دخل الأطباء العامون والأخصائيون في الصحة العمومية، والصيادلة، وجراحو الأسنان المضربون منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر، في الأيام الأخيرة على وجه الخصوص، في حالة كبيرة من الإحباط والتدمر من وضعية «ستاتيكو» التي هم عليها في هذا الإضراب، وقد تضاعفت حالتهم هذه بشكل كبير عقب التصريحات الأخيرة التي أظهرها الوزير الأول أحمد أويحي، وسايره في بعضها وزير الصحة السعيد بركات، ومن منطلق رغبة أغلبيتهم في العودة إلى السير الطبيعي للقطاع، وضجرهم من هذه الحالة التي هم عليها، من حكومة يقولون عنها أنها لا ترى ولا تسمع، وترفض أن تجاريهم في مطالبهم المشروعة، حتى ولو بما قل ودل منها، وهذا ما يُؤرقهم أكثر، ويزيدهم إحباطا على إحباط. أغلبية الأطباء العامين والأخصائيين، والصيادلة، وجراحي الأسنان،المضربين كانوا يتصورون أن تستجيب السلطات العمومية لمطالبهم المهنية الاجتماعية المرفوعة، أو لبعض منها على الأقل، على أبعد تقدير في اجتماعات الصلح التي باشرها وزير الصحة، في المدة الأخيرة مع نقابتي ممارسي الصحة العمومية، وأخصائيي الصحة العمومية، أغلبيتهم كانوا يعتقدون أن استقبال ممثليهم من قبل رئاسة الجمهورية، والوعد الذي قدمته لهم هذه الأخيرة، إلى جانب وعود الجهات الرسمية الأخرى، قد تجنّبهم في أقرب وقت من مشقة التواصل في الحالة المحيّرة التي هم عليها، منذ أكثر من ثلاثة أشهر. ومثلما يعلم الجميع، لا شيء تحقق حتى الآن من كل هذه الاتصالات ، التي خُصّوا بها. ورغم أن استقبالهم من قبل رئاسة الجمهورية مضى عليه حتى الآن أكثر عشرة أيام، إلا أنهم وبغض النظر عن التصريحات الزجرية، النارية التي أدلى بها بشأنهم الوزير الأول أحمد أويحي، وسايرهُ فيها وزير الصحة السعيد بركات، إلا أنهم مازالوا يعلّقون آمالا كبرى على هذا الاستقبال، ويمنُون أنفسهم بتدخل منصف، من قبل رئيس الجمهورية، وهذا بالنسبة إلى القيادات النقابية، وجميع ممارسي الصحة العمومية، هو الأمل الوحيد، الذي يعتقدون أنه سيُجنّبهم من حالة تعفن محتملة، أو من تعرضهم لنفس الحالة التي تعرض لها المعلمون والأساتذة. ما عدا هذا، كل ممارسي الصحة العمومية يعتقدون أن تواصل حيّاد الرئاسة، وانفراد الوزير الأول بهم عبر الإجراءات التطبيقية للهجة التي تحدّث بها معهم، سوف تُغرقهم في وضع من الضغوطات والإكراهات الإدارية المختلفة، بما فيها الخصم من الأجور، التي يطالبون برفعها، وتُدخلهم في صراعات كبيرة مع مديرياتهم، وهو الأمر الذي يؤثر سلبا على علاقات العمل، وينقص من التركيز، والفعالية المطلوبة في أداء الخدمات الصحية، وإذا ما اشتدت الضغوط على ممارسي الصحة العمومية المضربين، وعلى قياداتهم النقابية، فإن فريقا كبيرا منهم هدّد من الآن بالتخلي عن أداء الخدمات الصحية، التي يؤدونها حاليا، ذلك أنهم مثلما قال الدكتور محمد يوسفي، والياس مرابط ، رئيسا النقابتين المؤطرتين للإضراب يقومون بها بمبادرة منهم، ومن تلقاء أنفسهم، وهي وفق ما ينص عليه القانون 9002 ، في الأصل تتمّ عن طريق اتفاق يّوقع بين الوزارة الوصية ، التي هي وزارة الصحة، والنقابات المضربة، الممثلة للعمال، وممارسو الصحة المضربين هم حتى هذه اللحظة يقومون تقريبا بالأغلبية الساحقة من الخدمات الصحية بالمستشفيات والعيادات والهياكل الصحية الأخرى، يقومون وفق تأكيدات مصادر طبية متنوعة عبر الوطن بإجراء الفحوص الطبية للمرضى المصابين بالأمراض المزمنة، والمرضى المسنين والعجزة، والمرضى من الأطفال، والنساء الحوامل، وطبعا كل الحالات الاستعجالية. وحسب هؤلاء الذين تقربت منهم «صوت الأحرار»، فإنه لم يبق خارج الخدمات الصحية الجارية في عزّ الإضراب، من قبل المضربين إلا الشهادات الطبية الخاصة بالملفات الإدارية، كملفات شهادات السياقة، وملفات العمل، وقد يكون هذا السبب هو الذي جعل السلطات العمومية ووزارة الصحة لا تشعر بكبير التأثير والتعطيل للسريان الطبيعي للخدمات الصحية، ومثلما قال بعضهم، فهذه الخدمات العمومية التي نؤديها للمرضى في عزّ الإضراب هي نعمة، يستفيد منها المرضى، ولكنها في نفس الوقت بالنسبة إلينا هي نقطة ضعف كبيرة مضرة بإضرابنا، الذي نهدف من ورائه إلى الضغط على السلطات العمومية، من أجل تحقيق مطالبنا المشروعة، التي هي أيضا تصب عموما في مصلحة المريض.