى نقطة أخرى لا تقل أهمية وتتمثل في عرض نفس المسلسل على عدة قنوات أو ترجمته لعرضه على الأمازيغية مثلا، هذه كلها إجراءات إضافية لم ينص عليها عقد العمل. نشجع هذا الانفتاح مبدئيا في انتظار فتحه للخواص ولكن على أن تستقل كل قناة ماليا وتكون لها إدارتها الخاصة بها". * * ياسين بن جملين: * "أفرج عن أعمالي يا تلفزيون" * "ولجت عالم الإنتاج مؤخرا وقدمت فيلم "فقط من أجل الضحك"، ومنذ ذلك الحين وأنا انتظر، وقدمت حاليا مجموعة من المشاريع إلى التلفزيون وأنتظر أن يفرج عنها، وعلى التلفزيون الجزائري أن يشجع المواهب الجديدة والأفكار الخلاقة لتطوير فكرة العمل وولوج الإنتاج السينمائي ومنح الثقة للكفاءات والأعمال المحلية، لأن دخول عالم الإنتاج ليس بالأمر الهين، خاصة وان التلفزيون اليوم انفتح على تعدد القنوات، مما يستوجب إنتاجا مكثفا، وعلينا أن ننتج لأبنائنا ولغير أبنائنا لتتحول محطاتنا الفضائية إلى قطب للفضاء السمعي البصري ونلتحق بركب الإنتاج العربي". * * أصداء * * أكد المخرج أحمد راشدي أن كاتب السيناريو له دور فاعل في نجاح أي عمل درامي مستدلا بقول ايليا كازو "السيناريو ثم السيناريو ثم السينايو، وإذا استطعت تلخيص السيناريو في ثلاث كلمات فإنك كاتب سيناريو ناجح". * * أوصى المخرج أحمد راشدي الجهات المعنية بضرورة الاهتمام بالمجال الثقافي والسينمائي خاصة قائلا: "الدولة الجزائرية تخصص 100 ألف مليار لدعم القطاع الفلاحي، فلو خصصت 0.1 من هذا الدعم إلى القطاع الثقافي لخرجنا من الرداءة وصنعنا مكانا بين الفضائيات العربية الأخرى". * * نظرات أحمد راشدي كانت تبعث بدلالات بعيدة وخاصة ابتسامته التي كان يظهر بها من الحين إلى آخر وكأنه يريد ان يقول "رانا نغيطو باطل" لكن بالرغم من اقتناعه ربما بأن الوضع لن يتغير كثيرا عما هم عليه الآن اذا تغير، الا انه لم يشأ ان يبخل علينا بتصريحاته واقتراحاته المستقبلية خاصة عندما راح ينصح المنتجين بالصبر وإعطاء أمثلة عن "شارلي شابلين" الذي نجحت اعماله بعد وفاته بزمن ويوسف شاهين الذي قال "شرف لي اني افلست 12 منتجا". * * مخرج جمعي فاميلي لم يتردد لحظة في رفع طلب الى رئيس الجمهورية للتدخل وإنعاش الانتاج السمعي البصري في الجزائر، حتى وان رأى لخضر بوخرس ان الطلب هذا غريب بعض الشيء لكنه ألح على ذلك وساندته المخرجة باية الهاشمي وكانت ثقتهم برئيس الجمهورية كبيرة. * * الاختلاف لم يفسد للود قضية، فرغم اختلاف وجهات النظر واحتدام النقاش إلا أن الجميع تصافح وأخذ صورة جماعية تذكارية مع صحفيي الشروق وافترقوا مبتسمين آملين الاجتماع في ظروف إنتاجية أحسن. * * أخطأت باية الهاشمي في نطق "ليلة القدر" والتي نطقتها "ليلة القرد" ما جعل الحضور في القاعة ينهمك في ضحك مسترسل إلا أن باية لم تعر الجميع انتباها وصححت الكلمة مواصلة الحديث دون توقف أو إحراج. * * لم يكتف لخضر بوخرص بإبداء إعجابه بقسم البرمجة ولكنه استمات في الدفاع عنه ولم يتوقف عن ذكر الأعذار وسرد الحجج حتى خيم السكوت في القاعة. * * أعلن جعفر قاسم تخوفه من ذكر قسم الإنتاج أو البرمجة بسوء وقالها صراحة ولكنه لم يتحفظ في استقراء واقع الإنتاج في الجزائر مستدلا بتأخر مشروع فيلمه الجديد الذي قال "رفضت المغامرة بسمعتي واحترافية أعمالي بميزانية لا تذكر". * * لم يتمكن لخضر بوخرص من إخفاء ولائه للتلفزيون الوطني، حيث راح يشيد بالبرمجة التي استهجنها عدد من المنتجين والمخرجين شهر رمضان المعظم، ولكن هذا الأمر غير مستبعد، خاصة وأن عمله "سوق الحاج لخضر" برمج في وقت الذروة، وكان من الطبيعي جدا أن يمدح و"يشيّت" للتلفزيون الذي أعطاه الأولوية، كما أنه لم يفك عن الحديث عن ال16 عملا الذي تم إنتاجه رمضان هذا العام، وهو ما اعتبره انجازا حقيقا في تاريخ الإنتاج السمعي البصري في الجزائر.